لوحة تذكارية للأمير عبد القادر قرب سجنه بفرنسا.. هذه قصته في قعلة أمبواز
تستعد بلدة أمبواز في وسط فرنسا لافتتاح لوحة منحوتة لصورة الأمير عبد القادر الجزائري يوم السبت المقبل (5 فبراير)، حسب ما ورد صحيفة "لانوفال روبيبليك"، التي وصفت الأمير بالشخصية المتسامحة والمتصالحة.
وأشارت الصحيفة على موقعها الإلكتروني إلى أن اللوحة المنحوتة، والتي كلف إنجازها حوالي 35 ألف يورو، تقع قرب قلعة "أمبواز" الملكية التي سجن فيها الأمير عبد القادر من 1848 إلى 1852 رفقة نحو مائة من مرافقيه وأقاربه.
وأضاف المصدر أن القرار يأتي تنفيذا لتوصيات المؤرخ الفرنسي، بنجامين ستورا الذي كلفه الرئيس إيمانويل ماكرون بتولي ملف الذاكرة والمصالحة بالتنسيق مع الطرف الجزائري.
فماهي قصة الأمير عبد القادر مع قلعة أمبواز الفرنسية؟
قاد الأمير عبد القادر مقاومة مسلحة ضد الجيوش الفرنسية التي غزت الجزائر عام 1830، وأعلن انتفاضته عقب مبايعة القبائل له يوم 27 نوفمبر 1832، وأسس الدولة الجزائرية بمقوماتها الحديثة.
وتواصلت المقاومة لغاية استسلامه يوم 23 ديسمبر1847، بتوقيع معاهدة تقضي بوقف القتال ضد القوات الفرنسية، وسميت معاهدة "لاموريسيير" نسبة لقائد الجيوش الفرنسية، الجنرال لويس لاموريسيير، الذي وقع على المعاهدة عن الجانب الفرنسي.
كان الاتفاق أن يتم نقل الأمير ومن معه إلى المشرق العربي، ليقضي بقية حياته في إحدى الدول هناك، إلا أن الفرنسيين "نقضوا عهودهم مع الأمير، يقول رئيس قسم التاريخ بجامعة سعيدة ، غرب الجزائر، الدكتور قدوري عبد الرحمان.
باحث جزائري: قلعة أمبواز "جريمة شنعاء" في حق الأمير..
ويصف قرار جنرالات الجيش الفرنسي بنقل الأمير عبد القادر وعائلته وعدد من أتباعه إلى قلعة أمبواز بـ"الجريمة الشنعاء"،ويضيف قدوري لـ"أصوات مغاربية" إن الأمير قضى فعلا 4 سنوات من 1848 إلى غاية 1852، سجينا بين جدران القلعة الباردة، التي قضى فيها معظم فترات سجنه بفرنسا.
وحسب الباحث قدوري، فإن برودة المكان وافتقاد الأمير للكثير من حقوقه كسجين حرب وأمير دولة سابق، أدى لوفاة العديد من مرافقيه ونسائه من شدة البرد والمرض.
ويعتبر المتحدث تلك الفترة "وصمة عار" في التاريخ الفرنسي، ويرفض أن يكون تكريم ذاكرته في قلعة "أمبواز" حدثا تصالحيا مع الذاكرة.
أطفال ونساء الأمير قتلهم البرد في قلعة أمبواز..
وتروي الكاتبة الجزائرية، أمال شعواطي، في حوار مع صحيفة "النصر" جانبا مأساويا مما حدث في قصر أو قلعة أمبواز، التي كانت تضم 96 أسيرا من أتباع وأقارب ونساء اللأمير عبد القادر.
وتقول النفسانية شعواطي، مؤلفة كتاب"جزائريات في قصر لمبواز" الذي يروي معاناة نساء الأمير عبد القادر في السجن، إن سجن القلعة تسبب في وفاة 25 سجينا في أمبواز، من بينهم 16 طفلا، و5 نساء من بينهن"مباركة" ثالث زوجات الأمير.
لم تسمح السلطات الفرنسية للأمير عبد القادر بالتواجد خارج القلعة التي كان يحرسها 250 جنديا فرنسا إلى سنة 1851 عندما ساءت حالته الصحية، إلى أن أفرج عنه نابليون الثالث عقب تنقله إلى بلدة أمبواز.
كاتبة فرنسية: الآذان من قلعة أمبواز والأمير خارج السجن..
وبخلاف ذلك تنقل الكاتبة الفرنسية المنحدرة من بلدة أمبواز، مارتين لوكوز، في كتابها "حديقة الشرق"، إذ تقول إن الأمير ظل"منغلقا" على نفسه خلال العامين الأولين من سجنه "ورفض الخروج ردا على عدم احترام فرنسا للوعد الذي قطعته"، وتقصد الاتفاق الذي تم لترحيله إلى المشرق العربي.
ثم تشير إلى ما نقله السكان عن أجدادهم من أنهم "رأوا الأمير يمشي بين الكروم"، مرفوقا بحراسة، ورغم أنها نقلت بحزن المعاناة في قلعة أمبواز إلا أنها تحدثت عن صداقة الأمير مع الكاهن في أمبواز، وعن سماح السلطات للأمير بممارسة العبادة على النحو الذي يراه مناسبا.
وكان سكان البلدة يسمعون الآذان من أعلى القلعة خمس مرات في اليوم، كما كانوا يسمعون الأجراس من نفس المكان.
المصدر: أصوات مغاربية