تعرض عدد من المراسلين العاملين لصالح وسائل إعلام دولية بالجزائر، في الآونة الأخيرة، إلى تدخلات وصلت إلى حد التعنيف الجسدي خلال قيامهم بتغطية مسيرات الحراك الشعبي والأحداث التي تعرفها البلاد.
وكان مراسل قناة الحرة، محمد جرادة، أحد هؤلاء الصحافيين الذي تعرضوا للتعنيف الجسدي من قبل مصالح الأمن خلال تغطيته لبعض الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة يوم السبت الماضي تزامنا مع ذكرى انتفاضة 8 أكتوبر.
ونهار أمس، نشر مراسل صحافي تابع لأحدى القنوات الأجنبية أيضا صورا تظهر تعرضه هو الآخر للتعنيف عندما كان يقوم بتغطية مسيرات الطلبة التي تنظم كل يوم ثلاثاء.
وقبلها كانت مصالح الأمن قد اعتقلت أيضا مسؤول مكتب قناة أجنبية، قبل أن يأمر القضاء بوضعه رهن الحبس المؤقت بتهمة "إدخال معدات البث المباشر من دون ترخيص ومن دون جمركة"، إلى جانب "البث لصالح قنوات دون ترخيص من السلطات".
موازاة مع ذلك، يثير العديد من النشطاء مسألة "المضايقات التي يتعرض لها بعض المدونين الذين يتعاملون مع وسائل إعلامية أجنبية من خلال التدخل في برامجها التلفزيونية".
يحدث ذلك في وقت تعرف فيه الجزائر حركية سياسية كبيرة استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة.
تأثير الرئاسيات
يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي ناصر جابي أن "ما يحدث الآن في الجزائر لا يمكنه تصنيفه في خانة السلوك المعزل"، مؤكدا أن "الأمر يقوم على خطة مسبقة تهدف إلى تخويف كل الصحافيين العاملين في وسائل إعلام أجنبية".
ويشير جابي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن "السلطة الآن تعمل كل ما في وسعها من أجل تمرير مشروع الانتخابات الرئاسية مع محاولة عزل كل الأصوات المعارضة والمناوئة لمسعاها".
وأفاد المتحدث بأن "الحكومة وجدت سهولة كبيرة في التحكم في المشهد الإعلامي المحلي من خلال ضبط كل وسائل الإعلام الجزائرية، العمومية منها والخاصة، على عقارب مخططها في حين عجزت في القيام بنفس الأمر مع المؤسسات الأجنبية".
وأضاف جابي أن "هذا ما يفسر الاعتداءات المتكررة والتعنيف غير المسبوق في حق العديد من المراسلين الصحافيين العاملين لصالح قنوات ووسائل إعلام أجنبية".
وتنبأ أستاذ علم الاجتماع السياسي بأن ترتفع حملة الضغط على هؤلاء مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية "لأن الهدف الأوحد لسلطة في الوقت الحالي هو انتخاب رئيس بعيدا عن أية عملية تشويش"، وفق قوله.
بين الموضوعية والتوظيف
مقابل ذلك، استبعد الإعلامي والمحلل السياسي أحمد أوكيلي وجود نية مسبقة لدى الحكومة الجزائرية باستهداف أو استعداء الصحافيين العاملين لصالح وسائل إعلام أجنبية.
وقال أوكيلي في تصريح لـ "أصوات مغاربية": لو كان الأمر مرتبطا بما تبثه هذه القنوات لما يجري على أرض الواقع لكان أولى للسلطة أن تخشى مما يكتبه صحافيون جزائريون نشروا العديد من الملفات الثقيلة دون أن يعترض سبيلهم أحد.
وأوضح المتحدث أن "الأمر مرتبط في أساسه بجانب قانوني محض يتعلق بعدم حصول العديد من العاملين لصالح قنوات أجنبية على ترخيص مسبق من قبل مصالح وزارتي الإعلام والخارجية".
وأكد بهذا الخصوص أن "بعض هؤلاء الإعلاميين ظلوا ينشطون دون حصولهم على اعتماد، وهو أمر مخالف للتشريع الجزائري ولا يمكن السكوت عنه".
إضافة إلى ذلك، يرى أوكيلي أن نشاط بعض وسائل الإعلام الأجنبية "لم يكن بريئا" طوال مجريات الحراك الشعبي بالجزائر.
المصدر: أصوات مغاربية