علم 'الأمازيغ' أثناء تشييع جثمان السياسي الجزائري الحسين آيت أحمد (أرشيف)
علم 'الأمازيغ' أثناء تشييع جثمان السياسي الجزائري الحسين آيت أحمد (أرشيف)

خلال إشرافه على إحياء ذكرى سقوط المقاوم الجزائري، العقيد عميروش آيت حمودة، قائد منطقة القبائل إبان حرب التحرير الجزائرية، أكد وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، "تمسك الدولة الجزائرية بوحدتها الترابية".

وقال زيتوني، مشيرا إلى الحركة المُطالبة بانفصال منطقة القبائل، والمعروفة باسم حركة "ماك"، والتي يقودها المعارض السياسي، فرحات مهني، إن "المساس بوحدة التراب الجزائري خط أحمر".

هذا التصريح أعاد إلى ساحة النقاش بالجزائر مطالب حركة "ماك" بانفصال منطقة القبائل عن البلاد، وهي دعوات تُعلنها هذه الحركة منذ تأسيسها قبل 10 سنوات.

الحضور عبر 'التحسيس'

تأسست حركة انفصال منطقة القبائل قبل 10 سنوات، وعقدت مؤتمرها التأسيسي بقرية إيغيل علي، بأعالي تيزي وزو، لكنها تتخذ من باريس مقرها الرئيسي، حيث يقيم زعيمها، فرحات مهني، منذ 2007، تاريخ تأسيس حركته.

و​​في حديث لـ"أصوات مغاربية"، يؤكد الناشط في حركة "ماك"، محند آث يحيى، أن الحركة التي ينتمي إليها تركز على العمل التحسيسي، وهو ما يجعلها غير نشطة بالقدر اللازم، لكنه يرفض الفكرة التي تقول إن "نجم الحركة قد أفل".

"لا يمكنك العمل وأنت لا تتمتع بحرية التصرف، نحن نتابع حيثما كنا، وهو ما يجعل البعض يقول إننا لا نتحرك بالقدر الكافي" يردف محند آث يحيى.

وفي سياق تأكيده على "بقاء روح النضال" داخل حركة "ماك"، على حد وصفه، يحيل المتحدث إلى مواقع التواصل الاجتماعي، قائلا إنها تعكس "وجود معنى آخر للالتفاف حول فكرة الانفصال"، وفقه.

"المنصات الاجتماعية ورسائل المساندة التي تصلنا، دليل على أن لدينا قاعدة شعبية"، يؤكد الناشط ذاته، قبل أن يستدرك: "ونحن بصدد التحسيس أكثر، حتى نستطيع تحقيق قاعدة شعبية تساند مطالبنا السلمية".

رهان القاعدة الشعبية

​​أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة مولود معمري بتيزي وزو، إبراهيم محمودي، فيرى أن نسبة القبائل الذين يؤيدون مسعى انفصال منطقتهم وحصولها على حكم ذاتي، ليست كبيرة، بالنظر إلى "عدد المسيرات التي لم تحقق احتضانا شعبيا"، وفق تحليله.

وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، يكشف محمودي أن "سكان منطقة القبائل يتمتعون بحس سياسي عالٍ، وهو ما جعلهم حذرين مما يُعرف بالحركة الانفصالية".

فرحات مهني، مؤسس حركة "الماك" في 2007
فرحات مهني، مؤسس حركة "الماك" في 2007

​​ويرى محمودي أن "الحس السياسي العالي لدى سكان المنطقة" يقتضي إقناعهم بشكل موضوعي، و"عدم الاكتفاء بالتنديد بالواقع، وبيع سلعة مستقبلية لا يملكها أحد"، على حد وصفه.

ويستدل أستاذ العلوم السياسية على وجهة نظره بالسؤال الذي طرحه طالب على فرحات مهني سنة 2007، حينما أعلن عن نيته في تأسيس حركة انفصالية لأول مرة من مدرجات جامعة تيزي وزو.

فبحسب محمودي، فإن سؤال هذا الطالب كان حول الموارد التي ستعتمد عليها المنطقة إذا حصلت على الحكم الذاتي، ليجيبه مهني، وفق ما ينقله أستاذ العلوم السياسية: "أُفضل أكل التراب على العيش تحت حكم مستبد"، فرد عليه الطالب، على حد نقل محمودي: "طلبتُ منك إستراتيجية وليس منظوما شعريا".

​​هذه الحادثة، وفق المحلل السياسي، "تعطي صورة عن نظرة القبائل إلى مشروع الانفصال الذي يعرضه عليهم فرحات مهني من فرنسا".

منافسة شديدة

من جانبه، يؤكد الناشط السياسي، العربي الهاشمي، أن مهمة حركة "ماك" في الحضور بمنطقة القبائل صعبة، بالنظر إلى وجود تنافس سياسي كبير على هذه المنطقة بين قوى سياسية مختلفة.

فالهاشمي يعتبر أن منطقة القبائل هي "وعاء انتخابي هام جدا، وكثيرا ما شكلت أرضية صراع سياسي بين التشكيلات الرئيسية التي تتمتع بقاعدة هناك".

