body placeholder

مدينة.. مأساة فلاّحة في أهوال الدواعش

مدينة.. مأساة فلاّحة في أهوال الدواعش

اسمي: مدينة.م

جنسيتي: سودانية

عمري: 20 سنة

المهنة: فلاحة 

أنا فتاة في أول عمري، كنت أقيم مع عائلتي في إقليم دارفور بالسودان، قبل أن نغادر ديارنا إلى تشاد بحثا عن عمل في المَزارع، لكن الطمع قادنا إلى ليبيا حيث تنظيم "داعش" والموت والدمار.

---------------------------

زواج قسري

اسمي مدينة، من مواليد 1998، درست حتى الصف الخامس ثم حُرمت من التعليم. أدخلني والدي إلى مهنة الفلاحة كغيري من الفتيات في الإقليم، نعمل في الأرض دون أن نتلقى أجرا.

في سنة 2015 تقدم رجل للزواج مني يدعى آدم فوافق أهلي، رغم أنه متزوج من سيدة أخرى وله منها طفل يدعى عز الدين عمره 5 سنوات، وبعد عام من زواجنا طلق آدم زوجته الأولى السودانية فاطمة وأعطاني طفله لأُربّيه.

كان زوجي فلاحا ولم ألاحظ عليه أية علامات تشدد، بل كان رجلا عاديا يعمل في الأرض ويأكل من خيراتها، وبعد شهور من زواجنا أخبرني أنه سيذهب إلى تشاد لأن فرص العمل هناك أفضل.

إلى تشاد

سافرنا جميعا من أجل العمل في مدينة فايا بتشاد دون أوراق رسمية، استغرقت الرحلة خمسة أيام إلى أن وصلنا مزارع فايا. مكثنا في منزل قرب المزارع وكان زوجي يخرج يوميا للبحث عن عمل لكنه لم ينجح في ذلك. خلال فترة بحث زوجي عن عمل، تعرف على شخص تشادي خبير في الصحراء ومهرب يدعى محمد، أقنع زوجي بالسفر إلى ليبيا من أجل الالتحاق بتنظيم "داعش."

جهزنا أنفسنا للسفر من فايا في تشاد إلى ليبيا عبر التهريب، حيث دخلنا الحدود الليبية مع التشادي محمد، الذي أوصلنا إلى منطقة القطرون الليبية بالتنسيق مع معارفه هناك، واستغرقت الرحلة حوالي 5 أيام. مكثنا في القطرون 20 يوما ثم طلبوا منا تجهيز أنفسنا للسفر، ركبنا مع سائق سيارة صحراويّ ملثم الوجه لم أشاهد ملامحه طوال الرحلة ولم يكن يتكلم كثيرا، كان يحمل هاتف ثريا وسلاح "كلاشنكوف"، اتجه بنا نحو مدينة سرت عبر الطرق الصحراوية واستغرقت الرحلة حوالي يومين.

وصلنا سرت قبل شهر رمضان من سنة 2016، وعند وصولنا استقبلنا عناصر "داعش"، أقمْتُ داخل مضافات للنساء في الحي رقم "1" وهناك أنجبت طفلتي سمية، حينها كان زوجي قد التحق بـ"جند داعش" وتدرب على حمل السلاح كما أجرى "دورات شرعية وقتالية".

أين زوجي؟

بعد تخرجه من الدورة عمل زوجي في البوابات الأمنية خارج حدود سرت، فصرت نادرا ما أراه، كما بات يتنقل في سيارة لإنجاز بعض الخدمات التي تطلب منه. لم تعد المعيشة تطاق في سرت، فلقد خنَقنا تنظيم "داعش" وقيّد حريتنا، وفي تلك الأيام دقت الحرب طبولها ونفد في تلك الظروف الطعام والماء، فعشنا أوقاتا صعبة جدا.

عندما شاهدت الحرب وما خلفته من خراب ودمار وموت وجرحى، طلبت من زوجي إخراجي سريعا من سرت فقال لي "اصبري، سأخرج بعد الحرب وأطلّقك".

أنا لم أقتل "زول" (الرجل باللهجة السودانية) ولا أحب "الدواعش" لأنهم يقتلون الناس دون سبب.. بعد فترة جاء رجل من "داعش" وأخبر إحدى النساء بموت زوجي، الذي دُفن ولم أشاهده. أتذكر اليوم والموقف ولا أتذكر التاريخ، كان يوم الخميس صباحا، ضربت قذيفة دبابة المكان الذي نختبئ فيه، خرجتُ ومعي طفلاي سمية وعزالدين وثلاث نسوة أخريات وسلّمنا أنفسنا، نقلنا بعدها إلى المستشفى ثم إلى السجن.

تحقيق خاص لـ"أصوات مغاربية"