رغم أن المغرب لم ينفذ الإعدام منذ سنة 1993، إلا أنه لم يُلغه من القانون الجنائي، وبالتالي ظلت المحاكم تقضي بهذه العقوبة حتى وصل عدد المحكومين بها نهاية السنة الماضية إلى 72 شخصا، وفقا لمعطيات رسمية صادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
وتطالب العديد من المنظمات الحقوقية والوطنية والدولية المغرب منذ سنوات بإلغاء تلك العقوبة.
ويؤكد الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام أن ضحاياها لا يقتصرون على المحكومين بها، بل يتجاوزونهم إلى ضحايا "غير مرئيين" هم ذووهم، وخاصة أبناؤهم.
ويرصد بحث أعده الائتلاف، استنادا إلى زيارات شملت ثلاث مؤسسات سجنية، وجرى تقديمه صباح اليوم الخميس بالعاصمة الرباط بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الإعدام، ما تم وصفه بـ"حالات صادمة" لأبناء المحكومين بالإعدام.
ودعا التقرير إلى اعتبار هؤلاء من "مكفولي الدولة" وتوفير الحماية لهم ورعاية مصالحهم بغرض "ضمان سلامتهم المعنوية والنفسية والصحية".
معاناة الأسرة
الإعدام لا يؤثر على المحكوم فقط بل أيضا على ذويه، إذ يرصد البحث العديد من "الآثار المؤلمة" لهذه العقوبة على أسرة المعني.
ففي 16% من الحالات، ترك حكم الإعدام ألما شديدا وحزنا كبيرا لدى الوالدين والزوجة، كما تسبب في 5% من الحالات في وفاة الوالدين أو أحدهما، وفي 3% من الحالات أدى إلى وفاة الزوجة، وفق التقرير المذكور.
تنضاف إلى ذلك الصعوبات الاقتصادية التي عانت منها 8% من الحالات والتي أدت في العديد منها إلى تحمل الزوجة عبء التكفل العائلي.
الأبناء بدورهم من بين أكثر المتأثرين بتلك العقوبة، مع العلم أن البحث يسجل أن المحكومين بالإعدام لديهم طفلان كمعدل.
وعن سن هؤلاء عند دخول آبائهم السجن، يشير البحث إلى أن 17% منهم تركوا الزوجة حاملا، وهي النسبة نفسها لمن تركوا أبناءهم في عمر سنة واحدة، وهي النسبة نفسها أيضا لمن تركوا أبناء لا يتجاوز سنهم 4 سنوات.
ابتعاد الأبناء
"المحكومون بالإعدام محكومون كذلك باندثار علاقاتهم مع الأبناء"، هذا ما يسجله البحث استنادا إلى معطى يشير إلى أن 78% من أبناء المحكومين لا يزورونهم.
وبحسب المصدر فإن الأسباب وراء عدم زيارة العديد من الأبناء لآبائهم المحكومين بالإعدام "متعددة"، على رأسها انعدام الإمكانيات المادية وذلك بنسبة 67%، يليها كون الجريمة مرتكبة ضد الأصول بنسبة 17%، بينما تفسر 16% من حالات انقطاع زيارة الأبناء بطلاق الزوجة الذي أدى إلى انقطاع الاتصال بها وبالأبناء.
في المقابل، يحرص 22% من الأبناء على زيارة آبائهم، وهي الزيارة التي تتراوح مدتها بين ربع ساعة وساعة، لا تخلو من لحظات مؤثرة "يمتزج الإحساس خلالها بين الفرح والتأسف" يقول المصدر الذي يسجل أنه "في الغالب ما تتم الزيارة في جو من البكاء والألم، ناهيك عن حالة الأولاد الانطوائية ومظاهر الحرمان الظاهرة عليهم نتيجة الوضع".
خوف وأمل
صرح 90% من المحكومين بالإعدام أنهم يعانون من أمراض، 63% منها نفسية، و37% منها مزمنة.
ويقدم البحث قائمة طويلة بمختلف الصعوبات التي صرح المحكومون بأنهم يواجهونها داخل السجن، من قبيل البعد عن العائلة والعزلة الاجتماعية وظروف السجن الصعبة.
ومن بين الصعوبات المسجلة أيضا انتظار عدد من المحكومين العفو في كل مناسبة، بينما يؤكد آخرون شعورهم بأن حياتهم ضاعت وأن العقوبة غير محددة.
في السياق نفسه، يسجل التقرير أن أكثر من نصف المحكومين بالإعدام يتوقعون تطبيق العقوبة (58%) ما يجعلهم يعيشون "رعبا يوميا" في انتظار تلك اللحظة.
مع ذلك، يحتفظ أغلب المحكومين، وتحديدا 96% منهم، بأمل الاستفادة من العفو واستبدال الحكم، كما أكد 65% منهم أنه قد سبق لهم بالفعل التقدم بطلب للعفو.
المصدر: أصوات مغاربية