ماكرون وتبون
الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون

قالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيس إيمانويل ماكرون أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم السبت، وذلك في خطوة جديدة ضمن مسار  عودة الدفء للعلاقات بين البلدين بعد التوتر الذي شابها في الأشهر القليلة الماضية.

وأفادت الرئاسة الفرنسية بأن الرئيسين ماكرون وتبون "رحّبا بالديناميكية الإيجابية للعلاقات الثنائية، خاصة في المجالين الأمني ​​والاقتصادي، واتفقا على الاستمرار في هذا الطريق".

 وتحدّث ماكرون مع نظيره الجزائري عن قضايا الذاكرة والتاريخ بين البلدين، وأعرب عن نيّته في "تهدئة ذكريات الاستعمار والحرب في الجزائر"، وقال إنه "مستعد للعمل في هذا الموضوع مع نظيره الجزائري، ولاسيما فيما يتعلق بالبحث عن المفقودين وصيانة المقابر الأوروبية في الجزائر".

كما ركز الرئيسان على "استمرار التشاور تحضيرا لقمة الاتحاد الأوروبي - الاتحاد الإفريقي، التي ستنعقد في بروكسل يومي 17 و18 فبراير في إطار الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي".

وتطرق الرئيسان -تضيف الرئاسة الفرنسية- إلى قضايا الاستقرار الإقليمي، ولاسيما مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.

من جهتها أكّدت الرئاسة الجزائرية على حسابها الرسمي في فيسبوك، اليوم السبت، أن الرئيسين بحثا خلال ذلك الاتصال الهاتفي "آفاق انعقاد اللجنة القطاعية العليا المشتركة بين الحكومتين".

هزة كبيرة

ويشار إلى أن العلاقات الجزائرية الفرنسية عرفت هزة كبيرة في أكتوبر الماضي على خلفيات تصريحات للرئيس ماكرون شكك من خلالها في وجود "أمة جزائرية" قبل الاستعمار الفرنسي واتهم النظام "السياسي-العسكري" الجزائري بتكريس سياسة "ريع الذاكرة" بشأن حرب الاستقلال وفرنسا.

وردا على ذلك، قررت الجزائر استدعاء سفيرها في باريس للتشاور ومنعت الطائرات العسكرية الفرنسية المتجهة إلى منطقة الساحل من التحليق في مجالها الجوي.

لكن العلاقات بين البلدين بدأت تعود تدريجيا إلى مجراها الطبيعي بعد أن زار وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان في ديسمبر الماضي الجزائر واستقبله الرئيس تبون، ومن هناك دعا لودريان إلى عودة "العلاقات الهادئة" بين باريس والجزائر.

وقبل تلك الزيارة، أعرب الرئيس ماكرون عن "أسفه" للجدل الذي أعقب تصريحاته وأكد تمكسه الكبير بتنمية العلاقات الثنائية".

وبعد ذلك، استأنف السفير الجزائري مهامه بباريس في مطلع يناير ورحب وزير الخارجية الفرنسي بتلك الخطوة وأكد رغبة بلاده في إحياء "الشراكة" مع الجزائر.

المصدر: أصوات مغاربية/الحرة

مواضيع ذات صلة

خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر
خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر

تمر الإثنين 16 سبتمبر 25 سنة على "استفتاء الوئام المدني" الذي أقرته الجزائر "آلية للمصالحة" مع الجماعات المتشددة.

وتتزامن الذكرى مع فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية، وهو الذي كان قد أمر الحكومة بـ"إعادة النظر في قانون 'لم الشمل' لفائدة الأشخاص الذين سلموا أنفسهم"، في أغسطس 2022، إلا أن القانون لم الجديد يصدر بعد.

وعول الرئيس الجزائري على قانون "لم الشمل" لتحديد طرق التعامل مع المتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وذلك بعد انقضاء الحيز الزمني لتطبيق قانون "الوئام المدني"، وفق بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وسبق لتبون أن أعلن في لقاء دوري مع وسائل إعلام محلية نهاية يوليو 2022 أن هذه المبادرة "ستكون امتدادا لقوانين الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية، وستشمل كل من تم تغليطهم وأدركوا بعدها أن مستقبلهم مع الجزائر، وليس مع بعض الأطراف الخارجية".

وتعود قوانين المصالحة الوطنية في الجزائر إلى عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال الذي أصدر قانون "الرحمة" في فبراير 1995، ثم قانون "الوئام المدني" الذي تبناه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرضه لاستفتاء 16 سبتمبر 1999، تلاه ميثاق "السلم والمصالحة" في سبتمبر 2005. وشجعت هذه القوانين مئات المتشددين المسلحين على الاستسلام والتخلي الطوعي عن أسلحتهم.

ومع تزايد أعداد المتشددين الذين يتم توقيفهم من قبل وحدات الجيش الجزائري (تحييد 30 مسلحا خلال السداسي الأول من 2024)، أو الذين يسلمون أنفسهم، تثار تساؤلات بشأن الإطار القانوني للتعامل معهم، بين من يرى إمكانية إصدار قانون جديد ينظم الأمر، وبين من يعتبر أن التغييرات السياسية والأمنية "طوت صفحة الوئام المدني والمصالحة مع المتشددين".

"روح المصالحة" 

وتعليقا على هذا النقاش، يؤكد الحقوقي فاروق قسنطيني أن "روح المصالح باقية في الجزائر"، لافتا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى "أهمية الحلول السلمية في معالجة قضايا الإرهاب والتشدد الديني بالجزائر".

ويتوقع قسنطيني إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى "عرض مشروع قانون تكميلي للوئام المدني والمصالحة من أجل استكمال ملف العفو المشروط الذي تبنته الدولة سابقا".

وأشار المتحدث إلى أن "نجاح مشاريع المصالحة السابقة في حقن الدماء بالجزائر، سيكون حافزا أمام الرئيس عبد المجيد تبون لعرض مشروع جديد للتكفل بالمسلحين الذين سلموا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة".

"صفحة مطوية"

ويرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن التعامل مع الحالات الجديدة وفق قانون الوئام المدني "لا يبدو ممكنا اليوم، بحكم أن هذا القانون يعتبر صفحة مطوية في الجزائر".

ويتابع بن حمو قائلا لـ"أصوات مغاربية" إن قانون الوئام المدني "حقق جزءا كبيرا من أهدافه قبل 25 سنة من اليوم، ولا يمكن إعادة العمل به لاختلاف الظروف والأولويات".

ويعتقد المتحدث أن إمكانية صدور قانون للمصالحة "أمر لن يتحقق على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بحكم أن الأولوية الحالية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها الجميع، بينما تتواصل عمليات مكافحة الإرهاب في شقها الأمني".

 

المصدر: أصوات مغاربية