تحول البرلماني المثير للجدل بهاء الدين طليبة إلى واحد من أشهر الشخصيات بالجزائر خلال الأيام الأخيرة، على خلفية اتهامات نقلها الناشط السعيد بن سديرة على لسانه، موجهة لنائب وزير الدفاع ورئيس الأركان، أحمد قايد صالح، وأبنائه.
وكان طليبة من بين المدافعين عن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إلى غاية الساعات الأخيرة التي سبقت مغادرته الحكم، كما كان من الذين روجوا بشكل باكر لعهدته الرئاسية الخامسة.
لكن مع انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي، سقطت كل الحسابات التي وضعها ابن مدينة وادي سوف، وأضحى من أكثر النواب تعرضا للانتقاد من طرف قطاع واسع من الجزائريين، لدرجة أن بعض المحتجين قاموا بطرده من أحد الأنشطة الرسمية بولاية عنابة.
وتصف العديد من الأوساط بهاء الدين طليبة بأنه أحد "أقوى رجال المال والسياسة" في الجزائر بالنظر إلى المكانة التي احتلها داخل المجلس الشعبي الوطني عندما عُيّن نائبا لرئيسه، أو من خلال المشاريع الاستثمارية التي استفاد منها في وقت قياسي.
فمن يكون بهاء الدين طليبة؟
بين المال والسياسة
لم يكن بهاء الدين طليبة معروفا بشكل كبير في الساحة الوطنية، باستثناء مدينته وادي سوف التي دخل من خلالها عالم السياسة لأول مرة عندما ترشح في قوائم حزب جبهة التحرير الوطني للعضوية في المجلس الشعبي الوطني في الانتخابات المحلية لسنة 2002.
وكانت هذه المرحلة نقطة تحول أساسية في حياة بهاء الدين طليبة، حيث استثمرها في نسج العديد من العلاقات مع مسؤولين محليين ومركزيين بحزب "الأفلان"، قبل أن تأتي سنة 2012 ويقرر الترشح باسمه في الانتخابات البرلمانية، إلا أنه لم ينجح في الحصول على تزكية من قيادة الحزب.
ولم يشكل ذلك حاجزا أمام طليبة، فقد ترشح في الاستحقاقات ذاتها، لكن من ولاية أخرى، وتحت غطاء حزب سياسي آخر غير معروف لدى عامة الجزائريين.
طليبة قصد هذه المرة ولاية عنابة، بشرق الجزائر، التي أمضى بها جزءا من حياته، وقرر الترشح عبرها إلى البرلمان من خلال حزب "الجبهة الوطنية الديمقراطية"، وتمكن من ضمان مقعد في المجلس الشعبي الوطني، الغرفة التشريعية السفلى بالبرلمان الجزائري.
لقاء الكبار في العاصمة
فتحت التجربة البرلمانية الجديدة باب الصعود السريع لطليبة، فقرر الانفصال عن الحزب الذي ترشح باسمه، والعودة إلى حزبه القديم، جبهة التحرير الوطني، مباشرة بعد وصوله إلى قبة البرلمان.
في سنة 2013، شهدت الجزائر تزايد القلق في المشهد السياسي بعد الوعكة الصحية التي تعرض لها الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، وتحول الأمر إلى نقاش للعديد من الأطراف السياسية وحتى البرلمانيين الذين شككوا في استحالة بقاء بوتفليقة على رأس السلطة.
أما طليبة فكان، رفقة نواب آخرين، من أشد المدافعين عن الرئيس السابق ودائرة الحكم المحيطة به، ولم يمنعه ذلك حتى من إطلاق تصريحات نارية في حق مدير جهاز المخابرات الأسبق اللواء محمد مدين، بعدما عُزل من منصبه.
استمر طليبة طوال هذه الفترة في توسيع شبكة علاقاته مع مختلف المسؤولين الفاعلين في المشهد السياسي وداخل أروقة السلطة، قبل أن يتم انتخابه نائبا لرئيس المجلس الشعبي الوطني أواخر سنة 2015، وهي الخطوة التي أثارت جدلا في الساحة السياسية.
ومقابل هذا النشاط السياسي والحزبي، كان البرلماني بهاء الدين طليبة يدير مجموعة من المشاريع الاقتصادية، خاصة بمنطقة الشرق الجزائري، باسم مجموعة من الشركات ومكتب دراسات.
السقوط والاختفاء
بعد رحيل أغلب المسؤولين المحسوبين على الرئيس السابق عن السلطة، وإيداع بعضهم الحبس، أصبح اسم بهاء الدين طليبة في قائمة الشخصيات المطلوبة من قبل العدالة الجزائرية.
وقد صادق البرلمان، منذ حوالي أسبوع، على تجريده من الحصانة البرلمانية تحضيرا لمثوله أمام القضاء في تهمة لم يفصح عن طبيعتها لحد الساعة.
وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر معرفة تفاصيل دقيقة عن التهم الموجهة إليه، تفاجأ جمهور واسع من الجزائريين بخبر عدم تمكن مصالح الأمن الجزائرية من تحديد مكان تواجده في الوقت الذي تشير فيه أطراف أخرى إلى إمكانية أن يكون قد غادر الوطن.
كما أكدت وسائل إعلام جزائرية أن طليبة لم يمثل بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة، اليوم الخميس، خلافا لما كان مقررا بناء على استدعاء وجه له سابقا.
وتزامنا مع ذلك، برز اسم بهاء الدين طليبة وسط ضجة جديدة أثارتها تصريحات الناشط السياسي والإعلامي السعيد بن سديرة، انطلاقا من العاصمة البريطانية لندن، ضد نائب وزير الدفاع الوطني، تمت الإشارة إلى أن مصدرها طليبة نفسه.
وتنطلق هذه الاتهامات من معطيات ووثائق تمت الإشارة إلى أن طليبة يحوزها، تتهم أبناء قايد صالح بالفساد.
المصدر: أصوات مغاربية