شرع الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون في استقبال عدد من الفعاليات الوطنية في مقدمتهم رجال أعمال ومدراء صحف عمومية وخاصة والأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، وتثير هذه التطورات تساؤلات سبق وأن طُرحت بشأن التحضير لعهدة رئاسية ثانية.
وكان تبون استقبل، الثلاثاء، عددا من مدراء وسائل الإعلام العمومية والخاصة بعد فترة وجيزة من تعيين مدير حملته الانتخابية لرئاسيات 2019، محمد لعقاب في منصب وزير الاتصال، كما أعلنت الرئاسة الجزائرية عن استقبال الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، أكبر النقابات العمالية في البلاد، أعمر تقجوت.
وفي ديسمبر 2022 اعتبر عبد المجيد تبون، خلال حوار له مع وسائل إعلام محلية، أن "الحديث عن عهدة ثانية سابق لأوانه"، مضيفا أن اهتمامه "منصب على استكمال تجسيد التزاماته وأن كل شيء سيأتي في حينه"، وبعد مرور قرابة السنة علي هذا التصريح، وهو توقيت ينبئ ببدء العد التنازلي للعهدة الثانية. هل دقت ساعة الثانية؟
"السباق بدأ من أجل الاستمرارية"
تعليقا على هذه التطورات، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إسماعيل معراف، أن الرئيس عبد المجيد تبون "بدأ فعلا في ضبط عقارب الساعة على رزنامة سياسية غير معلنة، لكنها واضحة المعالم للمراقبين تتعلق بالانتخابات الرئاسية القادمة لسنة 2024، وتحديدا العهدة الرئاسية الثانية" التي يخول الدستور الجديد الترشح لها.
وكان تبون عرض في نوفمبر 2020، (سنة بعد انتخابه رئيسا للبلاد في يونيو 2019) استفتاء على دستور جديد للبلاد، حدد بموجبه العهدة الرئاسية بفترتين، وبحسب المادة 88 من الدستور الجديد فإن "مدّة المهمّة الرّئاسيّة خمس (5) سنوات، ويمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية مرّة واحدة".
كما جاء في المادة 122 من الدستور الجديد أنه لا يمكن أي تعديل دستوري أن يمس بالفقرة الثامنة التي جاء فيها أن" إعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة فقط".
وفي هذا الصدد يرى معراف أن السلطة "فتحت باب سباق الرئاسيات الذي يبدو أنه جاء في توقيته الطبيعي"، مضيفا أن "تبون شرع الآن في إطلاق هذا السباق، بعد أن تأكدت لديه حتمية الذهاب نحو عهدة ثانية تضمن استمرار نفس النسق السائد منذ نهاية 2019 في إدارة البلاد بحكم أن السلطة ترى الاستقرار في الاستمرارية".
ويؤكد إسماعيل معراف أن عدة عوامل تدفع نحو القول أن الرئيس الجزائري شرع في حملة الرئاسيات، وتتمثل في "تزامن الدخول الاجتماعي مع الزيادات التي أعلنها في المنح التعليمية والاجتماعية، وإجراءات، والتقارب مع النقابة العمالية العتيقة (الاتحاد العام للعمال الجزائريين)".
وكان حزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم سابقا (الأفلان) "أعلن مؤخرا عن عقد مؤتمره العام في أكتوبر الجاري، وذلك قبيل الانتخابات الرئاسية القادمة،" وفق معراف الذي توقع أن "يُدعم الأفلان ترشح تبون لعهدة رئاسية ثانية، شأنه شأن التجمع الوطني الديموقراطي الذي يقوده الطيب زيتوني الذي عين مسؤولا نيابة عنه، بعد أن تولى منصب وزير التجارة في الحكومة الحالية".
"آفاق جديدة لإنهاء العهدة الحالية"
وبخلاف ذلك فإن الاستقبالات التي قام بها الرئيس تبون بالنسبة للإعلامي محمد إيوانوغان لا تعدو أن تكون اجتماعات مغلقة لا تشي بأي مظهر من مظاهر التحضير السياسي للانتخابات".
ورغم عدم نفيه لإمكانية أن تكون هذه النشاطات الرئاسية تحضيرا مبكرا لمسار "انتخابي غير معلن لم يتقاسمه الرئيس مع شركائه"، فإن محمد إيوانوغان، قال خلال نفس التصريح بأن الرئيس "بحاجة لآفاق جديدة لإنهاء العهدة الحالية"، معتبرا أن "الذهاب لعهدة ثانية تحت هذه الظروف ستكون بنفس نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر 2019".
وقلل المتحدث من حجم تأثير نقابة العمال وحتى وسائل الإعلام المحلية على آراء الشارع السياسي في البلاد، معتبرا أن "معطيات الحقل السياسي في الجزائر تغيرت بعد الحراك الشعبي الذي بدأ في فبراير 2019"، مشيرا إلى "قطيعة كلية بين الشعب من جهة والفعاليات السياسية والإعلامية في البلاد".
المصدر: أصوات مغاربية