اقرأ أيضا: حكم ذاتي أم انفصال.. ماذا تريد حركة 'ماك' الجزائرية؟

ويؤكد الفاعل السياسي نفسه أن حزبا جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية "حصلا على حصة الأسد من عدد المناضلين والمحبين" بمنطقة القبائل، وهو ما يصعب، وفقه، من مهمّة الحركة الانفصالية أكثر.

"دعني أعتبرها حركة عابرة لأنها وليدة فكرة سطحية لا تعبر عن واقع تفكير القبائل بشكل عام"، يختم العربي الهاشمي تحليله لواقع حركة "ماك" في الجزائر.

غير أن هذا الطرح يحظى بمعارضة ناشطين في حركة "ماك"، الذين يعتبرون أن مطالب الحركة تحظى بتجاوب سكان القبائل.

ضمن هؤلاء عبان مزيان، وهو ناشط سياسي ومتابع لحراك "ماك" منذ نشأتها، والذي قال، في تصريح سابق لـ"أصوات مغاربية": "الحركة باتت تحشد الشارع، وأنصارها في تزايد. عدد المشاركين في احتفاليات الربيع الأمازيغي الفارطة (20 أبريل)، بلغ 15 ألفا، بعدما كانت الحركة تضم المئات فقط في صفوفها".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر
خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر

تمر الإثنين 16 سبتمبر 25 سنة على "استفتاء الوئام المدني" الذي أقرته الجزائر "آلية للمصالحة" مع الجماعات المتشددة.

وتتزامن الذكرى مع فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية، وهو الذي كان قد أمر الحكومة بـ"إعادة النظر في قانون 'لم الشمل' لفائدة الأشخاص الذين سلموا أنفسهم"، في أغسطس 2022، إلا أن القانون لم الجديد يصدر بعد.

وعول الرئيس الجزائري على قانون "لم الشمل" لتحديد طرق التعامل مع المتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وذلك بعد انقضاء الحيز الزمني لتطبيق قانون "الوئام المدني"، وفق بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وسبق لتبون أن أعلن في لقاء دوري مع وسائل إعلام محلية نهاية يوليو 2022 أن هذه المبادرة "ستكون امتدادا لقوانين الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية، وستشمل كل من تم تغليطهم وأدركوا بعدها أن مستقبلهم مع الجزائر، وليس مع بعض الأطراف الخارجية".

وتعود قوانين المصالحة الوطنية في الجزائر إلى عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال الذي أصدر قانون "الرحمة" في فبراير 1995، ثم قانون "الوئام المدني" الذي تبناه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرضه لاستفتاء 16 سبتمبر 1999، تلاه ميثاق "السلم والمصالحة" في سبتمبر 2005. وشجعت هذه القوانين مئات المتشددين المسلحين على الاستسلام والتخلي الطوعي عن أسلحتهم.

ومع تزايد أعداد المتشددين الذين يتم توقيفهم من قبل وحدات الجيش الجزائري (تحييد 30 مسلحا خلال السداسي الأول من 2024)، أو الذين يسلمون أنفسهم، تثار تساؤلات بشأن الإطار القانوني للتعامل معهم، بين من يرى إمكانية إصدار قانون جديد ينظم الأمر، وبين من يعتبر أن التغييرات السياسية والأمنية "طوت صفحة الوئام المدني والمصالحة مع المتشددين".

"روح المصالحة" 

وتعليقا على هذا النقاش، يؤكد الحقوقي فاروق قسنطيني أن "روح المصالح باقية في الجزائر"، لافتا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى "أهمية الحلول السلمية في معالجة قضايا الإرهاب والتشدد الديني بالجزائر".

ويتوقع قسنطيني إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى "عرض مشروع قانون تكميلي للوئام المدني والمصالحة من أجل استكمال ملف العفو المشروط الذي تبنته الدولة سابقا".

وأشار المتحدث إلى أن "نجاح مشاريع المصالحة السابقة في حقن الدماء بالجزائر، سيكون حافزا أمام الرئيس عبد المجيد تبون لعرض مشروع جديد للتكفل بالمسلحين الذين سلموا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة".

"صفحة مطوية"

ويرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن التعامل مع الحالات الجديدة وفق قانون الوئام المدني "لا يبدو ممكنا اليوم، بحكم أن هذا القانون يعتبر صفحة مطوية في الجزائر".

ويتابع بن حمو قائلا لـ"أصوات مغاربية" إن قانون الوئام المدني "حقق جزءا كبيرا من أهدافه قبل 25 سنة من اليوم، ولا يمكن إعادة العمل به لاختلاف الظروف والأولويات".

ويعتقد المتحدث أن إمكانية صدور قانون للمصالحة "أمر لن يتحقق على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بحكم أن الأولوية الحالية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها الجميع، بينما تتواصل عمليات مكافحة الإرهاب في شقها الأمني".

 

المصدر: أصوات مغاربية