مع تخفيف الحجر في تونس والجزائر.. مخاوف من ارتفاع إصابات كورونا
شرعت كل من تونس والجزائر في تخفيف تدابير الإغلاق التام، الذي تم إقراره لمكافحة فيروس كورونا، ولكن بحذر و"تخوّف" بارزين من عودة نسق الإصابات للارتفاع مجددا.
وعبّر وزير الصحة التونسية عبد اللطيف المكي في تدوينة الأحد على صفحته على فيسبوك عن "تخوّف"، وبرّره بـ"ما نراه من انفلات هنا وهناك تجاهلًا أو تحت ضغط الحاجة"، والسلطات في هذه الحالة "ستتحمل مسؤوليتها بحماية المجتمع بما في ذلك العودة الى الحجر العام".
بالموازاة مع ذلك، حذر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الجمعة من تشديد الحجر في حال لم يتمّ التزام الإرشادات الصحّية.
بدأت أولى الاصابات تظهر لدى أشخاص مطلع مارس الفائت كانوا عائدين من أوروبا، حيث بدأت الأزمة تشتد وسرعان ما قامت كل من تونس والمغرب والجزائر بفرض تدابير مشددة بداية بإغلاق الحدود تدريجيا.
وفرضت كل من الجزائر وتونس حظر تجول ليلا، كما أغلقت المدارس وطلبت السلطات من مواطنيها البقاء في بيوتهم منذ الأسبوع الثالث مع ظهور الفيروس بالرغم من أنها بالكاد بدأت تسجل ارتفاعا في الإصابات (54 مصابا في تونس و90 في الجزائر) فيما كان شمال المتوسط يعاني أزمة مستفحلة.
أغلقت جميع المطاعم والمقاهي والمراكز التجارية الكبرى في تونس العاصمة وفي المناطق الداخلية وبقيت بعض المحلات الغذائية مفتوحة لتزويد المواطنين، وتم تشديد الرقابة الأمنية على الجولان وصلت إلى فرض عقوبات بالسجن.
وقررت السلطات الجزائرية نهاية الأسبوع الفائت إعادة إغلاق العديد من المتاجر في ولايات وفي الجزائر العاصمة، بسبب عدم احترام التدابير الصحية والتباعد الاجتماعي.
وأحصت السلطات في الجزائر "ارتفاعا بـ27 في المئة في عدد الإصابات في الفترة الممتدة بين بداية شهر رمضان الموافق 24 أبريل والثلاثين من الشهر".
عند اتّخاذه قرار استئناف الأنشطة التجارية قبل أسبوع، طالب رئيس الحكومة عبد العزيز جراد الجزائريّين بـ"مواصلة الامتثال، بكلّ وعي وصرامة، لتدابير النظافة، والتباعد الاجتماعي والحماية".
"ربحنا المعركة وليس الحرب"
أقرّ رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ في حوار تلفزيوني نهاية أبريل الفائت بأن بلاده "شبه مسيطرة على الوضع"، مستدركا "لم نخرج بعد من الأزمة"، مرجعا ذلك إلى مجموعة التدابير المعتمدة منذ ظهور الحالات الأولى من المصابين، ولاسيما غلق الحدود البرية والجوية تدريجيا تزامنا مع ظهور الإصابات الأولى.
وتؤكد السلطات الصحيّة في تونس بأن منهجيتها في مكافحة كوفيد-19، والتي تعتمد على العزل التامّ لحاملي أعراض الفيروس والقيام بالتحاليل الموجهة، كانت "ناجحة"، ومكنتها من تفادي 25 ألف إصابة وألف وفاة.
وتقول عضو اللجنة الوطنية لمكافحة كوفيد-19 حنان التويري بن عيسى "ربحنا المعركة وليس الحرب"، مشيرة إلى ضرورة اليقظة والتعويل على وعي المواطنين للتعايش مع هذا الفيروس في المرحلة القادمة.
فاق عدد الأشخاص المصابين بالفيروس في تونس ألف حالة بقليل وتوفي جراءه 42 شخصا في بلاد يتواجد فيه نحو 11 مليون ساكن، بينما في الجزائر الجارة، حيث يتضاعف عدد السكان بأكثر من أربع مرّات، أصيب بكوفيد-19 أكثر من 4500 شخص وسجلت البلاد أكثر من 460 حالة وفاة.
عاد نسق الإصابات ليرتفع في الجزائر مع بداية شهر الصيام، وقالت سلطات جهوية في البلاد الأحد إنّها أغلقت نهاية الأسبوع أنشطةً تجاريّة عدّة كانت استأنفت نشاطها الأسبوع الماضي، وذلك بسبب عدم التزامها قواعد الصحّة والتباعد الاجتماعي.
ومنذ بدء شهر رمضان أُحصيت 56 وفاة و1467 إصابة جديدة في الجزائر.
خطر العودة
يشهد نسق الوفيات في البلدين استقرارا، لكن ذلك لا يكفي لتطمئن السلطات.
ويحذر الطبيب الجزائري إيدير بيتام الخبير في الأمراض المنقولة من "خطر عودة" الاصابات وذلك "بالنظر إلى التراخي، وسنشعر به في الأسابيع القادمة"، على حد تعبيره.
كما تقول الطبيبة ورئيسة قسم الأمراض المعدية بمستشفى "الرابطة" في تونس حنان التيويري بن عيسى "توصلنا لكبح الجائحة ولكن يجب تدعيم ذلك".
وتبين بن عيسى أن تونس كانت "سبّاقة منذ بداية ظهور الفيروس إلى فرض إجراءات تحد من انتشاره في البلاد.
إلى ذلك، يقول سليمان بن سلامة أستاذ الرياضيات في الجامعة التونسية ومدير مختبر الرياضيات البيولوجية بمعهد باستور تونس "منذ أسبوع استقرّ عدد الإصابات ثم بدأ بالانخفاض وهذا نتيجة عاملين أساسيين هما: أوّلا سياسة العزل المطبقة على المصابين وعلى محيطهم العائلي ما ساهم مباشرة في التقليص في العدوى، ثم قرار حظر التجول والإغلاق التامّ الذي قلص بصفة كبيرة في التجمعات بين الناس".
يرجح الخبراء في علوم الوباء العديد من الفرضيات والعوامل قيد البحث العلمي، والتي قد تكون ساهمت بصفة مباشرة أو غير مباشرة في الحد من انتشار الفيروس في البلاد.
تُقدّر الأستاذة ريم عبد الملك المختصة في الأمراض الجرثومية في "مستشفى الرابطة" (حكومي) أن هناك "فرضيات متعددة لم يتم تأكيدها علميا يمكن أن نفسر بها الوصول إلى هذا المنحنى، منها التطعيم ضد السلّ (المعروف بالبي سي جي)"، وقد أدرجته تونس ضمن أجندة اللقاحات منذ مطلع الستينيات.
وتؤكد عبد الملك أن "الحجر الصحي الذي تم اعتماده منذ البداية كان أهم عامل ساعد على تجاوز الأزمة".
بدأ تخفيف الحجر الصحي العام في تونس الإثنين، وذلك عبر السماح لنصف عدد العاملين بالرجوع التدريجي لنشاطهم، لكن العديد من الإخلالات والتراخي بدأت تظهر خصوصا عبر الازدحام في وسائل النقل والتجمعات وعدم وضع الكمامات.
- المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية