طفل حديث الولادة
طفل حديث الولادة- أرشيف

ذكرت صحيفة "المساء" المحلية أن السلطات المختصة في وزارة الصحة الجزائرية بصدد فتح تحقيقات بعد الارتفاع الكبير في عمليات الولادة القيصرية التي تشهدها البلاد، والتي وصلت إلى نحو نصف مليون عملية سنويا.

وأوضحت مصادر أن وزارة الصحة فتحت تحقيقا في "ظاهرة القيصريات، التي تحوّلت من نشاط طبي إلى نشاط تجاري يحقق مداخيل هامة في القطاع الخاص"، حيث تجاوزت النسبة المسجلة في الجزائر، المعدلات التي حددتها منظمة الصحة العالمية، فيما يخص الولادة عن طريق القيصرية والتي تقدر بـ15 في المائة.

وبحسب إحصائيات وزارة الصحة فإن عدد العمليات القيصرية التي تخضع لها الجزائريات بلغت أكثر من 490 ألف عملية من أصل مليون و200 ألف ولادة مسجلة سنويا بما يعادل نسبة 45 في المائة من مجمل عمليات الولادة، مشيرة إلى أن معظم تلك الجراحات تجري في القطاع الخاص.

وفي المقابل أكدت، عضوة النقابة الوطنية للقابلات الجزائريات والفيدرالية الوطنية لعمال الصحة، نعيمة رباعي، أن نسبة الولادات القيصرية تزيد عن 50 في المائة من مجمل الولادات المسجلة في الجزائر.

وقالت رباعي إن القطاع العام يستنفد كل الطرق من أجل الولادة العادية وهناك مراحل كثيرة يتوجب المرور عليها من أجل اللجوء إلى الجراحة القيصرية، مشيرة إلى أن الارتفاع الكبير لا يسجل في المستشفيات الحكومية، وأن السبب في ارتفاع النسبة هو عدم رغبة الأمهات في تحمل آلام المخاض، بحسب تعبيرها. 

من جانب آخر، كشفت مصادر من وزارة الصحة أن أغلب الشكاوى التي ترفع يوميا ضد مصالح التوليد، تتضمن تعرض المقبلات على الولادة إلى سوء المعاملة أثناء عملية الولادة، كما تشمل سوء المعاملة الإيذاء الجسدي أو اللفظي أو التمييز أثناء الولادة، مع تعرض بعض النساء للصفع والصراخ في وجههن، أو الاستهزاء بهن أو الضغط عليهن بالقوة، وتسجيل شجارات كثيرة مع عائلة الحامل.

وهنا ترد رباعي قائلة إن القابلة هي التي تتعرض للعنف خلال عملية التوليد، وتضطر إلى طلب المساعدة من المقبلة على الولادة، خوفا من خسارة المولود وتعرض حياة الأم للخطر، مشيرة إلى أن الاتهامات والشكاوى التي ترفع ضد القابلات لا أساس لها من الصحة، ولا يمكن التعدي بالضرب على المقبلات على الولادة أو حتى شتمهن كما يتم الترويج له، على حد تعبيرها.

مواضيع ذات صلة

خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر
خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر

تمر الإثنين 16 سبتمبر 25 سنة على "استفتاء الوئام المدني" الذي أقرته الجزائر "آلية للمصالحة" مع الجماعات المتشددة.

وتتزامن الذكرى مع فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية، وهو الذي كان قد أمر الحكومة بـ"إعادة النظر في قانون 'لم الشمل' لفائدة الأشخاص الذين سلموا أنفسهم"، في أغسطس 2022، إلا أن القانون لم الجديد يصدر بعد.

وعول الرئيس الجزائري على قانون "لم الشمل" لتحديد طرق التعامل مع المتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وذلك بعد انقضاء الحيز الزمني لتطبيق قانون "الوئام المدني"، وفق بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وسبق لتبون أن أعلن في لقاء دوري مع وسائل إعلام محلية نهاية يوليو 2022 أن هذه المبادرة "ستكون امتدادا لقوانين الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية، وستشمل كل من تم تغليطهم وأدركوا بعدها أن مستقبلهم مع الجزائر، وليس مع بعض الأطراف الخارجية".

وتعود قوانين المصالحة الوطنية في الجزائر إلى عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال الذي أصدر قانون "الرحمة" في فبراير 1995، ثم قانون "الوئام المدني" الذي تبناه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرضه لاستفتاء 16 سبتمبر 1999، تلاه ميثاق "السلم والمصالحة" في سبتمبر 2005. وشجعت هذه القوانين مئات المتشددين المسلحين على الاستسلام والتخلي الطوعي عن أسلحتهم.

ومع تزايد أعداد المتشددين الذين يتم توقيفهم من قبل وحدات الجيش الجزائري (تحييد 30 مسلحا خلال السداسي الأول من 2024)، أو الذين يسلمون أنفسهم، تثار تساؤلات بشأن الإطار القانوني للتعامل معهم، بين من يرى إمكانية إصدار قانون جديد ينظم الأمر، وبين من يعتبر أن التغييرات السياسية والأمنية "طوت صفحة الوئام المدني والمصالحة مع المتشددين".

"روح المصالحة" 

وتعليقا على هذا النقاش، يؤكد الحقوقي فاروق قسنطيني أن "روح المصالح باقية في الجزائر"، لافتا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى "أهمية الحلول السلمية في معالجة قضايا الإرهاب والتشدد الديني بالجزائر".

ويتوقع قسنطيني إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى "عرض مشروع قانون تكميلي للوئام المدني والمصالحة من أجل استكمال ملف العفو المشروط الذي تبنته الدولة سابقا".

وأشار المتحدث إلى أن "نجاح مشاريع المصالحة السابقة في حقن الدماء بالجزائر، سيكون حافزا أمام الرئيس عبد المجيد تبون لعرض مشروع جديد للتكفل بالمسلحين الذين سلموا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة".

"صفحة مطوية"

ويرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن التعامل مع الحالات الجديدة وفق قانون الوئام المدني "لا يبدو ممكنا اليوم، بحكم أن هذا القانون يعتبر صفحة مطوية في الجزائر".

ويتابع بن حمو قائلا لـ"أصوات مغاربية" إن قانون الوئام المدني "حقق جزءا كبيرا من أهدافه قبل 25 سنة من اليوم، ولا يمكن إعادة العمل به لاختلاف الظروف والأولويات".

ويعتقد المتحدث أن إمكانية صدور قانون للمصالحة "أمر لن يتحقق على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بحكم أن الأولوية الحالية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها الجميع، بينما تتواصل عمليات مكافحة الإرهاب في شقها الأمني".

 

المصدر: أصوات مغاربية