- حصلت الناشطة الحقوقية الموريتانية، مكفولة منت إبراهيم، أول أمس الخميس، على "جائزة أفريقيا" التي تمنحها منظمة "فرونت لاين ديفندرز" الدولية للمدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر. وتعتبر مكفولة منت إبراهيم، إحدى أبرز الناشطات الحقوقيات في موريتانيا، عُرفت بدفاعها عن حقوق النساء ومكافحة التطرف الديني، وسبق أن تعرضت للاعتقال، وتلقت تهديدات بالقتل، كما واجهت حملات تشهير. في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية" تتحدث منت إبراهيم عما تعنيه لها هذه الجائزة، وعن "أكبر خطر" يواجه المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في موريتانيا، وعن الوضع الحقوقي في بلادها، بالإضافة إلى مواضيع أخرى.
We're delighted to announce the #Africa regional winner for our 2020 @FrontLineHRD Award for #HRDs At Risk is...
— Front Line Defenders (@FrontLineHRD) October 8, 2020
...Mekfoula Mint Brahim, #Mauritania!🎉
More about @mekfoulabrahim's incredible work here 👇https://t.co/ZlZ6PcsMie pic.twitter.com/ydTU2tmo0w
إليكم نص المقابلة:
توجت أول أمس الخميس، بجائزة أفريقيا التي تمنحها منظمة "فرونت لاين ديفندرز" الدولية للمدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر، فما الذي تمثله لك هذه الجائزة؟
هذه الجائزة بالنسبة لي هي تثمين للعمل الذي أقوم به، وهي بمثابة رسالة تؤكد أنني على الطريق الصحيح، كما أنها عوضتني شيئا ما عما عانيته في لحظات معينة، حيث تدمرت نفسيتي وكدت أنهار بعد حملات التشويه التي تعرضت لها.
هذه الجائزة أيضا حملتني مسؤولية أكبر لأنها تمثل أفريقيا، وبالتالي صرت أشعر أنني معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في أفريقيا ككل.
بما أن الجائزة تُمنح للمدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر، ما هو في رأيك أكبر خطر يواجه المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في موريتانيا؟
أكبر خطر يواجه المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في موريتانيا وفي منطقة الساحل وفي المغرب العربي ككل، يتمثل في الحركات المتشددة والمتطرفة التي تستهدف الحقوقيين والكتاب والأدباء وكل من يعملون على نشر الوعي في المجتمع.
في رأيي تلك الحركات هي أكبر خطر خصوصا بالنسبة لنا نحن الذين نقع على الحدود مع منطقة ملتهبة في أفريقيا.
هل تشعرين بأن معركتك الأكبر كحقوقية هي في مواجهة السلطات أم في مواجهة عقلية المجتمع؟
لطالما اعتبرت أن دوري هو أن أواجه العقلية المتشددة والمنظومة التربوية والاجتماعية التقليدية، وظننت بأنني أخدم بلدي وبأن ما أقوم به يمكن أن يكون جزءا من عمل السلطات، غير أنني مع الوقت اكتشفت بأن السلطات لا ترغب في إثارة مواضيع وقضايا لا تحظى بقبول المجتمع.
هي تعتبر بأن إثارة تلك القضايا أمر مزعج وتشعر بأن ذلك يسبب لها الحرج في الداخل، لأن أغلب المواطنين يواجهون تلك الأمور بمطالب المحاكمة والإعدام، بالتالي هي تعتبر أنه من الأفضل أن تضحي بشخص على أن تضحي بالمجتمع ككل.
تعرضت قبل أشهر للاعتقال بسبب ما قيل إنه "اجتماع غير مرخص"، بينما قلت إنه كان "استهدافا"، هل تعتقدين بأن السلطات "تستهدفك" بسبب نشاطك الحقوقي؟
تأكدت أن السلطات ربما تستهدفني حين سجنت لمدة تسعة أيام على ذمة التحقيق دون أن أقوم بأي شيء.
كل ما في الأمر أن لدي نزل احتضنت فيه اجتماعا وكنت أجلس مع المشاركين في الاجتماع لأنني أعرفهم.
على إثر ذلك، تم الاتصال بي من طرف الشرطة، وفي الأخير بُعث إلى دائرة الأحداث لأنهم وجدوا في هاتفي محادثة تجمعني بأحد الأشخاص المسجونين.
الشخص المعني كان ممن شاركوا في الاجتماع ولاحظت أنه كتب أسماء جميع الحاضرين، ولذلك أرسلت له رسالة عبر "واتساب" أطلب منه محوها.
