يثير موضوع مصير اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي أسئلة عديدة وذلك في ظل اختلاف موقف الطرفين بشأن بنود الاتفاق الذي وقع عام 2002 ودخل حيز التنفيذ عام 2005.
ففي الوقت الذي تطالب السلطات الجزائرية بمراجعة الاتفاق وفق منطق "رابح - رابح"، يبدو أن الجانب الأوروبي يولي اهتماما بمحاور أخرى في ملف الشراكة مع الجزائر تهم أساسا قضايا الهجرة وحقوق الإنسان.
إمكانية المراجعة؟
في حوار حديث له مع صحيفة "ليبرتي" قال سفير الاتحاد الأوروبي في الجزائر، توماس إيكيرت، إن مراجعة الاتفاق أمر "ممكن" قبل أن يردف موضحا أنه يجب تحديد المجالات التي ستشملها المراجعة، مشيرا إلى أن "الجزائر لم تقدم بعد أي طلب حول المسألة".
وأضاف المسؤول الأوروبي مبرزا أن "اتفاق الشراكة يغطي كل جوانب علاقاتنا، ليس فقط العلاقات التجارية التي تثير النقاش.. برامج اقتصادية كثيرة ومهمة جدا، مع الحكومة الجزائرية" قبل أن يردف قائلا: "أعتقد أن التعاون الاقتصادي إذن يشتغل بشكل جيد، ولذلك أقول إن الوضع لا يستدعي مراجعة كبيرة لاتفاق الشراكة".
وكشف المصدر ذاته أن مراجعة اتفاق الشراكة قد تستغرق مدة زمنية تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات وذلك في حال كانت المراجعة "مهمة" وتتطلب "مصادقة كل الدول الأعضاء".
في الجانب الآخر، يرى خبراء أن الجزائر لم تستفد بقدر الاتحاد الأوروبي، من هذا الاتفاق وذلك منذ دخوله حيز التنفيذ قبل نحو ١٦ عاما.
وبلغة الأرقام، فإن إجمالي الصادرات الجزائرية خارج المحروقات الموجهة للاتحاد الأوروبي، بلغ 14 مليار دولار خلال الفترة بين عام ٢٠٠٥ وعام ٢٠١٥، في حين يقدر إجمالي الواردات الجزائرية من الاتحاد بـ220 مليار دولار بمعدل سنوي قدره 22 مليار دولار.
"توجه جديد"
تعليقا على الموضوع، يرى الإعلامي الجزائري، محمد سيدمو أن "اتفاق الشراكة ببنوده الحالية يخدم الطرف الأوروبي أكثر من الجزائر التي لا يمكنها أن تنافس الطرف الآخر بسبب ضعف مناخها الاستثماري وقاعدتها الصناعية".
وتابع سيدمو تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مبرزا أن "مراجعة بنود الاتفاقية مع الطرف الأوروبي تعتبر أكثر من ضرورية بالنظر إلى الخسائر الكبيرة التي تتكبدها الجزائر".
وأضاف مؤكدا أن "الجزائر لا يمكنها أن تفتح سوقا تبادلية تنافسية مع الطرف الأوروبي دون أن نكون قادرين على بيع منتجاتنا هناك، وهو أمر غير متاح في الظرف الحالي".
وأشار المتحدث ذاته إلى "توجه جديد" للجزائر في تعاملها مع الطرف الأوروبي، مؤكدا أنها "لا تولي أهمية كبيرة للتعامل مع الاتحاد الأوروبي ككتلة واحدة، بل تفضل تعزيز علاقاتها الاقتصادية الثنائية مع بعض القوى داخل الاتحاد الأوروبي"
وأضاف مبرزا في السياق أن "الجزائر تحاول التركيز على بعض البلدان الأوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا ومنحها الأولوية للضغط على الاتحاد الأوروبي".
"مخاوف أوروبية"
من جانبه، يرى أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة ورقلة، سليمان ناصر، بأنه "لا يمكن أبدا أن نتحدث عن وضعية انسداد في العلاقات بين الجانب الجزائري والاتحاد الأوروبي".
وبحسب ما أوضح ناصر في تصريح لـ"أصوات مغاربية" فإن "ما يحدث الآن كان متوقعا منذ سنوات، لأن المسؤولين الجزائريين الذين وقعوا على الاتفاق ارتكبوا خطأ كبيرا، لأنهم التزموا بشيء غير قابل للتجسيد".
وأضاف قائلا في السياق: "نحن وقعنا الاتفاق في 2005 ومنحنا أنفسنا وقتا ضيقا من أجل إعادة إصلاح البيت الداخلي، وهو الأمر الذي استفاد منه الطرف الأوروبي".
مع ذلك، شدد ناصر على أن "الاتحاد الأوروبي لديه هواجس ومخاوف كبيرة من انتشار النفوذ الاقتصادي للصين وتركيا في القارة السمراء التي تضم 1.3 مليار مستهلك ورؤوس أموال تقدر بحوالي 3 تريليون دولار".
تبعا لذلك، يرى المتحدث أن "الطرف الأوروبي يشعر بضياع سوق واعدة ممثلة في أفريقيا التي تعد الجزائر أحد بواباتها ومنافذها الرئيسية، وبالتالي سيضطر في الأخير إلى الرضوخ لمطلب الجزائر بمراجعة اتفاق الشراكة".
- المصدر: أصوات مغاربية