أفاد وزير الشؤون الدينية الجزائري يوسف بلمهدي، الأربعاء، بأن 70 إماما تعرضوا لاعتداءت خلال السنة الماضية، مشيرا إلى أن "16 من هذه الاعتداءات كانت جسمانية".
وجاءت تصريحات الوزير بلمهدي، التي أدلى بها في ندوة صحافية بمدينة تيزي وزو، شرق العاصمة، بعد الضجة الكبيرة التي أثارتها حادثة وفاة أحد الأئمة الأسبوع الماضي متأثرا باعتداء تعرض له في مدينة مغنية، أقصى الغرب الجزائري.
وحسب المسؤول الأول عن قطاع الشؤون الدينية بهذا البلد المغاربي، فإن "دائرته قررت فتح هذا الملف ومتابعته على خلفية تزايد هذه الأحداث في العديد من ولايات الوطن".
حوادث متكررة
وبتاريخ 23 أبريل الماضي، تعرض إمام مسجد بمدينة مغنية للطعن بخنجر، وقد خلف الحادث موجة من ردود الفعل الغاضبة والمنددة خصوصا أنه جاء بعد أيام قليلة على تعرض إمام آخر لاعتداء شرق البلاد.
والأسبوع الماضي قضت محكمة جزائرية بإحالة المعتدي على إمام مسجد بمغنية إلى مستشفى الأمراض العقلية وذلك بعد إخضاعه للفحص الطبي "الذي أثبت في تقريره أن المعني بالأمر مختل عقليا وغير مسؤول جزائيا عن أفعاله" بحسب ما أعلن بلاغ صادر عن نيابة وكيل الجمهورية لدى مجلس قضاء تلمسان (غرب).
كما قضت محكمة أخرى بالسجن أربع سنوات نافذة في حق شخص اعتدى على إمام مسجد شرق البلاد، إذ أكد بيان صادر عن نيابة الجمهورية لدى مجلس قضاء تيزي وزو (شرق)، أن الاعتداء تسبب للإمام الضحية في "كسر على مستوى الرجل اليسرى استلزم إجراء عملية جراحية له".
وأثارت تلك الحوادث موجة من ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة خصوصا أنها ليست الأولى من نوعها.
فقبل نحو سنتين اهتزت الجزائر على وقع جريمة قتل راح ضحيتها إمام "تعرض لعملية القتل أثناء إمامته عصرا للمصلين" بمدينة تيزي وزو.
وقالت السلطات القضائية، وقتها، إن "الضحية كان يؤم المصلين، قبل أن يخرج المعتدي خنجرا من الحجم الكبير وقام بالاعتداء عليه، مما أدى إلى وفاته بعين المكان متأثرا بجروحه".
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن التحريات أثبتت "أن المشتبه فيه تبدو عليه ملامح اضطرابات عقلية".
واتهمت النيابة المشتبه فيه حينها "بجنايتي القتل العمدي ومع سبق الإصرار والترصد والتعدي بالعنف على موظف المؤدي للوفاة مع قصد إحداثها"، وقضت العدالة بسجنه، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية.
"نصوص قانونية عاجزة"
وسبق للسلطات الجزائرية أن وضعت قانونا خاصا بهدف حماية الرموز الدينية من أي عملية عنف أو اعتداء، وقد تضمن المشروع عقوبات في حق مرتكبي هذا المخالفات.
وحسب رئيس النقابة الوطنية للأئمة في الجزائر، جلول حجيمي، فإن "النصوص القانونية المذكورة صارت عاجزة عن حماية الإمام بالنظر إلى كثافة الاعتداءات المسجلة في حقهم خلال المدة الأخيرة"، مشيرا إلى أن "الأمر يتطلب تدخلا سريعا من قبل السلطات العليا في البلاد بغرض تصحيح الوضع والقضاء على هذه الظاهرة".
وقال حجيمي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إنه "لا ينبغي تنويم الملف من خلال ربط الاعتداءات بالفعل المعزول أو نسبها لبعض المختلين العقليين، لأن حالات عديدة أكدت أن المسألة أعمق من هذا الطرح السطحي".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن "بعض الاعتداءات قام بها أناس من خارج المرجعية الفقيهة المعتمدة في الجزائر، كما أن أغلب الضحايا من الأئمة كانوا من أتباع المذهب المالكي، وهنا نقف أمام قراءة واحدة تؤكد أن الظاهرة ترتبط بمحددات وخلفيات فكرية ومذهبية خطيرة".
واتهم رئيس النقابة الوطنية للأئمة في الجزائر أطرافا لم يسمها بالعمل على "تهييج المجتمع وإثارة الاضطرابات من خلال استهداف الإمام بناء على مرجعية فقهية أو دينية معينة".
- المصدر: أصوات مغاربية