آلاء: صرت دمية في يد داعش والسبب: خالتي
اسمي: آلاء
جنسيتي: مصرية
من مواليد: 1998
ولدت لأبوين مصريين في منطقة الجناين، في السويس، عام 1998. والدي يعمل في شركة سياحية، ووالدتي ربة بيت، ولدي ثلاثة أشقاء صغار وثلاث أخوات غير شقيقات.
بدأت الحكاية حين سألتُ خالتي عن سبب قتل متشددين لأقطاب مصريين. أخبرتني أن هؤلاء "كفار". استدرجتني للفكر المتشدد، وقادتني إلى نهايتي: شابة مصرية أشبه بدمية في قبضة داعش بليبيا.
حكاية التغرير
في الثانوي، بدأت رغبتي في لبس النقاب، لكن والدتي رفضا ذلك، وحدثت لي مشاكل معهما بسبب خالتي التي كانت تحدثني بشكل مستمر عن "منزلة المنقبات" وتصر علي كي أرتديه، كما كان زوجها عبد الله يحمل فكرا متشددا.
عبر الإنترنت، تعرفت على شاب يدعى أسامة. غ، من مواليد القاهرة سنة 1993. كان يدرس في جامعة الأزهر، قسم اللغة العربية، بالسنة الرابعة.
عرفت عنه كل شيء، واقتربت أكثر من حياته، بعد تردده المستمر على مظاهرات "رابعة العدوية". بدأ يتواصل عبر الإنترنت مع أشخاص موجودين في سورية والعراق، وفي ذات الوقت بدأ فعليا في إجراءات السفر إلى سورية عبر تركيا.
لكن أسامة عدل عن فكرة الذهاب إلى سورية بشكل قانوني، وكان لديه تواصل مع طه. أ، زوج خالتي الذي كان موجودا في سرت الليبية، وأخبره أن بإمكانه القدوم إلى ليبيا وزوده بأسماء منسقين كي يتواصل معهم للسفر إلى هناك.
قام المنسق بتوجيه أسامة إلى "مرسى مطروح"، حيث نقله المهربون إلى ليبيا، لكن عندما علم المهربون أن أسامة واثنان معه ينويان الالتحاق بداعش في ليبيا، احتجازه رفقة مرافقين وطلبوا فدية مقابل إخراجهم، وحينها تواصل المنسق مع المهربين وهددهم بالقتل إن لم يفرجوا عن المحتجزين ونقلهم إلى سرت.
وعلى الفور، أُفرج عن أسامة ومن معه، ودخلوا ليبيا عبر الصحراء وصولا إلى مدينة إجدابيا، إلى أن وصلوا منطقة كان يسيطر عليها عناصر داعش آنذاك، تسمى هراوة، وهي قرب مدينة سرت. كان ذلك في نهاية عام 2014.
في هذه الفترة بدأت أيضا أُستدرج لتبني فكر داعش المتشدد. عند انتشار خبر ذبح أقباط مصريين في ليبيا سألت خالتي عن السبب، ولأنها كانت متشددة فقد فقالت لي إن "هؤلاء كفار"، مستدلة بآية: "فاقتلوا المشركين حيث حيث ثقفتموهم"، وهذا ما أثر في، لأنني كنت أحب القرآن. تركت دراسة بالثانوية عام 2015، وبدأت قصتي مع داعش.
بداية الورطة
تواصلت مع أسامة من جديد، وأخبرته أنني أريد اللحاق به بليبيا، فأخبرني أنه يجب أن أسافر إلى السودان لترتيب أمور السفر.
حاولت حينها الهروب من بيت أهلي، ولكن أمي علمت فمنعتني وتوجهت بي إلى خالتي نجلاء التي كانت تقيم في منطقة الفردوس بالسويس. بعدها رجعت إلى بيت أهلي، وبعد أيام سنحت لي فرصة الهروب، وتقابلت مع خالتي شيماء وزوجها، وامرأة تدعى منة الله وأخرى تسمى هبة. سافرنا جميعا إلى أصوان ونقلنا المهربون من هناك إلى السودان.
رحلة عبر التهريب كانت متعبة. استغرقنا يومين حتى وصلنا إلى الخرطوم. هناك استقبلنا شاب مصري الجنسية يدعى مؤمن، منظره لا يوحي بأنه يتبع تنظيم داعش. أخذنا إلى منطقة المعمورة. أقمنا مع سيدة تدعى فاطمة. مكثنا معها لمدة شهر تقريبا.
