يتداعى جسدها على كرسي خشبي بناصية الطريق. تضع أمامها ما يشبه طاولة مشكلة من ثلاث علب "كرتون".
فوقها، تعرض رغيفا محليا يعرف باسم "الملوي" وفطائر تدعى محليا بـ"المسمن".
هذه البضاعة هي كل مصدر رزق مستورة، امرأة جزائرية بلغت السبعين من العمر، وما زالت تتحمل ثقل الزمن على عاتقها.
بداية حياة صعبة
مستورة امرأة كغيرها من بائعات الرغيف والفطائر، ممن ينتشرن على طول أحد أرصفة سوق عين الصفراء، الواقع في قلب مدينة مستغانم (غرب الجزائر)، من أجل تحصيل قوت أولادهن.
لم تختر هذه المرأة السبعينية هذا النشاط طواعية، كما تقول، فقد لجأت إليه مكرهة بعدما أدارت الدنيا لها ظهرها، وفي عاتقها مسؤولية إعالة 12 ابنا.
"في الصباح الباكر، ألُفُّ الفطائر والأرغفة برقعة قماش حتى أحافظ عليها ساخنة، وأعرضها في السوق. ما أجنيه أغطي به مصاريف عائلتي"، تقول مستورة.
بنات مستورة يساعدنها في إعداد الفطائر في البيت، غير أنها تمنعهن من مرافقتها إلى السوق، ومساعدتها في البيع، خشية أن يتعرضن للتحرش أو لمضايقات، "لأن الشارع لا يرحم"، كما تقول.
نكسة الأربعين
ارتبطت مستورة في أواخر الستينات بشاب يكبرها بخمس سنوات. كانت ما زالت حينها مراهقة. أحبته وتنقلت معه إلى منطقة الشلف، وأنجبت منه 8 بنات و4 ذكور.
بعد حياة دامت أكثر من 20 سنة، وحين بلغت الأربعينات من عمرها، فارقها زوجها، لتجد نفسها مضطرة لرعاية 12 ابنا بمفردها. اضطرت للعمل بعدما عاشت حياتها ربة بيت بين الجدران.
تحكي هذه المرأة، وهي تحاول إخفاء دموعها، قائلة: "كنت أتساءل وقتها، هل أعيش عند شقيقي الأكبر الذي يؤوي والدتي أم عند والدي رفقة زوجته الثانية".
هذه الظروف اضطرت مستورة للنزول للعمل بائعة رغائف، ومصارعة الحياة للظفر بلقمة عيش تقدمها لأبنائها.
المصدر: أصوات مغاربية