هل تتمكن الجزائر من استرجاع الأموال المنهوبة؟
قدم وزير العدل الجزائري، عبد الرشيد طبي، مقترحا إلى نظرائه في الدول العربية من أجل تسهيل مهمة استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج، وذلك خلال الدورة الـ37 لمجلس وزراء العدل العرب، التي انعقدت في العاصمة المصرية القاهرة، أول أمس الإثنين.
ويعد ملف استعادة الأموال المنهوبة من المواضيع المثيرة للجدل في الجزائر، وذلك منذ رحيل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم في أبريل من عام 2019، عقب موجة احتجاجات الحراك الذي انطلق في فبراير من نفس السنة.
وكانت قضية استرجاع الأموال المنهوبة قد شكلت موضوع الحملة الانتخابية للرئيس عبد المجيد تبون، إذ قال حينها "إنها إحدى أولوياتي"، وبعد انتخابه باشرت السلطات القضائية البحث عن تلك الأموال داخل البلاد وخارجها.
وتزامن ذلك مع الشروع في محاكمات واسعة طالت العديد من المسؤولين ورجال الأعمال بتهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال السلطة.
"٣٠٠ مليار دولار"؟
يقدر المحامي والحقوقي، فاروق قسنطيني، عدد قضايا الفساد الرائجة أمام المحاكم الجزائرية بنحو 200 قضية" مشيرا ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" إلى أن هناك "العديد من رجال الأعمال الذين يملكون ثروات هائلة، تقدر لدى أحد الموقوفين، بنحو 2 مليار دولار".
من جانبه يقول خبير الإحصاء، نبيل جمعة إن "المبلغ التقديري للأموال المهربة للخارج يقدر بنحو 300 مليار دولار"، مفندا صحة "التقديرات السابقة التي أشارت إلى 200 مليار دولار".
ويتابع جمعة تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مشيرا إلى أن "بعثة البنك الدولي كانت قد أبلغت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عام ٢٠١١ أن تضخيم فواتير الاستيراد في الجزائر بلغ 300 مليار دولار"، مضيفا أن "هذا المبلغ المضخم يخص تحويلات الاستيراد خلال الفترة ما بين 2000 إلى 2010، التي تقدر إجمالا بـ 1500 مليار دولار".
من جهة أخرى، يعتبر جمعة بأن "ما تم حجزه لدى رجلي الأعمال، كونيناف وعلي حداد، لم يصل إلى استعادة الأموال المنهوبة والمهربة للخارج بواسطة استثمارات في دول أوروبية".
"استعادة الأموال مقابل إعفاءات"
في سبتمبر الماضي، عرضت الحكومة الجزائرية ضمن مخطط عملها أمام المجلس الشعبي الوطني "اعتماد طريقة تسوية ودية تضمن استرداد الأموال المختلسة" من طرف مسؤولين من عهد بوتفليقة ممن أدينوا بتهم فساد.
ويراهن قسنطيني الذي رافع في عدد من القضايا ذات الصلة على "المفاوضات والتسويات الودية مع المؤسسات" لحل هذا الملف "على أن تمتد للأشخاص أيضا، لاستعادة الأموال مقابل إعفاءات" بحسب تعبيره.
ويرى المتحدث أن "هذا الأسلوب ناجع لاستعادة الأموال"، معتبرا أنه "من غير المجدي الإبقاء على رجال أعمال في السجن، بينما يمكن استعادة الأموال منهم عن طريق المفاوضات".
من جانبه، يرى جمعة أنه "من الصعب إقناع المحكمة الأوروبية باستعادة أموال مهربة، تم تحويلها في الأصل تحت حماية قانون النقد والصرف الجزائري من البنك المركزي للخارج".
ويشدد المتحدث على "ضرورة توفر مستندات جوهرية لإقناع المحكمة الأوروبية، في ظل خروج تلك الأموال بطريقة قانونية آنذاك".
"مسألة شائكة"
المحلل السياسي فاتح بن حمو بدوره يصف مهمة استرجاع الأموال المهربة للخارج بكونها مسألة "شائكة".
ويتابع بن حمو تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مشيرا إلى "سهولة استعادتها داخليا بواسطة أحكام الحجز، كما حدث في محاكمات هذه السنة التي أصدرت خلالها المحاكم قرارات بمصادرة ممتلكات عدد من رجال الأعمال والمسؤولين".
في المقابل يتحدث المحلل السياسي عن مهمة "صعبة" و"تشبه المستحيل" فيما يتعلق باسترجاع الأموال المهربة نحو الخارج.
ويضيف بن حمو موضحا بأن "أغلب تشريعات تلك الدول تتيح استعادة الأموال الناتجة عن تجارة البشر والمخدرات أو السلاح، بينما يصعب الحصول عن الأموال المحولة خارج هذا السياق الممنوع دوليا".
- المصدر: أصوات مغاربية