تشهد الجزائر في منتصف شهر أكتوبر المقبل انتخابات جزئية جديدة تخص 6 بلديات في منطقة القبائل التي قاطع سكانها للاستحقاقات المحلية التي جرت العام الماضي.
وتراهن السلطات كثيرا على هذا الموعد السياسي بسبب الحساسية الكبيرة التي أضحت تميز منطقة القبائل عن غيرها من باقي الولايات، على ضوء المشاركات الضعيفة لمواطنبيها في جميع الانتخابات التي نظمت بعد الربيع الأمازيغي الأسود في عام 2001.
وأعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات عن إعادة الانتخابات في 6 بلديات في منطقة القبائل، 4 منها تتواجد في ولاية القبائل، واثنان في ولاية بجاية، حيث لم تصل نسبة المشاركة إلى النصاب القانوني الذي يسمح بتشكيل مجالس محلية كما جرى عليه الأمر في باقي المناطق.
تفاؤل رسمي
وأبدى رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، في ندوة صحافية عقدها بولاية بجاية، مؤخرا، تفاؤلا بالاستحقاقات الجزئية التي ستنظم منتصف شهر أكتوبر المقبل، حيث قال إن "ولايتي بجاية وتيزي وزو قدمتا درسا في المواطنة بعد أن أخذ أهاليها موقفا سلميا في الانتخابات السابقة، واليوم أخذت موقفا آخر وهو المشاركة في الانتخابات المحلية الجزئية".
مؤشرات إيجابية..
وتشترك أطراف عديدة مع التوجه الإيجابي للسطة حيال مصير هذه الاستحقاقات على خلفية جملة من المعطيات، من بينها إعلان حزب جبهة القوى الاشتراكية "الأفافاس" المشاركة في هذه الانتخابات الجزئية.
ويعد حزب الراحل الحسين آيت أحمد أحد أكبر التشكيلات السياسية المؤثرة في منطقة القبائل، حيث تأسس بها سنة 1963، كما أن أغلب مسؤوليه التاريخيين والحاليين ينحدرون منها.
ويعتقد رئيس تحرير جريدة "ليكسبرسيون"، سعيد بوستة، أن "الأجواء العامة التي تجري فيها الانتخابات الجزئية في منطقة القبائل تختلف تماما عن تلك التي أحاطت بالانتخابات المحلية الأخيرة".
وقال في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "نجحت السلطة في تحقيق العديد من الأهداف لصالحها في المدة الأخيرة، وهو الأمر الذي قد يؤثر بشكل مباشر في سلوك المنتخبين بالبلديات التي ستُعاد فيها الاستحقاقات".
على رأس ذلك، يفيد المتحدث "الإرداة القوية التي عبرت عنها الدولة في دعم المواطنين اجتماعيا واقتصاديا من خلال الزيادة المقررة في الأجور، وهو العامل الذي أزال الكثير من الأعباء على المواطنين في مناطق عديدة".
وأضاف المتحدث أن "منحة البطالة التي أقرها الرئيس قد تقلب معادلة الانتخابات في منطقة القبائل على اعتبار أن المستفيدين منها جلهم شباب وهم النسبة الطاغية على الوعاء الانتخابي".
وتعاني منطقة القبائل مشاكل عديدة سببها الرئيسي هو غياب برامج تنموية محلية، وهو الأمر الذي فاقم من أزمة البطالة والسكن في أغلب ولاياتها.
وتعليقا على ذلك، يقول بوستة "بقاء بلديات من دون منتخبين قد يفاقم من الوضعية التي يعيشها أهالي هذه البلديات، ما قد يدفعهم إلى تغيير سلوكهم من الانتخابات القادمة".
شكوك وتساؤلات
وعلى عكس الأحزاب التي أعلنت مشاركتها في الاستحقاقات الجزئية المنتظرة، قرر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية "الأرسيدي" مواصلة موقفه الرافض لأية انتخابات في الجزائر بدون القيام بإصلاح شامل في مفاصل الدولة، وفق ما يطالب به مسؤولوه.
وفي الصدد قال رئيس الحزب، عثمان معزوز، "لا أعتقد أن شيئا سيتغير خلال الانتخابات المقبلة على اعتبار أن الوضع السياسي في الجزائر باق على حاله، بل تعقد أكثر مقارنة بمرحلة ما قبل الحراك الشعبي".
وأضاف في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "الشعب سواء في منطقة القبائل أو في ولايات أخرى من البلاد يريد انتخابات حقيقية تتمتع بالمصداقية والشفافية وتسمح بإنتاج مؤسسات قوية تعبر عن إرداة المواطنين وتقودهم إلى التغيير الذي يتطلعون إليه وهو الأمر غير المتوفر في الظرف الحالي".
وتابع معزوز "الهدف الأساسي للسلطة في الجزائر هو استحداث مؤسسات صورية لا يكون لها أي أثر في الساحة المحلية ولا يمكن لها المساهمة في تحقيق تنمية اجتماعية عادلة كما يحلم جميع الجزائريين".
واستبعد رئيس "الأرسيدي" أن يعود السلوك الانتخابي في منطقة القبائل إلى ما تطمح إليه السلطات ما لم تثبت رغبتها الحقيقية في التغيير من خلال الاستجابة لجميع المطالب التي رفعت منذ الحراك الشعبي إلى غاية الآن".
المصدر: أصوات مغاربية