Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

مسجد، أرشيف
مسجد، أرشيف

بقلم مالك العثمامنة/

ثقافة عربية أم ثقافات؟ عقل عربي أم تعددية عقول؟

لا يمكن للكاتب – أي كاتب- أن ينعزل عن قرائه وردود فعلهم على ما يكتب، حتى لو كان من يقرأونه ممن يختلفون معه، وهم أساس و جوهر الكتابة لخلق حالة جدل يستفيد منها الكاتب والقارئ معا.

وفرت لنا التكنولوجيا الحديثة ذلك، من خلال ردود الفعل على ما نكتب، وفي "الحرة" كان التوظيف ذكيا في موقعي فيسبوك أحدهما لموقع القناة ويعيد نشر الأخبار والتقارير والمقالات، وموقع فيسبوك مرادف يتبع موقعا إلكترونيا اسمه "إرفع صوتك" يشكل منبرا ذكيا و جريئا وملتزما لنشر مختارات معينة من الأخبار والتقارير والمقالات، و بمقدمة من الأسئلة التي يطرحها الموقع التابع أيضا لشبكة "إم بي إن" وتعليقات بالآلاف على بعض المواضيع الجدلية المختارة، و من هناك كنت أتابع بمزيج خرافي من الفرح والخوف والارتياح والرعب واليأس ردود وتعليقات القراء في العالم العربي على ما كتبته في مقالات سابقة.

آخر المقالات عن "العلمانية" مثلا، كان نصيبها من الشتم والانتقاد غير الموضوعي كبيرا جدا، وأغلب التعليقات وهي كثيرة جدا رسخت نفس ما ذهبت إليه في المقال من مظلومية وقعت على مفهوم "العلمانية" وبين ردود متشنجة ومتوترة وردود ساذجة وتعقيبات تؤمن أن العلمانية مؤامرة ضد الإسلام، كنت أتساءل إن كان القارئ العربي عموما ملم بتاريخه (العربي – العربي) قبل الإسلام ثم تاريخه (العربي- الإسلامي) بعد ذلك؟

لا نتغنى بالحضارة الغربية، ولا نطلب أن ننسخها على واقعنا الجغرافي أو ننسخ ثقافتنا وهي ثقافة موزايكية متنوعة أقدم من الإسلام، بثقافة غربية ملائمة لجغرافيتها، لكن كل ما أردنا قوله أننا يجب أن لا نلغي الآخر، بل نتشابك معه، كما أنه يجب أن نفكر بضرورة فصل الدين عن الدولة للبدء بصياغة عقد اجتماعي جديد ينظم العلاقات بين الحاكم والمحكوم، وهي مطالب لا ندعي اختراعها، ولا نؤمن بسذاجة أنها اقتصرت على مفكري عصر النهضة الأوروبي أو الأميركي مثل هوبز ولوك وروسو أو جيفرسون و فرانكلين.

لقد كان في تاريخنا العربي نفسه، نماذج "علمانية" وتنويرية مفكرة لم تنجح أفكارها في خلق ثورة فكرية تقضي على التطرف والراديكالية في وسط سلطة دكتاتورية تتحالف مع كاردينالاتها الإسلامية المستفيدة من هذا التحالف نفسه، فغذت الدكتاتوريات بشرعية "المقدس" واستفادت بحضورها المباشر في السلطة كشريك.

ابن رشد، الرازي، الفارابي، ابن سينا وهو فيلسوف أيضا، كما كثير من متمردي الفكر الحر من أقطاب المعتزلة والصوفية الذين وضعوا أسسا لأفكار حرة كان يمكن لها أن تخرجنا مبكرا جدا من عنق التزمت الديني" الذي أقنع كل الأمة الإسلامية بأن أفرادها هم "شعب الله المختار"!!

وهو ذات التزمت المتطرف الذي وضع ثقافة متعلقة بجغرافيا محددة كثقافة إجبارية شاملة للبشرية جمعاء بقوة السيف، بعد أن أسبغت عليها صفة القداسة (!!) ولا يعرف أحد كيف اكتسبت تلك الثقافة الصحراوية كل تلك القدسية المتزمتة حتى تصبح خارج الجرح أو التعديل المطلوبين للارتقاء إنسانيا.

ومن هنا أيضا، فإن تلك الثقافة الصحراوية التي اختطفت الدين وكثفته في رؤيا سلفية ضيقة بحدود جغرافيا الكثبان الرملية، لا تزال تجد صعوبة في التموضع والتطبيع في بلاد الشام مثلا، رغم كل هذا الاحتلال والغزو الثقافي المدعوم بتمويل خرافي، وهو غزو بدأ منذ اللحظة الأولى التي تحالف فيها عبدالوهاب مع ابن سعود بدايات القرن التاسع عشر.

(استطراد: كنت انتهيت مؤخرا من قراءة كتاب أصله مخطوطة تم التحقق منها، بعنوان "يوميات فتح الله الصايغ الحلبي"، وهي يوميات مكتوبة بلغة عامية لتاجر مسيحي من حلب كتبها في الحقبة البونابرتية لحساب ضابط فرنسي بونابرتي مكلف بالتصدي للمشروع الإنجليزي الداعم لحركة عبدالوهاب في السيطرة على بلاد الشام والعراق مطلع القرن التاسع عشر، وفي الكتاب حوادث تاريخية رغم طرافتها إلا أنها تثير القلق على حجم الاختراق الممول استعماريا تمهيدا لسيطرة السلفية الوهابية على كامل المشرق العربي).