تم استدعائي بسبب ذلك وسجنت وقدمت للمحاكمة، ثم أرجعوني على ذمة التحقيق لدى الشرطة، حيث مكثت تسعة أيام مرضت خلالها لأنني كنت أنا واثنين من الشبان ومجموعة من أفراد الشرطة في مكان واحد طوال الوقت...لقد شعرت أنه تم إذلالي بتلك الطريقة.
هل تشعرين بأنك تكبدت خسائر شخصية نتيجة نشاطك الحقوقي ودفاعك عن أفكار يراها الآخرون جريئة ربما؟
بالتأكيد، لقد خسرت أصحابي وأهلي وأقاربي والمجتمع ككل، لأن المجتمع كله يشير إلي وهو يقول "عليكم بهذه!"، "اقتلوا هذه!"، "هذه امرأة شاذة!".
أود أن أقول، هنا إن الحقوقي ليس المطلوب منه أن يطبطب على المجتمع ويشيد به سواء كان محقا أو مخطئا، بل إنه يبحث في جوهر الأمور وإذا كانت هناك أشياء غير صائبة يكشف عنها، كما يعمل على إزاحة العراقيل والقيود التي يرى بأنها تكبل وتعيق المجتمع.
الحقوقي يخوض في قضايا قد تدخل في خانة "المسكوت عنه" وهو الأمر الذي قد لا يتقبله لا المجتمع ولا الأقارب، بحيث يقولون لك "عش بسلام واصمت، لأنك إذا تكلمت ستقوم بتشويه نفسك وأسرتك وقبيلتك وستعرض نفسك وتعرضنا للخطر".
كيف تقيمين الوضع الحقوقي في موريتانيا حاليا؟
أعتقد صراحة أننا في وضعية تراجع.
لأعطيك نموذجا، أنا ومجموعة من أصدقائنا سُجنا وبعد ذلك تم إطلاق سراح ثلاثة منا بينما بقي خمسة في السجن.
لماذا في رأيك؟ لأنهم وجدوا في هواتفهم محادثات شخصية فيما بينهم، وضمن تلك المحادثات وجدوا لدى أحدهم صورا اعتبرت "تجديفا".
هذا يعني أن الخصوصية صارت معدومة، وإذا لم تكن هناك أشياء ظاهرة تستدعي سجنك يمكن أن يبحثوا في أشياء وتفاصيل خاصة وشخصية ليزجوا بك في السجن.
اليوم وأنا أرى ذلك، وأرى مدونين معتقلين منذ فبراير إلى الآن، وبعض الصحافيين المسجونين، وبعض الأحزاب التي تم تعريضها للمساءلة أو تم حجب عملها... أشعر أننا في تراجع.
قد تكشف لنا الأيام المقبلة شيئا آخر ولكنني إلى الآن أرى بأن هناك تراجع، بحيث صرنا نشعر بالخوف، وشخصيا أشعر بخوف لم أشعر به قبل 2017 حين تعرضت لمحاولة اغتيال.
لقد اضطررت في وقت معين حين كانت هناك مطالب بإعدامي أمام الملأ للهرب إلى السنغال دون حتى أن أسجل خروجي، وبعد عودتي وجدت أن السلطات اعتقلت شخصا ينتمي إلى القاعدة كان يريد قتلي.
مازلت إلى الآن أشعر بالخوف لأننا في منطقة غير مستقرة ولأننا جزء من عدم الاستقرار هذا بسبب العقلية التقليدية والتربية الدينية التي لدينا، وبسبب انتشار الأفكار الواردة التي تحث على التطرف.
في ظل هذا الشعور بـ"تراجع" الوضع الحقوقي والشعور بالخوف، هل لديك أمل في إمكانية تحقيق التغيير الذي تطمحين إليه؟
في جميع الأحوال أنا متفائلة خصوصا في ظل وجود منابر متاحة لنا بدل المنابر الرسمية التي نعتبر غير مخولين للظهور عليها.
بالتالي إذا كنت سأشكر شخصا فسأشكر من أوجد مواقع التواصل الاجتماعي التي أظهرت أن هناك جيلا من الشبان والشابات الواعين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
اليوم، هناك جيل من الشباب يرى وضعنا ويقارنه بأوضاع دول مجاورة، أكيد أننا بعيدون عن كثير منها ونعتبر متخلفين مقارنة بها سواء على مستوى البنى التحتية أو طريقة التفكير أو غير ذلك، ولكن أعتقد أن الوعي المتزايد في أوساط الشباب سيؤدي إلى تحقيق التغيير الذي نأمله.
- المصدر: أصوات مغاربية