تبنت الحكومة الجزائرية الأحد، مشروع القانون المتمم للقانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين، الذي يمنع كل المنتسبين للجيش من عدم النشاط السياسي والحزبي لمدة 5 سنوات متواصلة بعد انقطاعهم عن النشاط.
وجاءت هذه الخطوة بعد تحذيرات عديدة أطلقتها وزارة الدفاع الوطني في وقت سابق، تقضي بالذهاب إلى حد مقاضاة كل العسكريين المتقاعدين الذين يتخلون عن واجب التحفظ أو يتحدثون باسم الجيش.
وتشهد الجزائر في الوقت الراهن تحولات سياسية كبيرة أعادت المؤسسة العسكرية إلى واجهة الأحداث السياسية، بعدما أصبحت فاعلا أساسيا في المشهد السياسي، فمن خلال العديد من الإجراءات التي تم اتخاذها في مرحلة ما بعد استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وعلى خلاف التقاليد السياسية السابقة، عرفت البلاد خلال الأعوام الأخيرة ظاهرة جديدة، تتعلق باندماج عدد كبير من الضباط السامين المتقاعدين في العمل السياسي، مثلما هو الحال بالنسبة للواء علي غديري، الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة شهر أبريل الماضي، فيما لم تحول ضباط آخرون إلى صف المعارضة، ودرجوا على توجيه انتقادات حادة للنظام السياسي، كما هو الشأن بالنسبة للواء حسين بن حديد، المتواجد في السجن.
الجيش والسياسية
وأكد الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، رابح لونيسي، أن قانون المؤسسة العسكرية ظل منذ استقلال الجزائري يتحفظ على اندماج العسكر في الحياة السياسية من خلال سن مجموعة من القوانين التي تلزمهم بواجب التحفظ.
وأوضح المتحدث في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، أن "المشكل المطروح في الجزائر يتعلق بسن قوانين تخدم في العادة فئة من المواطنين أو المسؤولين على حساب العامة".
وأوضح المحلل السياسي أن "إحياء القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين في هذا الوقت بالذات وتطعيمه ببعض التعديلات له غاية أخرى غير معلنة، تهدف إلى قطع الطريق أمام جميع العسكر الذين يفكرون في انتهاج أسلوب معارضة النظام السياسي في البلاد".
ويرى لونيسي أن "المواد الجديدة التي تتحدث بصراحة عن منع العسكريين من ممارسة العمل السياسي والحزبي تخص أولئك الضباط الذين تم تحييدهم من مناصب سامية في الجيش في المدة الأخيرة، والذين يثيرون مخاوف جهات عليا في الدولة في حال قرروا فضح بعض الأسرار التي اطلعوا عليها خلال مسيرتهم المهنية".
قانون قديم!
أما بالنسبة للواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، "فإن القانون الجديد الخاص بالمنتسبين للمؤسسة العسكرية لم يتضمن أي جديد مقارنة مع ما يتضمنه القانون الأساسي للجيش الوطني الشعبي".
وقال المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "القانون العسكري الجزائري واضح بالنسبة لجميع الملتحقين والمنتمين لمؤسسة الجيش، فخروجهم للتقاعد أو انتهاء عقود عملهم لا يعني البتة انفصالهم النهائي عنه".
ويشرح المصدر ذاته فكرته قائلا "نصوص القانون العسكري تفرض على هؤلاء ولاء متواصلا يستمر لخمس سنوات فيما يعرف عسكريا بالجيش الاحتياطي، إذ يمكن استدعاؤهم للخدمة مجددا إذا اقتضى الأمر ذلك طوال المرحلة المذكورة".
ويضيف مجاهد "سبق للجيش الجزائري أن استدعى العديد من الجنود الاحتياطيين سنوات التسعينات خلال مواجهته للجماعات الإرهابية رغم انتهاء مدة خدمتهم العسكرية ونفس الأمر طبق أيضا على بعض الضباط".
"هذا يعني أن الانتماء للجيش لا يمكن أن ينتهي مباشرة بعد الخروج على التقاعد أو انتهاء عقد العمل، وهي قاعدة لا تخص الجزائر لوحدها بل تعمل بها عديد الدول في العالم" يردف اللواء الجزائري المتقاعد.
وبخصوص الضباط السامين الذين اندمجوا في العمل السياسي وتأثيرات ذلك على المؤسسة العسكرية، أفاد المتحدث بأن "حرية الرأي والعمل السياسي مضمونة لجميع الجزائريين بحكم الدستور، لكن على هؤلاء الضباط أن يتقيدوا بنصوص القانون ولا يمارسوا السياسة باسم الجيش الجزائري".
المصدر: أصوات مغاربية