Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

لم تنجح الاتفاقيات العسكرية والسياسية بين روسيا وسورية بالوصول إلى صداقة بين الشعبين
لم تنجح الاتفاقيات العسكرية والسياسية بين روسيا وسورية بالوصول إلى صداقة بين الشعبين

بقلم كوليت بهنا/

يذكر الساسة الروس ومعهم الإعلام الروسي في كل خطاب أو حدث يتعلق بالشأن السوري بأنهم موجودون بموافقة رسمية من الدولة السورية، والأمر صحيح، لكنهم ليسوا حديثي الوجود في البلاد. يعود تاريخ حضور الروس في سورية إلى أكثر من ستين عاما، وعلى مختلف المستويات؛ العسكرية، الاقتصادية والثقافية مع الانحياز السوري للمعسكر الاشتراكي منذ خمسينيات القرن العشرين وتتويجه بمعاهدات صداقة وتعاون تتجدد مع مرور الزمن.

في السبعينيات، كانت تنظم لأطفال المدارس السورية نشاطات أسبوعية لحضور فيلم كرتون روسي في واحدة من الصالات التابعة للدولة، وكان الفيلم إما عن إيفان الرهيب أو الثعلب الماكر ترافقه الدبلجة باللغة العربية بصوت مرعب ومفخم للغاية، بحيث ترتعد فرائص الأطفال من الصوت وحده. يخرج الأطفال مذعورين وهم يقارنون بين هذا الفيلم الثقيل وأفلام "ميكي ماوس" خفيفة الظل والأكثر جاذبية التي تتناسب مع مرح الطفولة والتي كانت تعرض في صالات السينما قبل عرض الفيلم الرئيسي للكبار.

لم يستطع المركز الثقافي الروسي جذب العامة رغم مرور أكثر من خمسين عاما على حضوره، واقتصرت نشاطاته على بعض معارض الكتاب التي تشارك بها دور نشر ذات توجهات يسارية بغالبيتها، أو بعض النشاطات الفنية ذات الصلة، وبعض دورات تعلم رقص الباليه أو اللغة الروسية للمختصين.

لم تفكر العائلات الدمشقية الثرية بإرسال أولادها للدراسة الجامعية في موسكو

​​ولم يلاحظ ميول أو هوس معرفي لدى الجيل الشاب، خلال أكثر من جيل، لتعلم اللغة الروسية. ولم تدرج المدارس النظامية هذه اللغة في منهاجها التعليمي الذي اقتصر على اللغتين الفرنسية والإنكليزية، فيما باتت اليوم اختيارية لطلاب المرحلة الإعدادية، ولكنها لم تنل يوما الاهتمام بتعلمها مقارنة بالإقبال الشديد على تعلم اللغات الغربية وفي مقدمتها الإنكليزية.

وحده كان الأدب الروسي المترجم للعربية يلقى صدى طيبا بين النخبة الثقافية، والمسرحيات أو الأعمال الدرامية السورية التي استلهمت " تشيخوف" تكاد تصل إلى المئات لروعة وجاذبية فكر هذا الكاتب الكبير الذي تعتبر أعماله إنسانية كونية لا تختص بزمان أو مكان أو إيديولوجيا، وهو سر عظمتها.

المنح الروسية العلمية والطبية والعسكرية والثقافية للدراسة في الجامعات الروسية تصل إلى الآلاف، لكن هذا لم يمنحها جاذبية، إذ لم يحظ الأطباء المتخرجون في جامعات موسكو بكثير من الثقة بشهاداتهم الطبية من قبل المرضى مقارنة بأطباء تخرجوا في جامعات أميركية أو أوروبية.

كما لم يلق مخرجون درسوا في معاهد السينما في موسكو عظيم الإقبال من العامة لمشاهدة أفلامهم، رغم جودة السينما الروسية فنيا، وظلت جاذبية مخرجين قادمين من هوليوود أو أوروبا هي الأكبر رغم ندرة عددهم.

لم يستطع المركز الثقافي الروسي جذب العامة رغم مرور أكثر من خمسين عاما على حضوره

​​ولم تفكر العائلات الدمشقية الثرية بإرسال أولادها للدراسة الجامعية في موسكو، بل كانوا، ولا يزالون، يختارون جامعات الدول الغربية. وفيما كانت الحفلات الدبلوماسية للسفارة الغربية تشهد حضورا ملفتا من قبل هذه الطبقة الدمشقية الثرية، اقتصرت حفلات السفارة الروسية عموما على الرسميين وأعضاء الأحزاب اليسارية والفلسطينية وخريجي موسكو. بالإضافة إلى أن الحضور الاجتماعي الروسي بين السوريين يكاد يكون شبه نادر، إذ لا يختلط خبراء الروس بالسوريين كثيرا، ويشعر المرء برغبتهم بالعزلة في الأبنية المخصصة لهم دون احتكاك بارز مع العامة.

هل يمكن أن نعتبر ما تقدم صداقة؟

في الحقيقة هي اتفاقيات عسكرية وسياسية تاريخية، لم تنجح أن تصل إلى صداقة جارفة بين الشعبين، حيث يكمن الأمر في عمقه إلى طبيعة المجتمع السوري، الدمشقي بشكل خاص المحافظ والمتدين، والذي يعتبر أن الاتحاد السوفيتي قبل تفككه، دولة شيوعية لا تتناسب مع الأهواء الدينية للشعب السوري.

لذلك بقيت هذه العلاقة الاجتماعية والثقافية حذرة، ومن نافل القول إنه لا صداقات في السياسة، واحذر صديقك قبل عدوك، وعلاقات الدول تحكمها المصالح المشتركة والمتبدلة لا أكثر.

وفي انتظار اليوم الذي تستعيد فيه سورية كامل سيادتها، وتغادرها كل الجيوش الأجنبية من "الأصدقاء" و"الأعداء"، فلتكن العلاقة على طريقة المثل السوري الشعبي "صباح الخير يا جاري، أنت في دارك، وأنا في داري".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات