رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني خلال حملة لدعم الاستفتاء
رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني خلال حملة لدعم الاستفتاء

بقلم نيرڤانا محمود/

في عام 838، ثار قائد كردي اسمه مير جعفر داسني في الموصل ضد الخليفة المعتصم. وبعد سلسلة مواجهات مسلحة بين العرب والأكراد في أراض وعرة، انتصر إيتاخ وهو أحد قادة الخليفة (من غير العرب)، في الحرب وأعدم الكثير من الأكراد، بيد أن مير جعفر داسني انتحر ليتفادى الاعتقال.

ربما لا يعلم الكثير من المعارضين لاستفتاء كردستان العراق شيئا عن الصراعات التاريخية في العصور الوسطى، لكنهم من دون شك يتمنون أن يعيد التاريخ نفسه وينهزم الأكراد مرة أخرى، لكن هذا مستبعد. كثرة أعداء أكراد العراق وحدتهم في تأييد الاستفتاء. فهم لم يكونوا قط طيلة تاريخهم أكثر تركيزا وتصميما كما هم اليوم.

من السهل الالتحاق بجوقة المعارضين للاستفتاء الكردي؛ مع ذلك، قررت بتواضع الوقوف إلى جانب الأكراد الشجعان في سعيهم لتكوين دولة، لعدة أسباب:

أولا، لأنها قضية عادلة.

رغم أنني نشأت في مصر، وبدأت متابعة التطورات السياسية الإقليمية في سن مبكرة، لم أسمع قط كلمة "أكراد"، إلا بشكل عابر حين ذبحهم صدام حسين بالأسلحة الكيميائية في حلجة عام 1988. ومع ذلك، يسيء كثيرون من العرب إلى الكرد ويصورونهم على أنهم عملاء لقوى خارجية. خلال سفراتي الأخيرة إلى سورية وإيران وتركيا صُدمت حين تكشّف لي حجم الإساءة، بل العنصرية، التي تمارس ضد الأكراد. لقد سقطت القوى الإقليمية أخلاقيا باضطهادها المتكرر للأكراد، ولهذا لا تملك الحق في إلقاء المواعظ عما يجب أو لا يجب أن يفعله الكرد.

ثانيا: لن يكون هناك "الوقت المناسب".

لقد تأجل الاستقلال الكردي عدة مرات، حلم صبروا على تحقيقه خلال المئة عام الماضية، ولكن يبدوا أن انتظار قرن من الزمن ليس كافيا، فيُطلب من الأكراد تأجيله مرة أخرى. القول إن "التوقيت ليس مناسبا"، واحد من المبررات التي تساق لتبرير رفض الاستفتاء. على كل حال، لقد تعلم الأكراد من نضال مئة عام من أجل الاستقلال درسا واحدا: لن يكون هناك "وقت مناسب". القومية الكردية ليست السبب وراء هشاشة الأوضاع في العراق وسورية، والتي ستبقى على ما هي عليه بصرف النظر عن تطلعات الأكراد. إلقاء اللوم على الكرد أو مطالبتهم بالانتظار مجرد ذريعة لتأجيل المحتوم.

ثالثا: كردستان مستقلة عامل توازن.

في ظل حالة التنافس التي يشهدها الشرق الأسط، بتسابق إيران وتركيا والسعودية على القوة والهيمنة؛ بإمكان كردستان مستقلة أن تكون منطقة عازلة لوقف المطامح النارية لكل من تركيا وإيران اللتين رفضتا الاستفتاء بشدة. وقال العراقي المؤيد لإيران نوري المالكي نائب رئيس الجمهورية: "لن نسمح بإيجاد إسرائيل ثانية في شمال العراق". ونشرت وسائل إعلام تركية مؤيدة للرئيس أردوغان أخبارا كاذبة مفادها أن جماعات كردية عقدت اتفاقا سريا مع إسرائيل لتوطين يهود في الإقليم. صحيح أن إسرائيل تدعم الاستفتاء، لكن لدى الأكراد أسبابا أقوى وأعمق لتحقيق تطلعاتهم نحو الاستقلال بصرف النظر عن الدعم الإسرائيلي.

في الشرق الأوسط، لا ينظر إلى الكردي بإيجابية إلا إذا كان مستعربا أو متأسلما، أما الكردي القومي فهو "سيئ" على الدوام. تشويه صورة الكرد لا تعكس إلا بشاعة كل الأيديولوجيات السائدة في المنطقة، سواء أكانت أسلامية بفروعها السنية والشيعية، أم قومية عربية. لهذا السبب تحديدا أقف، كليبرالية، ضد هذه البشاعة وأؤيد الاستفتاء.

بعيدا عن سيرك الاستفتاء، أدعم حق الأكراد بتقرير المصير. لكن هذا الدعم مشروط إذ أنني آمل أن يتبنى الإقليم قيما أكثير ليبرالية وتقدمية. أتطلع إلى إدارة أقل استبدادا وأكثر شمولية في كردستان يكون من شأنها كسب ود العرب والتركمان الذي يعيشون تحت سيطرة الكرد. أنا على ثقة أن الأكراد سيقدمون نموذجا إيجابيا للبقية في المنطقة، وآمل ألا يخونوا ثقتي.

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

مواضيع ذات صلة

قيادات بالبوليساريو يتوسطهم الأمين العام للجبهة إبراهيم غالي
قيادات ببوليساريو يتوسطهم الأمين العام للجبهة إبراهيم غالي

أفادت وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، أمس الثلاثاء، بأن القضاء الإسباني أمر بإعادة فتح قضية مرفوعة ضد الأمين العام لجبهة بوليساريو، إبراهيم غالي، ترتبط بتهمة "ارتكاب عدة جرائم مثل التعذيب".

ويعد هذا الإجراء، بحسب الوكالة، هو الثاني "منذ دخول غالي إلى إسبانيا بهوية غير هويته الحقيقية".

وذكرت "إيفي" أن القاضي سانتياغو بيدراز  وافق على إعادة فتح دعوى ثانية ضد غالي تروج لها "الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان"، والتي تضاف إلى "الشكوى المقدمة من مواطن إسباني من أصل صحراوي، يزعم فيها تعرضه للتعذيب في مخيمات بوليساريو في تندوف".

 

المصدر: وكالة الأنباء الإسبانية