كشف معهد حكومي تونسي عن تطورات ظاهرة الهجرة السرية منذ العام 2011، وسط دعوات لوضع حد لهذا النزيف، وفي ظل وجود مخاطر كبرى تنتظر المهاجرين غير الشرعيين في دول الاستقبال.
أرقام صادمة
بلغ عدد المهاجرين السرّيين التونسيين، الذين وصلوا إلى السواحل الإيطالية منذ العام 2011 إلى غاية أكتوبر من العام 2017، أكثر من 38 ألف مهاجر.
ووفقا لأرقام المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية (حكومي)، فإنه في 2011 فقط وصل أكثر من 26 ألف مهاجر من السواحل التونسية.
وتفجرت أزمة المهاجرين، عقب سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011، وما تبعه من انفلاتات أمنية تم استثمارها في تنظيم رحلات سرية نحو الشواطئ الأوروبية.
ووفقا لأرقام المعهد ذاته، فإن السلطات التونسية أحبطت 930 عملية هجرة سرّية، تمّ على إثرها إيقاف أكثر من 12 ألف مهاجر في الفترة ذاتها.
ولم تقتصر محاولات عبور الحدود البحرية على المهاجرين التونسيين، إذ أوقفت السلطات نحو 3500 مهاجر أجنبي في ظرف 7 سنوات.
كما كشفت دراسة المعهد نفسه، عن تسلل 3748 لاجئا عبر الموانئ البحرية، فضلا عن اجتياز 571 شخصا للحدود من المنافذ الرسمية عبر استعمال وثائق مزورة.
أبرز الأسباب
وأفاد المعهد بأن الانقطاع الدراسي المبكر والبطالة، يتصدّران قائمة أسباب لجوء الشباب إلى الهجرة السرية.
ويقول مدير القسم الجيوسياسي بالمعهد، معز الغريبي، إن الانقطاع الدراسي يدفع عددا كبيرا من الشباب إلى ركوب البحر، أملا في إيجاد فرص أوسع.
ويضيف الغريبي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن ارتفاع معدّلات البطالة في أوساط الشباب التونسي، دفع جزءا كبيرا من المهاجرين إلى ركوب قوارب الموت.
كما يشير المتحدث إلى ما سماه "التصدّع الاجتماعي"، الذي ينتج عن تأثّر شباب مقيم في تونس بنظرائهم ممن تمكنوا من تسوية أوضاعهم القانونية في بلدان أوروبية، "ما حولهم لدى البعض إلى قدوة يمكن اتباعها".
مخاطر الرحلة وما يعقبها
وأجمع المشاركون في ندوة تقديم الدراسة الجديدة على أن المهاجرين "يواجهون مخاطر كبرى".
ويقول رئيس الجمعية التونسية لمنع الهجرة غير القانونية، شاكر ساسي، إن المهاجر يواجه مخاطر الاحتيال عليه من قبل سماسرة التهريب، فضلا عن خطر الموت غرقا في المتوسط.
ويرى ساسي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن أهوالا كبيرة تنتظر معظم الشباب، الذي يقامر بركوب البحر من بينها: خطر الوقوع في قبضة عصابات الاتجار بالبشر، والاتجار بالأعضاء، والاستقطاب الديني على غرار التسفير إلى بؤر التوتّر.
كما أشار ساسي إلى وجود عصابات تعمل على استغلال ضعف المهاجرين لتوظيفهم في مجال تجارة المخدّرات والتهريب، فضلا عن الاستغلال الجنسي عبر وقوع بعض النساء والأطفال في شراك السماسرة.
من جهتها، أشارت عضوة منظمة الهجرة الدولية، مريم الشابي، إلى ضرورة فتح حوار شامل حول الظاهرة "يشمل الجهات الحكومية، والمجتمع المدني، والشباب، وجميع المتدخلين في قرار الهجرة على غرار العائلة، والأصدقاء لمعرفة الأسباب الحقيقية".
وأكدت الشابي على أهمية التعريف بالإمكانيات الكبيرة الموجودة في تونس على غرار إطلاق المشاريع الخاصة، فضلا عن التعريف بالقوانين والتشريعات المعمول بها في دول الاستقبال "لتصحيح الأفكار التي يروجها مهرّبو البشر".
المصدر: أصوات مغاربية