تعالت الأصوات المشككة في المسار الانتخابي بالجزائر من خلال دعوات أطلقتها دوائر سياسية وحزبية مختلفة تُجمع أغلبها على عدم استعداد البلاد خوض غمار الاستحقاقات الرئاسية.
وتدعمت هذه الأصوات مؤخرا بمبادرة سياسية طرحتها مجموعة من الشخصيات السياسية والحقوقية تؤكد أن الوضع العام السائد في الجزائر لم يتغير بعد عن سابقه، وتطالب بمواصلة الضغط على السلطة حتى تعدل عن قرارها المتعلق بإجراء انتخابات بتاريخ 12 ديسمبر المقبل.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أشار رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، إلى إمكانية أن تقرر السلطات، مرة أخرى، تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية.
وأكد المتحدث، في حوار نشره موقع "جون أفريك"، أن "العودة القوية للحراك الشعبي قد تجبر المؤسسة العسكرية على تأجيل موعد الرئاسيات".
مقابل ذلك، وعد قائد الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، في تصريحات جديدة، بـ"المضي في جميع الترتيبات الخاصة بهذه الاستحقاقات".
وكان من المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية يوم 5 يوليو الماضي، وهو التاريخ الذي تم تحديده أياما بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لكن سرعان ما تم إلغاء الموعد بسبب رفض شريحة من الجزائريين إجراء انتخابات رئاسية، إضافة إلى عزوف المترشحين عن ذلك الموعد.
الحراك والجيش
يرى الباحث والناشط السياسي، أرزقي فراد، أن "الحل الأمثل للوضع في الجزائر الآن هو مواصلة الحراك الشعبي حتى يتمكن المواطنون من التأثير على السلطة وحملها على إلغاء الانتخابات".
وقال فراد، في تصريح لـ"أصوات مغاربية": شخصيا لا أثق البتة في النظام السياسي الحالي لأن هدفه واضح وهو يسعى إلى إعادة إحياء نظام سياسي مستبد لفظه المواطنون منذ قرروا الخروج للشارع يوم 22 فبراير".
وأضاف فراد: "لا أملك سيناريو واضحا بخصوص المرحلة المقبلة، ولكنني جد واثق بأن استمرار الحراك الشعبي سيؤدي إلى انتخاب رئيس فاقد للشرعية في حال ما تمت هذه الانتخابات الرئاسية في آجالها المحددة".
وأردف فراد: النظام العسكري الذي يحكم البلاد يريد رئيسا شرعيا على المقاس بدون أية صلاحيات، في حين أن الشعب يريد رئيسا يتمتع بكامل الصلاحيات حتى يتمكن من حل كل المشاكل العالقة في البلاد، وهذا وجه الاختلاف الموجود بين الموقفين".
وأشار الناشط السياسي إلى أن "كل المعطيات الراهنة في الساحة السياسية تفيد بأن مشروع السلطة سيتعرض لفشل حقيقي على خلفية أن المشاكل الكبيرة التي ستواجه الرئيس القادم بعدما يجد نفسه معزولا عن الشعب غير قادر عن التعاطي مع مشاكلهم، وهو ما قد يعقد الوضع أكثر".
الأزمة والحلول
أما مسؤول الإعلام في سلطة مراقبة الانتخابات الرئاسية في الجزائر، علي ذراع، فاستبعد أن تؤثر دعوات المقاطعة على المسار الانتخابي الذي ينتظره العديد من الجزائريين.
وقال ذراع في تصريح لـ"أصوات مغاربية": الساحة الجزائرية مليئة بالمبادرات ومختلف المواقف السياسية، وهي ليست حكرا فقط على الذين يطالبون بتأجيل الانتخابات أو مقاطعتها.
واعتبر المتحدث أن "هذا الأمر جد طبيعي ويحدث في أي بلد يعرف تحولات عميقة مثل التي تعرفها الجزائر".
وأشار ذراع إلى أن "إطلاق حملات التشكيك في الانتخابات الرئاسية لا يكفي وحده لإخراج البلاد من وضعها الحالي"، مضيفا: للأسف لاحظنا أن البعض ينتقد ويشكك، لكن دون أن يقدم بدائل واقعية تمكن من تحقيق الانتقال السلس في الجزائر.
حسنا الآن بكل صراحة وبكل عقلانية وبكل موضوعية وبعيدا عن العاطفة وكل العاطفيين وبعيدا عن البلاهة والبلهاء لقد تم تأجيل الانتخابات مرة وإلغائها مرة ثانيةفماذا تتوقعون في حال إلغائها في 12 ديسمبر ؟الناس اللي راهي رافضة الإنتخابات أنتم مطالبون بالإجابة !!! #الجزاير_تنتخب
— Abdelhallim Miliani (@milianidz) September 21, 2019
وأوضح مسؤول الاعلام بسلطة مراقبة الانتخابات الرئاسية أن "البلاد تواجه في الظرف الراهن العديد من المشاكل والأزمات وهي في أمس الحاجة لرئيس تكون لديه كافة الصلاحيات من أجل إحداث التغيير المنشود".
وأردف: لا يمكن أن نتوصل إلى ذلك إلا عن طريق إجراء استحقاقات رئاسية تسمح بانتخاب رئيس جديد يحل كل المشاكل في البلاد ويحقق آمال الشعب الجزائري.
المصدر: أصوات مغاربية