بعد أيام نقلنا شاب سوداني، مع خالتي شيماء وبقية المجموعة، إلى منطقة التهريب. كانت هناك نقطة تضم ما يزيد عن 50 شخصا، بين رجال ونساء وأطفال، ثم نقلونا إلى منطقة في الصحراء حيث استلمنا عناصر ينسقون مع تنظيم داعش، وكانت الرحلة عبر وادي الدوم، وبالمرور على مناطق سودانية حدودية يستخرج منها الذهب.
تجاوزنا الحدود، وبتنا في خيمة في الصحراء ثم واصلنا الطريق إلى أن وصلنا منطقة استقلينا فيها ثلاث مركبات مسلحة تابعة لداعش، والتي توجهت بنا إلى مدينة سرت في شهر فبراير عام 2016 . هذه الرحلة كلها استغرت حوالي 7 أيام.
مكثنا أياما في مقر الحدود التابع لداعش في سرت، ثم انتقلنا إلى مضافة "خبيب السنغالي"، ومكثنا بها 14 يوما، ثم جاءني أسامة وعقد زواجه علي في مارس 2016، عن طريق المدعو وليد. ف، الذي تم تنصيبها قاضيا لداعش.
وبعد أسبوع، نقلني زوجي أسامة إلى منطقة هراوة التي يعمل فيها إماما لأحد المساجد، ويعطي دورات لدعوة الناس لفكر تنظيم داعش.
زوجي أسامة نُصب بعد فترة "أميرا لديوان الدعوة" في تنظيم داعش بمنطقة هرواة، وأخبرني أيضا أنه قام بذبح شخص أفريقي، لكن تسجيل الفيديو الذي يوثق لعمله لم ينشر بسبب رداءة التصوير.
زوجي أسامة كان على تواصل عبر الإنترنت مع شخص مصري يتواصل مع شخص في سورية يدعى أبا عمر الشيشاني، وأخبرني أنهم ينسقون لحضور مجموعة من المقاتلين سيأتون من روسيا إلى سرت.
في ذلك الوقت، بدأ التخطيط من زوجي أسامة وأبو ياسين السيناوي، زوج منة الله، وأبو إياد، زوج خالتي شيماء، وغيرهم من المصريين، للعودة إلى الفيوم وإقامة فرع لتنظيم داعش في مصر، بعد إخفاء عدد من الأسلحة في منطقة هرواة. لكن كل هذه المخططات فشلت.
ندم بعد فوات الأوان
أقمت في هراوة لمدة شهرين ثم رجعنا إلى مدينة سرت، بعد نشوب الحرب قرب مصراتة، وانقطعت علينا المنحة التي يعطيها تنظيم داعش للأسر، والمقدرة بـ200 دينار ليبي، وانتقلنا في تلك الفترة إلى مضافة نساء داعش. حينها بدأت أريد العودة إلى أهلي.
بعدها بفترة، تواصلت مع والدي وأختي عبر هاتف زوجي، وطلب مني الرجوع. حاولت الهروب، لكن زوجي أسامة اكتشف ذلك، فضربني ومنعني من التواصل مجددا مع أهلي وأخبرني أن هؤلاء كفار لا يجب التواصل معهم.
في شهر أكتوبر، قُتل زوجي أسامة في الحي رقم ،1 عند قصف الطيران الأميركي للمبنى. بقي زوجي تحت الأنقاض، ولم يستطع عناصر داعش إخراجه.
عند اشتداد الاشتباكات، كنا ننتقل من مضافة إلى أخرى، إلى أن بقينا في مضافة الجرحى، بأمر القيادي في داعش، المدعو طالوت.
كنت أسمع بشكل مستمر أنين المصابين، وهم من جنسيات مختلفة، ونسمع في مكبرات الصوت نداء قوات حكومة الوفاق بضرورة الخروج، ونطالع في الصباح مناشير تسقطها الطائرات يطلبون فيها الحفاظ على حياتنا والخروج بسرعة، لكن عناصر داعش يقولون لنا إن من تسلم نفسها ستقتل ومن تحاول الهروب فسيصير دمها حلالا.
عند اقتراب القوات الليبية سلمت نفسي، وعند دخول القوات علينا في مضافة الجرحى، في نهاية نوفمبر عام |2016، تم إنقاذنا من الموت وقدر لي أن أنجو لأحكي قصة ندم فتاة غررت بها خالتها.
ما أتمناه اليوم هو الرجوع إلى أهلي في مصر، لأنني لم أقتل أحدا ولم أرفع السلاح، وليتني سمعت نصيحة أمي.
تحقيق خاص لـ"أصوات مغاربية"