Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

من تظاهرات حركة "20 فبراير" عام 2011
من تظاهرات حركة "20 فبراير" عام 2011

بقلم سناء العاجي

مقاطعون؟ خونة؟ أو "مداويخ"، كما قال وزير المالية؟

منذ بضعة أيام، يعيش المغرب تجربة سياسية واجتماعية فريدة من نوعها: لم يخرج المواطنون للتظاهر. لم يرفعوا اللافتات ولم يكسروا التجهيزات. لكنهم نظموا أو لبوا الدعوة للمشاركة في حملة واسعة تدعو لمقاطعة منتوجات ثلاث شركات تنتمي للقطاع الخاص: الأولى هي شركة موزعة للغاز والبنزين، مالكها الرئيسي هو في نفس الوقت زعيم حزب "التجمع الوطني للأحرار" ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عزيز أخنوش؛ الثانية شركة مصنعة وموزعة للمياه المعدنية والمياه الغازية، لصاحبتها رئيسة الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب (نقابة أرباب الأعمال في المغرب) مريم بنصالح والثالثة هي الفرع المغربي لشركة عابرة للقارات، تنتج الحليب ومشتقاته.

حملة المقاطعة عبارة عن صرخة وجع ما لم ينتبه لها الفاعلون فقد تتحول إلى انفجار

​​لا تتوفر حاليا أرقام دقيقة توضح تأثير حملة المقاطعة على مبيعات وأرباح هذه الشركات. لكن الأكيد أن تأثيرها المعنوي تجاوز كل التوقعات. لذلك، وبغض النظر عن نتائجها المادية، وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها، فهي تستدعي منا تفكيرا جديا ورصينا في التحول الذي تطرحه بخصوص تطور وعي المواطن. تفكير عقلاني بعيد عن الردود المستفزة لبعض مدراء الشركات المعنية ولبعض المسؤولين السياسيين، والتي وصلت حد اعتبار المشاركين في الحملة خونة للوطن. ردود عنيفة شجعت حتى بعض المترددين على الانخراط في الحملة.

هناك اليوم طبقة متوسطة تشتغل وتنتج وتدفع الضرائب، لكنها لا تستفيد من حقوق المواطنة التي يفترض أن توفر لها كفاعل اقتصادي واجتماعي: الطبقة المتوسطة تدرس أبناءها في القطاع الخاص، تتداوى في القطاع الخاص، وتستعمل في الغالب وسائل النقل الخاصة.

من جهتها، تعاني الطبقات الفقيرة، خصوصا في المدن الكبرى، من شرخ كبير بين مداخيلها وبين تكلفة العيش.

كل هذا يولد احتقانا قد يستمر خفيا لمدة طويلة ما لم يجد له متنفسا (لعل العنف الذي تتزايد أرقامه في المغرب هو من تجليات هذا الاحتقان).

لذلك، فالنجاح المعنوي لحملة المقاطعة يترجم هذا الاحتقان الصامت وهذا الوضع المتأزم، الذين تعاني من تبعاتهما الطبقات المتوسطة والفقيرة.

إلى غاية اليوم، تعامل الفاعل السياسي والاقتصادي المغربي مع المواطن ومع الشارع كعنصر سلبي ينتفض قليلا ضد القرارات ثم يستكين إليها. لكن هذا المواطن أصبح اليوم غير متوقع، وأصبح يبدع أزمنة وأشكال الاحتجاج. فهل سيكتفي الفاعلون المعنيون وغيرهم بلغات التخوين، أم أنهم سيعيدون جديا التفكير في طريقة تعاملهم مع المواطن ومع المستهلك ومع الشارع؟

التجاوب الكبير مع حملة المقاطعة ليس إلا ترجمة للإحباط والبؤس والظلم الذي يشعر به الكثير من المواطنين

​​بالفعل، يبقى التساؤل حول هوية الأشخاص أو المؤسسات التي أججت الحملة سؤالا مشروعا: باستثناء الحليب، فإن المنتوجات المقاطعة لا تشكل الهم اليومي للمواطن. فلماذا تم اختيار هذه المنتجات بالضبط؟ هل يتعلق الأمر بصراع سياسي بالدرجة الأولى؟ هل هي حملة موجهة ضد أشخاص بعينهم باعتبارهم خصوما سياسيين؟

كل هذا وارد وممكن. لكن الواقع اليوم أن سؤال مصدر الحملة، رغم أنه ليس ثانويا، إلا أنه يأتي في مرحلة ثانية بعد سؤال ما تترجمه المقاطعة: صار الفاعل السياسي والاقتصادي والنقابي اليوم في حاجة للتفاعل وللتواصل بشكل مختلف مع المواطن. الأخير يعيش أزمة في علاقته بالمواطنة، بحقوقه وبواجباته. أسئلة الصحة والتعليم والأمن والبنيات التحتية تطرح بشكل جدي.

المواطن قد يتقبل هذا الوضع على مضض ما دام البديل ليس متوفرا. لكن هذه الاستكانة، مع مرور الوقت، تخلق لديه نوعا من الإحباط ومن اليأس. التجاوب الكبير مع حملة المقاطعة، حتى لدى الأشخاص الذين لا يحملون أي ضغينة سياسية للأشخاص الموجهة الحملة ضدهم، ليس في الحقيقة إلا ترجمة للإحباط والبؤس والظلم الذي يشعر به الكثير من المواطنين.

مقاطعتهم لهذه المنتوجات قد تكون رمزية وقد تكون بالفعل موجهة ضد أشخاص بعينهم باعتبارهم رموزا لنظام سياسي واقتصادي مهيمن. لكنها في جميع الحالات انتفاضة. صرخة وجع. ما لم ينتبه لها الفاعلون، فقد تتحول إلى انفجار.

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات