عاد النقاش في الجزائر حول مدى استعداد النظام السياسي لإجراء "تغيير حقيقي" في البلاد استجابة لمطالب المحتجين الذي ما فتئوا يحملون شعارات تدعو إلى "قطيعة حقيقية" مع النظام السابق.
النقاش حركه هذه المرة الخبر المتعلق بتعيين وزير العدل السابق محمد شرفي على رأس السلطة العليا لتنظيم ومراقبة الانتخابات، خاصة أن الأخير زاول العديد من المهام والمسؤوليات في نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، وفي مراحل سابقة أيضا.
الأمر نفسه أيضا ينطبق على رئيس هيئة الوساطة والحوار، كريم يونس، الذي يعد هو الآخر أحد الشخصيات السياسية التي تقلدت العديد من المسؤوليات في هرم الدولة الجزائرية، وكان آخر منصب شغله هو رئاسته للمجلس الشعبي الوطني.
ومع عزم السلطات في الذهاب إلى إجراء انتخابات رئاسية، فإن العديد من الأطراف في المشهد السياسي لا تتوقف عن التساؤل عن مدى إمكانية إحداث "التغيير المنشود" من قبل أوساط شعبية عريضة.
مقابل ذلك، يبقى الحراك الشعبي في الجزائر متواصلا لحد الساعة، إذ يصر عدد كبير من المحتجين على رفض كل المقترحات التي قدمتها السلطة من أجل الخروج من الأزمة الحالية، رافضين شعارات تدعو إلى "الرحيل الكلي للنظام السياسي وجميع رموزه".
نقطة الصفر
يرى النشاط الحقوقي والسياسي، ياسر عوين، أن "الأمور في الجزائر لم تتغير قيد أنملة، وكل ما يجري هو التحضير لسيناريو يطيل من عمر النظام السياسي الذي يحكم البلاد منذ الاستقلال".
ويضيف المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "السلطة في الجزائر ترفض الاستجابة إلى مطالب الشعب وتصر على فرض سياسة الأمر الواقع على الجميع رغم ما يشكله ذلك من خطر حقيقي على البلاد".
ويتساءل عوين عن "خلفيات الاعتماد على شخصيات كانت إلى وقت قريب محسوبة على النظام من أجل الاضطلاع بمهام تجديد النظام السياسي".
ويقول في هذا الصدد: "موقف الشعب واضح.. هو يطالب بالرحيل الكلي للنظام وجميع الرموز المحوسبة عليه، وإذا لم يتحقق ذلك فهذا يعني أننا سنضيع فرصة تاريخية أتيحت للشعب الجزائري عبر حراكه الشعبي الذي يبقى متواصلا إلى غاية اللحظة".
ويؤكد عوين أن من "الدلائل الكبرى" التي تثبت "عدم رغبة السلطة الحالية في التنحي أو مرافقة مطالب الشعب" هي "عودة حملة الاعتقالات في صفوف المناضلين وكل النشطاء الذين يرفضون المقترحات التي تقدمت بها لحل الأزمة الحالية".
التغيير والمرحلة
في المقابل، يقول البرلماني السابق وعضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، إبراهيم بولقان، إن مطالب الجزائريين المشاركين في مسيرات الحراك الشعبي "شرعية في عمومها، لكنها تحتاج إلى عامل الوقت من أجل ترجمتها إلى أرض الوقت".
ويضيف بولقان في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "التغيير لا يعني نسف كل مؤسسات الدولة وهياكلها، لأن الأمر ستكون له انعكاسات خطيرة على وضع البلاد ومستقبلها".
وأفاد المتحدث ذاته بأن "أغلب التجارب الديمقراطية في العالم اعتمدت على مبدأ التدرج والمرحلية خلال عملية إحداث التغيير، وهذا ما يجب الأخذ به في الحالة الجزائرية".
ودافع بولقان عن فكرة الاعتماد على بعض الوجوه القديمة التي شغلت مناصب سامية في الدولة خلال مراحل سابقة، مؤكدا أنه "لا يمكن وضع جميع الأسماء والشخصيات في سلة واحدة".
"كريم يونس أو محمد شرفي أو حتى شخصيات أخرى خدمت الدولة ولم يكونا مرتبطين بأشخاص مع النظام أو محسوبين عليهم، بدليل أنهما عبرا عن موقفيهما المعارضين للسلطة وتعرضا لحملة من قبل قبلها"، يستطرد المتحدث.
وأوضح القيادي في جبهة التحرير الوطني أن "التغيير الذي يطالب به الشعب الجزائري يبقى مشروعا قائما وسيتحقق بجميع تفاصليه وجزئياته بعد انتخاب رئيس جديد تكون له جميع الصلاحيات لتحقيق ذلك".
المصدر: أصوات مغاربية