- قال الناشط السياسي الجزائري، كريم طابو، إن هناك "ثورة مضادة تقوم بها السلطة تهدف إلى منع بناء دولة جديدة"، وأضاف، في حوار مع "أصوات مغاربية"، أن الوضع الذي تمر به البلاد "مجرد حلقة من مسلسل بوتفليقة"، على اعتبار أن "لا شيء تغير لحد الساعة منذ رحيل الأخير عن السلطة".
مرض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وغيابه يثير جملة من التساؤلات حول وضع البلاد حاليا ومستقبلها، كيف تقيمون الوضع الراهن؟
أكيد وضعية البلاد استثنائية على جميع الأصعدة، وتسير في اتجاه معاكس لما طالب به الحراك الشعبي.
هذا التشخيص السلبي يجعلني أشعر بحزن عميق على اعتبار أن الجزائر توفرت على فرصة تاريخية لم يسبق أن أتيحت لها في الماضي. فرصة أراد من خلالها الشعب الجزائري أن يعيد بناء دولته على أساس متين يجعلها تصمد أمام كل التحديات المفروضة.
للأسف ما نشاهده الآن في الجزائر هو عبارة عن ثورة مضادة تنفذها السلطة من أجل إجهاض مشروع الشعب الجزائري الذي خرج برمته يوم 22 فبراير حتى يقف في وجه العصابة والذين ساندوها لعدة سنوات.
لكن ما هي معالم هذه الثورة التي تتحدث عنها؟
الأمر كان واضحا منذ البداية، منذ اللحظة التي قررت فيها السلطة اختزال حل أزمة الجزائر في تطبيق المادة 102 من الدستور على الرئيس السابق، لكن دون معالجة المشكل من جذوره.
أصحاب هذا الحل هم الذين فرضوا على الشعب انتخابات رئاسية غير شفافة أنتجت رئيسا فاقدا للشرعية بسبب المقاطعة الشعبية لذلك الموعد السياسي.
هؤلاء لم يتوقفوا عند ذلك، ولم يأخذوا الدرس بل قاموا أيضا بتقديم مشروع تعديل الدستور، وهي الخطوة التي رد عليها الشعب بشكل واضح لا يحتاج لأي تفسير عندما قرر عدم المشاركة في الاستفتاء الشعبي بغالبية مطلقة.
إذا أردت أن أكلمك أيضا عن معالم الثورة المضادة لسردت لك قصص العشرات من النشطاء السياسين والصحافيين الذين تم الزج بهم في السجن لمجرد أنهم عبروا عن رأيهم مما يجري في البلاد.
أؤكد أن الأزمة الداخلية في البلاد تتفاقم يوما بعد يوم، وأنا هنا أتساءل متى يستفيق أصحاب القرار من سباتهم حتى يدركوا بأن الشعب قرر شيئا آخر غير الذي يريدونه له؟
كلامك عن الوضع الداخلي يدفعنا للحديث عن الفراغ الذي خلفه غياب الرئيس تبون، وكذا الجهة التي تقرر مكانه داخل السلطة؟
بحسب معرفتي للنظام السياسي في الجزائر، فإن مصدر القرار السياسي بشكل عام، سواء في حضور أو غياب الرئيس، يعود إلى ثلاثة أطراف أساسيية: إما المؤسسة العسكرية بوصفها الجهة التقليدية التي ظلت تهمين على سلطة القرار، أو المصالح الأمنية أو الولاءات الخارجية.
لكن في العموم يمكن القول بأننا نعيش حلقة جديدة من مسلسل طويل اسمه بوتفليقة على اعتبار أن الوضع العام في الجزائر حاليا لا يختلف عما كنا نعيشه في وقت سابق، إن لم يكن الأمر قد تعقد أكثر.
ماذا تقصد بأن الأمر تعقد أكثر؟
أريد القول بأن السلطة فقدت العديد من الأوراق التي كانت تناور بها في السابق. تخيل مثلا أن أصحاب القرار سيجدون صعوبة كبيرة في تطبيق المادة 102 على الرئيس في حال وجدوا فيها الأنسب للخروج من الأزمة التي يواجهونها حاليا بسبب وضعه الصحي.
فالمادة 102 تجبرهم على إسناد مهام تسيير شؤون الدولة إلى رئيس مجلس الأمة، لكن الغريب في الأمر أن الأخير معين بالنيابة منذ قرابة عام ولا يمكنه الاضطلاع بهذه المهمة.
إضافة إلى ذلك، فالوضع الاقتصادي للبلاد لا يبشر بالخير في ظل تهاوي أسعار النفط، ناهيك عن التداعيات الكبيرة التي خلفها وباء كورونا على العالم وعلى الجزائر، لذلك أنا جد مقتنع بأن الوضع أضحى أكثر تعقيدا من السابق.
وما هو الحل إذن؟
أولا يجب التأكيد على أنه لا يمكن الحديث عن حل للبلاد دون العودة إلى الشعب الذي قدم مشروعا واضح المعالم والوسائل والغايات من أجل بناء دولة جديدة.
مشروع الشعب عبرت عنه تلك اللافتات التي حملها المتظاهرون في مسيرات الحراك الشعبي بما تضمنته من معاني سامية تعبر عن نضح المستوى السياسي للجزائريين.
الشعب يريد ثلاث أشياء لا رابع لها، فهو يطمح إلى دولة قانون، وقضاء مستقل واحترام الحريات.
ويمكن مناقشة هذه المطالب وصياغتها في دستور لا تتعدى مواده 20 مادة.
- المصدر: أصوات مغاربية