امتدت الثقافة الصحراوية إلى مصر، لتؤثر على المؤسسة الدينية المتزمتة أصلا و أقصد مؤسسة الأزهر، وهي حليف السلطة السياسية في مصر منذ ما بعد دولة محمد علي ووريث ما تبقى من الثقافة الفاطمية مما يجعل المؤسسة الأزهرية مجمعا للتناقضات الدينية (بين تزمت ابن تيمية وبكائيات كربلائية على عتبات "مقدسة")، وهو تأثير لا يزال قويا يدعم سلطة الأزهر في الإقصاء الفكري والإنساني، حتى أن أزهريا مثل الراحل علي عبدالرازق وهو خريج المؤسسة الأزهرية برتبة "عالم"، حين بحث في قواعد السلطة في الإسلام عام 1925 في كتابه ( الإسلام وأصول الحكم) الذي يرى البعض أنه أثبت بالشرع وصحيح الدين عدم وجود دليل على شكل معيّن للدولة في الإسلام، بل ترك الله الحرية في كتابه للمسلمين في إقامة هيكل الدولة، على أن تلتزم بتحقيق المقاصد الكلية للشريعة، ونادى بفصل الدين عن الدولة، نال "الحرمان" من الأزهر (يذكرنا ذلك بحرمان كنيسة روما لمارتن لوثر الذي انتقد سلطة الدين)!! فكان نصيب مصر هو مأسسة التطرف الديني عبر الأزهر، المتحالف مع السلطة السياسية ولا يزال في عملية تعايش تحكمها قواعد المنفعة والمصلحة المتبادلة.

العلمانية كانت جزءا من الثقافة الشامية بعمقها الفكري بعيدا عن المعتقدات، وحتى اليوم نجد تلك العلمانية راسخة في الثقافة الشعبية غير المتأثرة بهبوب الثقافات الصحراوية بين كل معتنقي أديان بلاد الشام والعراق، وما تلك الحروب التي تعاني منها المنطقة إلا بسبب هذا الغزو السلفي والمتطرف، وهو النقيض للعلمانية، التي عاشها أهل بلاد الشام قبل استبداد العثمانيين.

الأب ميلاد جاويش، وهو رجل دين كاثوليكي مسيحي مقيم في بروكسل وصديق تجمعني به محبتنا للموسيقى المشرقية والسيدة فيروز والرحابنة، كتب قبل فترة قصة تختصر كل ما أريد قوله، يقول فيها:

 ( كنتُ أستقلّ سيّارتي في لبنان عائدًا من زحلة إلى جعيتا، عن طريق المروج – عينطورة. وعند تمثال سيّدة زحلة، أصعدتُ معي أحد الجنود، وأنا من المعتادين أن أُصعدَ معي "أوتوستوب" عناصر من الجيش اللبنانيّ. بعد السلام والكلام، عرفتُ من اسمه أنّه من الطائفة السنيّة من منطقة بر الياس القريبة من قريتي. ولمّا عرفَ العسكريّ "شو بشتغل" (أي أنّي كاهن)، راح يخبرني مفتخرًا أنّه يعرف "أبونا جورج"، كاهن الكنيسة في قريته، وأنّهم يشاركون جيرانهم المسيحيّين الأفراح والأتراح في جوّ من التعايش السلميّ الراقي. وبما أنّي رجل دين، أخبرني أيضًا أنّهم يستقبلون من وقتٍ إلى آخر في جامع القرية شيوخًا يأتون من اليمن والسعوديّة ليلقوا عليهم دروسًا في الفقه والدين… ولمّا انتهى من كلامه، قلتُ له: "بتسمحلي يا وطن قلّك شغلي". فقال: "بالتأكيد". قلتُ: "هودي الشيوخ يللي بيجو من اليمن والسعوديّة تيعطوكن دروس، كان بالأحرى أنتو إسلام الضيعة في لبنان تعطوهن إلن دروس". ولمّا رأيتُه ينظر إليّ مستفسرًا متعجّبًا تابعت: "إيه، إنتو تعطوهن دروس بتقبّل الآخر شو ما كان دينو ولَونو. الشيخ اليمني أو السعودي يمكن بحياتو مش شايف مسيحي، ولا بحياتو فايت ع كنيسة، ولا بحياتو معيّد مع مسيحي أو معزّي بواحد مسيحي، ولا بعمرو بيحلم إنّو يوقفلو خوري "أوتوستوب" أو يطلع معو بالسيارة… بالوقت يللي إنتو، إسلام الضيعة، وبعدك عم تقلّي، معاشرين مسيحيي وبتتقاسمو معن الحلو والمرّ وبتشاركوهن الأعياد. قِلّي تشوف: مين يللي لازم يعطي دروس للتاني؟". هزّ ضيفي برأسه وقال لي: "معك حق يا أبونا، إيه والله معك حق. نحنا عايشين بنعمة، ومرّات كتيرة ما منعرف قيمتها").

تلك النعمة، نعمة العقل والوعي الفطريةـ النابعة من قيمة الإنسان، الإنسان بمعناه السامي هي البوصلة في نهاية المطاف!

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات