عائشة أكافو

عائشة أكافو فاعلة جمعوية ونائبة رئيس بلدية مدينة "تراب" Trappes سابقاً بمحافظة إيفلين Yvelines. هي مؤسسة ورئيسة جمعية "كلمات بقلب مفتوح" المكلفة بالوقاية من الاستقطاب الديني.

"أصوات مغاربية" زارت هذه المدينة وحاورت إحدى الأصوات المؤثرة في فرنسا بعد هجمات شارلي إيبدو في يناير 2015.

نص المقابلة:

لمن لا يعرفونك، من هي عائشة أكافو؟

أنا من مواليد 10 فبراير 1962 بمدينة الجديدة بالمغرب. قدمت إلى فرنسا في سن الثالثة، ومنذ ذلك الحين وأنا مستقرة في مدينة "تراب" رفقة والدي وإخوتي أولاً، ومن بعد مع زوجي وعائلتي الصغيرة.

درست تخصصات عدة في الجامعة مثل علم النفس والتجارة والتسيير، وزاولت مهنا كثيرة قبل أن أستقر منذ سنوات مراقبة في صندوق التأمين الصحي الأولي لمحافظة إيفلين.

جولة رفقة عائشة أكافو في مدينة تراب
جولة رفقة عائشة أكافو في مدينة تراب

​​​​بدايتي مع العمل الجمعوي كانت باشتغالي مسؤولة في المطعم الخيري "ريسطو دي كور" بمدينة تراب لمدة خمس سنوات، قررت بعدها أن أنشئ جمعيتي الخاصة "ميل-أسوس" لمساعدة اللاجئين والأشخاص من دون مأوى.

بعد الأحداث الإرهابية على مقر جريدة شارلي إيبدو، قمت بإنشاء جمعية "كلمات بقلب مفتوح"؛ وهدفنا في البداية كان فهم ظاهرة الإرهاب هذه، ولماذا يريد بعض الشباب التخلص ممن يسمونهم "كفاراً"، وكنا حريصين على نقاش هذه المواضيع بين سكان المنطقة من يهود ونصارى ومسلمين.

ما هي الأنشطة التي تقوم بها الجمعية؟

في البداية، كنا نشتغل ضمن تجمع مؤلف من سكان المنطقة، ومن هنا جاءت الضرورة لنخضع لإطار معترف به، بالتالي قمت بتأسيس الجمعية بشكل رسمي في يوليو 2016.

نقوم بورشات في المدارس وبالأخص في المدارس الإعدادية والثانوية، ليس بهدف منع الشباب من التطرف فهذا غير ممكن، وإنما نقوم بدور وقائي وتحذيري من التطرف. لا نذهب مباشرة نحو التطرف الديني إذ إن التحدث عن الدين مسألة غير قانونية في المدارس الفرنسية، وإنما نمر للحديث عن التطرف خلال ورشات مخصصة للتوعية بخطورة المخدرات والتدخين وغيرها.

هل تجدين أن الشباب من أصول مهاجرة ومغاربية صيد سهل لهذه الجماعات؟

لا يمكننا قول الأمور بهذه الطريقة، فالمعنيون ليسوا فقط هم الشباب من أصول مهاجرة، بل الشباب بصفة عامة.

من بين الشباب الذين التحقوا بداعش هناك الكثير والكثير من المعتنقين الجدد للإسلام، بل على العكس وجدت أن عدد الأشخاص من أصول مهاجرة الذين التحقوا بداعش أقل بكثير ممن دخلوا الإسلام حديثاً.​​​

هل تؤثر العوامل الاجتماعية الصعبة بفرنسا في زيادة الاستقطاب؟

أجل بكل تأكيد. بماذا تعد داعش؟ داعش تعد بحياة سعيدة، تعد بأسرة، بمنزل، بعمل، بدخل وأموال، وهي أشياء لا يمكن أن نجدها هنا. هناك شباب لديهم العديد من المشاكل مع أسرهم، أو لا يمتلكون عملاً ودخلاً مادياً، وهناك من ليس لهم تكوين دراسي؛ وبالتالي حينما يعدهم أولئك الإرهابيون بحياة سعيدة يلتحقون.

نحن في جمعيتنا لا نستقبل آباء الملتحقين، ولكن الأمر يمر بطريقة سرية. أعرف الكثير من الأمهات اللاتي رحل عنهن أبناؤهن نحو داعش، ولكن في الجمعية هناك سيدة فرنسية واحدة تقوم بمساعدتنا بسرد تجربتها. هي أستاذة موسيقى وزوجها كذلك، عائلة برجوازية لا يوجد بجوار بيتهم أي مسجد، وليسوا مسلمين أصلاً. ابنتهم دخلت إلى الإسلام عن طريق تواصلها مع أشخاص عبر الإنترنت، فرحلت إلى سورية.

