تتصاعد الدعوات الحقوقية المطالبة بإطلاق سراح باحث جزائري كندي اعتُقل قبل نحو أربعة أشهر، على خلفية تمكّن الناشطة، أميرة بوراوي، من مغادرة الأراضي الجزائرية عبر الحدود التونسية في فبراير الماضي، وفق منظمات حقوقية.
وطالبت منظمة "أرتكل 19" الدولية السلطات الجزائرية بإطلاق سراح الباحث، رؤوف فرّاح، و"إسقاط جميع التهم الموجهة إليه فورا".
وحثت المنظمة، التي تتخذ من لندن مقرها لها، السلطات الجزائرية على "احترام حقوق فراح الإنسانية كما يكفلها الدستور الجزائري والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك منحه إمكانية الحصول على الرعاية الطبية" بعد جراحة أجراها على مستوى الركبة مؤخرا.
ويأتي هذا توازياً مع تحركات حقوقية أخرى تسعى إلى الضغط على الجزائر لإطلاق سراح فرّاح وثلاثة أشخاص آخرين، بينهم الصحافي، مصطفى بن جامع.
ودعت كل من منظمات "هيومن رايتس ووتش" و"مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" و"الأورومتوسطية للحقوق"، الأسبوع الماضي، الجزائر إلى "إطلاق سراح أي شخص جاء احتجازه بشكل مباشر أو غير مباشر بناء على الاتهامات الجائرة" في قضية فرار بوراوي.
من يكون رؤوف فرّاح؟
يعمل هذا الباحث الجزائري الكندي، المقيم في تونس، محللا سياسيا في "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود"، وهي منظمة غير حكومية مقرها في مدينة جنيف السويسرية.
تتركز معظم أبحاثه على منطقة شمال أفريقيا، وبالخصوص الوضع السياسي في الجزائر وليبيا.
ومؤخرا، قام فرّاح (36 عاماً) بتنسيق جهود بحثية جماعية لإصدار كتاب يحمل عنوان "الجزائر: المستقبل على المحك" (Algérie : l'avenir en jeu: Essai sur les perspectives d’un pays en suspens).
ويتضمن الكتاب، الصادر في فبراير 2023، مقالات تناقش الوضع الراهن في الجزائر وآفاقها.
وتعاون فرّاح مع الصحافي بن جامع (الذي ما يزال قيد الاعتقال) لإصدار الكتاب.
وبعد "هروب" الناشطة بوراوي، ألقت قوات الدرك الوطني القبض على فرّاح في فبراير الماضي أثناء زيارة عائلية لأسرته في مدينة عنابة (شمال شرق).
ويقبع الباحث في سجن بصوف (قسنطينة) بتهم نشر "معلومات ووثائق على شبكة إلكترونية أو غيرها من الوسائط التكنولوجية التي يصنف محتواها على أنه سري جزئيا أو كليا"، وفقاً لأحكام المادة 38 من قانون حماية البيانات والوثائق الإدارية، وكذلك "تلقي أموال من مؤسسات أجنبية أو محلية بقصد ارتكاب أعمال من شأنها التأثير على النظام العام" وفقاً لأحكام المادة 95 مكرر من قانون العقوبات، وفق ما أوردته منظمة "أرتكل 19".
واعتُقل أيضا والده، السبتي فراح (67 عاما) في 15 فبراير، لكن ظل يُتابع بحالة سراح منذ الإفراج المؤقت عنه لأسباب صحية في الـ13 من أبريل الماضي.
ورغم أن المنظمات الدولية تربط بين فرار بوراوي واعتقال هذا الباحث، إلا أن السلطات لم توّجه إليه أي تهمة خارج المادتين 38 و95 مكرر.
يذكر أن قضية بوراوي أثارت جدلا واسعا في ثلاث دول، هي الجزائر وتونس وفرنسا.
وعلى الرغم من قرار منع السفر المفروض عليها، غادرت بوراوي الجزائر ودخلت تونس في الثالث من فبراير، قبل أن يتم توقيفها أثناء محاولتها السفر إلى باريس عبر مطار تونس قرطاج.
لكنها نجحت في الوصول إلى فرنسا.
وأثار ذلك غضب الجزائر التي استدعت سفيرها لدى فرنسا "للتشاور".
تحركات في كندا
وفي نهاية يونيو الماضي، بدأت وسائل إعلام كندية تسلط الضوء على قضية فراح، وهو خريج جامعتي مونتريال وأوتاوا، ومتزوج من مواطنة كندية، وهو أيضا أب لطفلة عمرها أربع سنوات.
وعقب 100 يوم على احتجازه، نشرت إذاعة كندا الدولية تقريرا على موقعها الإلكتروني يشير إلى أن أصدقاء وزملاء وأساتذة هذا الباحث مصدومون لاعتقاله.
وفي هذا السياق، قال مدير قسم العلوم السياسية في جامعة مونتريال، فريديريك ميران، في تصريحات للإذاعة "لقد صُدمت بشدة من اعتقاله ونحن جميعاً في قسم العلوم السياسية مصدومون. الأساتذة والعديد من الطلاب يعرفونه".
من جانبه، قال صديق رؤوف فرّاح، ويدعى مراد حواس، إن عائلة الباحث "يتملّكها شعور بالظلم وهي جدّ قلقة".
وأضاف: "رؤوف شاب مثالي ومكانه ليس في السجن".
وقارنت الإذاعة بين اعتقال فراح بقضية واعتقال مواطن كندي جزائري آخر، لزهر زوايمية، الذي أمضى 40 يوما في السجن نفسه العام الماضي.
- المصدر: أصوات مغاربية