حقوق الإنسان - صورة تعبيرية
حقوق الإنسان

تكفّل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو هيئة رسمية تابعة لرئاسة الجمهورية، بـ"577 شكوى، من أصل 848 شكوى، تخص حقوق الإنسان، أودعت لدى المجلس في 2017".

وأعلنت رئيسة المجلس، فافا سي لخضر بن زروقي، أن مهام المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تكمن خاصة في "إيجاد حلول للشكاوى مع الجهات المعنية، ورفع التقارير إلى رئاسة الجمهورية، ثم إلى الوزارة الأولى والبرلمان بغرفتيه".

ويأتي الإعلان عن هذه الأرقام، في وقت تصاعدت فيه حدة النقاش بشأن مستقبل حقوق الإنسان وحرية التعبير في الجزائر.

​​فهل يملك المجلس الوطني لحقوق الإنسان مفاتيح حل القضايا الحقوقية في الجزائر؟ أم أن الحكومة وضعت خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها؟

تدريب رجال الشرطة والقضاة

يُعتبر تطبيق القانون المنظّم لصلاحيات المجلس الوطني، المعيار الأساسي الذي تستند إليه هذه الهيئة في معالجتها للقضايا المطروحة أمامها، حسب ما يؤكّده عضو المجلس الوطني لحقوق الانسان، إدريس فاضلي، في تصريح لـ "أصوات مغاربية".

واعتبر فاضلي أن كل تدخلات المجلس تنسجم مع روح القانون، الذي "يخوّل له الاتصال بالهيئات والوزارات والمجالس المعنية بالقضايا، التي يدرسها، بعدما يستقبلها من المواطنين".

وفي ظل الانتقادات التي توجّه للحكومة، والشكوك حول قدرة الهيئات الرسمية على التكفل بملفات حقوق الإنسان، يرى فاضلي، أن أولويات المجلس، تتمثل في تنظيم تدريبات لممثلي المجتع المدني في الجزائر، لإطلاعهم على طرق وآليات الدفاع عن الحقوق، والهيئات التي يتوجهون إليها للتظلم، مضيفا بأن "المجتمع الجزائري بحاجة إلى تدعيم ثقافة حقوق الإنسان، التي يفتقدها المسؤول وغير المسؤول".

​​وكشف المتحدث عن برنامج المجلس، الذي يهدف إلى تنظيم دورات تدريبية لفائدة عناصر الشرطة والقضاة، مردفا بأن الهيئة الحقوقية تناقش "كيفية إدراج مواد خاصة بحقوق الإنسان في المناهج الدراسية، بعدما أصبحت تدرّس في السنة الجامعية الثالثة، وفق اتفاقية دولية صادقت عليها الجزائر".

"لا ملاحظات دولية حول الجزائر"

وفي تعليقه على القضايا المثارة بشأن الأقليات والتدوين في الجزائر، أكّد عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن "الجزائر ليس لديها ملاحظات من هيئات دولية، بشأن المدونين والأقليات"، لكنّه أشار إلى قضية أحد المدونين من ولاية تيبازة (70 كلم غرب الجزائر العاصمة)، وقد تمت "تسويتها في إطار القانون".

واعتبر فاضلي أن "المدون ليس له حماية من الخطأ، الذي يرتكبه خارج نشاطه التدويني، لأن الدولة سيّدة في تطبيق قوانينها".

​​"مضاربة سياسية من الحكومة"

ورغم تفاؤل المجلس الوطني لحقوق الانسان، فإن المنظمات الحقوقية غير الحكومية، تشتكي من الضغوط الممارسة على الحقوقيين، والنشطاء والأقليات الدينية، كالأحمدية والشيعة والمهاجرين الموجودين في الجزائر.

وفي هذا الشأن يعتبر عضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان، فالح حمودي، وهي هيئة مستقلة، أن نشاطات المجلس الوطني لحقوق الانسان "موجّهة"، واصفا تقريره بـ"المضاربة السياسية المفتعلة، من طرف السلطة الحاكمة".

ويوضّح حمودي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن سنة 2017 "عرفت تجاوزات كبيرة وكثيرة في مجال حقوق الإنسان، بدءا بالحريات الفردية والجماعية وصولا إلى التجاوزات في حق المهاجرين".