عائشة أكافو

هل كانت لك تجربة شخصية مع أحد الملتحقين؟

هذا أمر لم أتحدث عنه إلا نادراً. حقيقة كانت إحدى بناتي على علاقة جدية بأحد شباب المدينة. كانا يحبان بعضهما وكان على وشك للمجيء لخطبتها.

أعرف هذا الشاب وأعرف والديه وأعلم أنه خضع لتربية جيدة. ذات مرة التقيته فحاولت أن أسلم عليه، إلا أنه تفادى تقبيلي أو حتى مصافحتي كما جرت العادة. ظننت حينها أنه منزعج من ابنتي، وبعد أن عدت إلى البيت استفسرتها، فطلبت مني ألا أكلمه ثانية. بعد أسبوع، انقطعت أخباره من المدينة لنكتشف لاحقاً أنه سافر إلى سورية.

كيف تعاملتِ وأسرتك مع موجة الاستقطاب تلك التي عرفتها تراب؟

كنا قلقين جداً أنا وزوجي على أبنائنا. حتى أن زوجي مرة جمع بناتنا وخاطبهن جميعاً إذا ما فكَرن في ارتكاب حماقة كهذه أن يخبروه.

قال لهن بالحرف إن "النساء اللاتي يذهبن إلى هناك يصبحن عاهرات"؛ أي أنه يتم استغلالهن جنسياً، فإن شئتن أن تضيعوا جهدنا في تربيتكم وتمتهنوا الدعارة، فعلى الأقل افعلن ذلك هنا في الحي، وفي المساء عدن إلى بيت والدكم.

كان خطابه هذا قوياً وإن لم يكن في حاجة إليه، لأن بناتي على وعي شديد بهذه المسائل، ولكن موجة الالتحاق تلك أثارت هلعاً في صفوف الجميع.

 

​المصدر: أصوات مغاربية​​

مواضيع ذات صلة

مقاومة الاستعمار الفرنسي
فرحة جزائريين بالاستقلال عن فرنسا في يوليو 1962

في مثل هذا اليوم (30 سبتمبر)  من العام 1955، اضطر ممثل فرنسا الدائم في الأمم المتحدة إلى الانسحاب من قاعة الاجتماعات، بعد موافقة الجمعية العامة في دورتها العاشرة، على تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمالها.

مثّل تدويل القضية الجزائرية نجاحا كبيرا للثورة الوليدة، التي انطلقت قبل سنة فقط، وهو هدف سطّرته قيادة جبهة التحرير الوطني، إذ وضعت على رأس أهدافها تدويل قضية الشعب الجزائري، الذي يعاني الاحتلال منذ أكثر من 124 عاما، وتعريف العالم بها.

"أم المعارك"

ويعود الفضل في تدويل القضية الجزائرية إلى معركة الجرف الشهيرة، التي حدثت في مارس 1955، والمشهورة بـ"أم المعارك" في أدبيات الثورة التحريرية الجزائرية، باعتبارها أكبر معارك الثورة على الإطلاق سواء من حيث الأعداد التي شاركت فيها من الطرفين الجزائري والفرنسي أو من حيث الفترة التي استغرقتها.

ففي هذه المعركة، التي دامت ثمانية أيام (من 22 سبتمبر إلى 29 سبتمبر 1955)، استطاعت "كمشة" من الثوار الجزائريين لا تتجاوز 400 فرد بأسلحتهم البسيطة، إلحاق الهزيمة بأكثر من 44 ألف عسكري فرنسي بأسلحتهم وعتادهم المتطور، ثم انسحبت من ميدان المعركة دون أن تخسر قادة الصف الأول، الذين استهدفتهم فرنسا بهذه العملية للقضاء على الثورة في عامها الأول.

صحيح أن الجمعية العامة لم تناقش القضية الجزائرية في دورة الجمعية العامة لسنة 1955، وتم تأجيل الأمر إلى الدورة 11، لكن الأمر سُجل انتصارا للثورة الجزائرية.

خسارة دبلوماسية

في الدورة 11، التي جرت العام 1956، كانت القضية الجزائرية تُناقش داخل أعلى هيئة دولية، تزامن ذلك مع إضراب الأيام الثمانية، الذي قررته قيادة جبهة التحرير الجزائرية في الجزائر لإسماع صوت الثورة أكثر عالميا.

وفي الدورة 12، التي انطلقت في فبراير 1957، ورغم استمرار الرفض الفرنسي لعرض القضية الجزائرية باعتبارها "شأنا فرنسيا داخليا" وفق تعبيره، إلا أن ذلك لم يجد نفعا>

أصدرت الجمعية العامة أخيرا مشروع قرار تمت المصادقة عليه، اعتبر القضية الجزائرية "قضية دولية تدخل في اختصاصات هيئة الأمم"، وبهذا خسرت فرنسا أيضا معركة دبلوماسية مع الثوار الجزائريين بعد خسارتها معارك عديدة على الأرض الجزائرية.

المصدر: أصوات مغاربية