أثار تعاقد مرشح الرئاسيات في تونس، نبيل القروي، مع شركة لوبيات كندية تُدعى "ديكنز آند ماديسون" Dickens & Madison، جدلا كبيرا في تونس، إذ وصلت المبالغ التي دفعها القروي للشركة إلى مليون دولار أميركي.
ومنذ أن نشر موقع "المونيتر"، الأربعاء، العقد الذي يربط الطرفين، لم يتوقف السجال السياسي في الشبكات الاجتماعية بتونس، إذ نص العقد على أن "الشركة ستمارس ضغوطا على حكومات الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى بغرض وصول نبيل القروي إلى رئاسة الجمهورية التونسية".
ونُشرت الوثيقة في موقع وزارة العدل الأميركية، تطبيقا لـ"قانون تسجيل الوكلاء الأجانب" (فارا)، الذي يُلزم جماعات الضغط على التسجيل لدى السلطات.
بنود العقد
وقع العقد آري بن ميناش عن شركة "ديكنز آند ماديسون"، وشخص يُدعى محمد بودربالة نيابة عن رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي.
وجاء العقد، الذي تضمن اسم القروي، في ثماني صفحات، ضمت شروط التعاقد، بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها الشركة للقروي مقابل الحصول على مليون دولار.
وأكد العقد، الموقع في 19 أغسطس الماضي، أنه "بموجب هذا العقد تضغط الشركة على مؤسسات حكومات الولايات المتحدة والاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وأي دولة أو دول أخرى متفق عليها بشكل متبادل، إلى جانب المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية على النحو المتفق عليه، وكذلك تقديم خدمات أخرى مثل المساعدة في وضع وتنفيذ سياسات مفيدة للتنمية في تونس ومساعدة (القروي) للوصول إلى رئاسة الجمهورية التونسية".
وتابع: "سوف نسعى جاهدين لترتيب لقاءات مع فخامة الرئيس دونالد ترامب وكبار المسؤولين الآخرين في الولايات المتحدة قبل الانتخابات الرئاسية في 15 سبتمبر 2019. سنسعى جاهدين لترتيب لقاء مع رئيس الاتحاد الروسي خلال هذه الفترة الزمنية أيضا، وسنعمل بجهد خلال الفترة نفسها للحصول على الدعم للوصول إلى الرئاسة" لصالح نبيل القروي.
وأضاف العقد أنه بعد وصول القروي إلى الرئاسة، "سنسعى جاهدين لترتيب الدعم الكامل والاستثمارات من الشركات الأميركية" لفائدة الاقتصاد التونسي.
ومقابل هذه الخدمات ومباشرة بعد التوقيع على العقد، "يدفع القروي للشركة مبلغ مليون دولار أميركي عن طريق التحويل البنكي إلى حساب الشركة".
ردود فعل حزبية
وقد تقدّم حزب التيار الديمقراطي في شخص أمينه العام، محمّد عبّو، اليوم الخميس، بما سماه "إعلام بجريمة" إلى وكيل الجمهوريّة بالمحكمة الابتدائية بتونس بخصوص تعاقد رئيس حزب قلب تونس والمرشّح للرئاسيّات نبيل القروي مع "مؤسسات إشهار ووساطة أجنبية"، وفق ما أكّده القيادى غازي الشواشي.
وقال الشواشي لوكالة الأنباء التونسية إن "الدعم يشمل الدعم المادي والاستخباراتي وفيه اعتداء على أمن تونس الداخلي والتخابر مع أطراف أجنبية"، مضيفا أنّ "ما قام به رئيس قلب تونس وفي علاقة بالانتخابات يعدّ جريمة انتخابية يحجّرها القانون الانتخابي ويعاقب عليها بالسجن".
وفي اتصال مع "أصوات مغاربية"، نفى أمين المال في حزب "قلب تونس"، عياض اللومي، الاتهامات الموجهة لحزبه بالاستعانة بجهات أجنبية، قائلا إن الوثيقة المنشورة "لا قيمة لها. تأتي في إطار الإشاعة التي ينشرها الذباب الإلكتروني الأزرق ضد الحزب".
وأضاف "أنا كأمين مال للحزب لا علم لي بصرف ثلاثة ملايين دينار من أجل الدعاية في الخارج".
وبخصوص القضية التي رفعها حزب التيار الديمقراطي ضد نبيل القروي، قال إن "القضاء سيبت في مدى صحة هذه الوثيقة من عدمه، ونحترم قرارات القضاء".
واعترف بأن الوثيقة شوّشت على الحزب منذ ظهورها الأربعاء، قائلا "حزب قلب تونس يحظى بشعبية كبيرة في الساحة التونسية، وهذه الوثائق تشوش على حملتنا الانتخابية".
ماذا يقول القانون؟
وتعليقا على هذه التطورات، قال أستاذ القانون العام، رابح الخرايفي، إن "القانون الانتخابي التونسي، حدّد السقف الأعلى لتمويل الحملات الانتخابية الرئاسية بنحو مليون و700 ألف دينار تونسي (594 ألف دولار)".
وأوضح، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه "إذا ثبتت صحة الوثيقة التي نشرت على موقع وزارة العدل الأميركية، فإن هذا يعد جريمة انتخابية تؤدي إلى إسقاط نتائج القروي في الدور الأول من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبالتالي يتم تصعيد المرشح الذي حل ثالثا إلى الدور الثاني".
ويضيف أن "التمويل الأجنبي وصرف تمويلات بهذا الحجم ممنوع في الخارج، خاصة أن الوثيقة تؤكد وجود مساعي للتأثير على نوايا التصويت".
ويختم الخرايفي بالقول إن "إسقاط نتائج القروي في الدور الأول من قبل هيئة الانتخابات لا يلغي التتبعات الجزائية من قبل القضاء بإحالة من هيئة الانتخابات".
المصدر: أصوات مغاربية