​​الحقيقة والأرقام

 واعتبر المتحدث أن "الأرقام ليست دليلا على فعالية المجلس الوطني لحقوق الانسان"، مشيرا إلى أن الحكومة غالبا ما تتخذ من الأرقام "حجة" لإقناع الرأي العام بفعالية آدائها.

كما نوّه حمودي بجدية تقارير المنظمات غير الحكومية، التي تراقب وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، واصفا إياها بـ"الموضوعية والمحايدة".

وخلص الناشط في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى أن "المجلس الذي يتلقى أعضاؤه رواتب عالية من الحكومة، وتقاعدا من صندوق التقاعد لإطارات الدولة، لن تكون تقاريره ذات مصداقية، حتى ولو كانت الحالات المعنية بالتقرير حقيقية".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر
خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر

تمر الإثنين 16 سبتمبر 25 سنة على "استفتاء الوئام المدني" الذي أقرته الجزائر "آلية للمصالحة" مع الجماعات المتشددة.

وتتزامن الذكرى مع فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية، وهو الذي كان قد أمر الحكومة بـ"إعادة النظر في قانون 'لم الشمل' لفائدة الأشخاص الذين سلموا أنفسهم"، في أغسطس 2022، إلا أن القانون لم الجديد يصدر بعد.

وعول الرئيس الجزائري على قانون "لم الشمل" لتحديد طرق التعامل مع المتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وذلك بعد انقضاء الحيز الزمني لتطبيق قانون "الوئام المدني"، وفق بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وسبق لتبون أن أعلن في لقاء دوري مع وسائل إعلام محلية نهاية يوليو 2022 أن هذه المبادرة "ستكون امتدادا لقوانين الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية، وستشمل كل من تم تغليطهم وأدركوا بعدها أن مستقبلهم مع الجزائر، وليس مع بعض الأطراف الخارجية".

وتعود قوانين المصالحة الوطنية في الجزائر إلى عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال الذي أصدر قانون "الرحمة" في فبراير 1995، ثم قانون "الوئام المدني" الذي تبناه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرضه لاستفتاء 16 سبتمبر 1999، تلاه ميثاق "السلم والمصالحة" في سبتمبر 2005. وشجعت هذه القوانين مئات المتشددين المسلحين على الاستسلام والتخلي الطوعي عن أسلحتهم.

ومع تزايد أعداد المتشددين الذين يتم توقيفهم من قبل وحدات الجيش الجزائري (تحييد 30 مسلحا خلال السداسي الأول من 2024)، أو الذين يسلمون أنفسهم، تثار تساؤلات بشأن الإطار القانوني للتعامل معهم، بين من يرى إمكانية إصدار قانون جديد ينظم الأمر، وبين من يعتبر أن التغييرات السياسية والأمنية "طوت صفحة الوئام المدني والمصالحة مع المتشددين".

"روح المصالحة" 

وتعليقا على هذا النقاش، يؤكد الحقوقي فاروق قسنطيني أن "روح المصالح باقية في الجزائر"، لافتا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى "أهمية الحلول السلمية في معالجة قضايا الإرهاب والتشدد الديني بالجزائر".

ويتوقع قسنطيني إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى "عرض مشروع قانون تكميلي للوئام المدني والمصالحة من أجل استكمال ملف العفو المشروط الذي تبنته الدولة سابقا".

وأشار المتحدث إلى أن "نجاح مشاريع المصالحة السابقة في حقن الدماء بالجزائر، سيكون حافزا أمام الرئيس عبد المجيد تبون لعرض مشروع جديد للتكفل بالمسلحين الذين سلموا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة".

"صفحة مطوية"

ويرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن التعامل مع الحالات الجديدة وفق قانون الوئام المدني "لا يبدو ممكنا اليوم، بحكم أن هذا القانون يعتبر صفحة مطوية في الجزائر".

ويتابع بن حمو قائلا لـ"أصوات مغاربية" إن قانون الوئام المدني "حقق جزءا كبيرا من أهدافه قبل 25 سنة من اليوم، ولا يمكن إعادة العمل به لاختلاف الظروف والأولويات".

ويعتقد المتحدث أن إمكانية صدور قانون للمصالحة "أمر لن يتحقق على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بحكم أن الأولوية الحالية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها الجميع، بينما تتواصل عمليات مكافحة الإرهاب في شقها الأمني".

 

المصدر: أصوات مغاربية