Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

النائبتان الكسندريا أوكاسيو كورتيز وإلهان عمر
النائبتان الكسندريا أوكاسيو كورتيز وإلهان عمر

حسن منيمنة/

حادثة التغريدات التي أطلقتها عضو مجلس النواب في الكونغرس عن ولاية مينيسوتا، إلهان عمر، الصومالية الأصل، المسلمة والمحجبة، تتطلب بعض المراجعة لما تثيره من الجدل والمواقف، العلني منها والخفي.

ففي تعليق لإلهان على تغريدة لناشط وصحافي تساءل عن سر انشغال عدد من الجمهوريين البارزين بنقدها والمطالبة بمعاقبتها لمواقفها من إسرائيل، أدرجت باقتضاب ما معناه "أوراق المئة دولار"، وعند مطالبتها من جانب إحدى القارئات بالمزيد من التوضيح، أجابت بكلمة واحدة "أيباك"، في إشارة إلى "لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية"، وهي هيئة مسجّلة لحشد التأييد لإسرائيل في المؤسسات السياسية في الولايات المتحدة.

كلمات قليلة أثارت ردود فعل ساخطة تطالب بإقصائها عن أي دور في اللجان النيابية، تبعها تأنيب من قيادة الكتلة الديمقراطية، والتي تنتمي إليها إلهان عمر، وصولا إلى اعتذار صادر عن السياسية الشابة تعرب فيه عن أسفها دون تحفظ لما قالته.

حسنا فعلت عمر في اعتذارها حين أقرّت بأن كلامها يستدعي فُكيرات تندرج في إطار الإسقاط الجماعي لليهود

​​ماذا جرى هنا؟ من وجهة نظر من يعتبر أن المؤيدين لإسرائيل، أو "الصهاينة" أو "اليهود"، يتحكمون بالرقاب، الإجابة سهلة. إلهان عمر، وهي المشتبه بها ابتداء لكونها مسلمة، قد تجرأت على التلفظ بما لا يطيب لأصحاب النفوذ الظاهر والخفي، فجرى تأديبها، وكان عليها الانصياع لا محالة. هو نموذج آخر على تكميم الأفواه ومعاقبة من تسوّل له نفسه الخروج عن الطاعة.

ولكن مهلا. هذه القناعة، والتي تعتنقها أوساط لا يستهان بعددها في الولايات المتحدة والغرب عامة، وإن سرا، والتي تكاد أن تبلغ حد اليقين بالتواتر في المحيط العربي، هي بحدّ ذاتها ما يستدعي ردة الفعل الحادة، ليس لأنها صادقة، وهي ليست كذلك، بل لما قد ترتّب عنها من عواقب في الماضي، وما يخشى أن يتكرر نتيجة لها في المستقبل.

المسألة ليست بأن السياسات الإسرائيلية المختلفة منزّهة عن الانتقاد والاعتراض. بل كثير من هذه السياسات تستوجب الاستفاضة بالتفنيد. فعلى مدى الأعوام الماضية، تابعت إسرائيل انتهاج هدم منازل مرتكبي الأعمال الإرهابية، وهو من العقاب الجماعي الذي يستوجب الاعتراض الواضح، وارتكب بعض جنودها جرائم جلية، مثل الإجهاز على جريح كان قد أقدم على اعتداء، واحتجزت إداريا، أي تعسفيا، أعدادا من الفلسطينيين، فيما هي مستمرة عبر الاحتلال في إنكار حق تقرير المصير للمجتمع الفلسطيني، بل هي سارت من خلال إقرار يهودية الدولة إلى تحبيذ التمييز على أساس الهوية.

لكل هذا تستحق إسرائيل، من أصدقائها قبل أعدائها، النقد والمعارضة. ويمكن إدراج دعوات المقاطعة التي تطالها، في الاستثمار وحتى في العلاقات الجامعية، مبدئيا، في إطار النشاط الهادف إلى التعبير عن الرفض لهذه السياسات.

غير أن ما يبدل اعتبار ما سبق هو بعض التفاصيل المرتبطة بالسياقات، المكانية والزمانية والثقافية. إسرائيل هنا، وفق من يعاديها، متهمة ومدانة ومجرمة. ولكن، حتى مع كامل التسليم بالأمر، لو جرى مضاعفة هذه الجريمة آلاف المرات لما بلغت ما ارتكبه النظام السوري بحق شعبه في الأعوام القليلة الماضية.

لماذا تثور الحمية وتفور الدماء، كما هو واجب ومطلوب، عند مقتل الشاب الفلسطيني برصاص الجنود الإسرائيليين، وتنتظم الحملات وتعلو المقاطعات، ولكن عندما يتهاوى في جواره الآلاف من أبناء الشعب السوري تحت ضربات النظام وفي سجونه ومعتقلاته، تصبح مسألة فيها نظر، ولا تتشكل من أجلها اللجان، السياسية والأهلية الجامعية، إلا فيما ندر؟

في الصين مليون من رجال الأويغور، المسلمين، استودعوا "مخيمات التثقيف" القسرية، أي السجون المفتوحة، فيما على نسائهم استضافة رجال الأمن المولجين التأكد بأن ما يجري في منازلهم لا يتعدّى على أمن الدولة، مثل إقامة الصلاة أو الامتناع عن أكل لحم الخنزير أو إطلاق الأسماء العربية على الأطفال.

كيف يستقيم، ليس في المحيط العربي والذي لا يعوّل على إمكانية الحراك السياسي والشعبي والفكري فيه، بل في الولايات المتحدة والغرب، أن يكون الرفض والغيظ والاندفاع والحراك الطلابي والشبابي من نصيب إسرائيل المجرمة مرّة، وليس من نصيب نظام دمشق المجرم القاتل آلاف المرات، أو من نصيب بيكين المعتدية مليون مرة؟ ليس في هذا السؤال إسقاط لحق الاعتراض على إسرائيل، فما يدرك كله لا يترك جلّه، ولكنه سؤال تطرحه أوساط عدّة ولا سيما في المجتمعات اليهودية. لماذا لإسرائيل دون غيرها هذا المعيار الصارم؟ وطرحه ليس ترفا فكريا أو مهاترات سجالية. بل هو بالنسبة لهذه المجتمعات قضية وجودية.

من يعتبر بأن إسرائيل أو "اليهود" بالكم الجماعي أو منظمات الجاليات أو القطاع الإعلامي أو ما شابه يبالغ في استدعاء "المحرقة" أو يوظّفها لأغراضه، أو من وصل إلى حد التأفف من الإغراق الإعلامي والفكري بشأن هذه المحرقة، يقصّر في استيعاب هول الفاجعة وأثرها ووطأتها على الإنسان اليهودي أولا، بصفته الطريدة التي سعى إنسان آخر إلى قتلها وإبادتها ومحوها من الوجود، وعلى الإنسان الغربي عامة، وهو المعتزّ بدوره بالارتقاء الحضاري، إذ هوى ليمسي القاتل المتصيد لغيره من الناس بهدف القضاء عليهم.

عندما ارتكب الجيش الإسرائيلي خلال مواجهته مع حزب الله في الجنوب اللبناني عام 1996 مجزرة قانا والتي راح ضحيتها 106 من الأهالي، نتيجة مزيج من الاستهتار الإجرامي والأخطاء الميدانية، قال أحد أبرز المرجعيات اللبنانية متألما "يتحدثون عن المحرقة، هذه هي المحرقة الحقيقية". كلامه معذور في أنه لألم الفاجعة، ولكن لا، قانا ليست المحرقة، بل المحرقة كانت ستين ألفا من مجازر قانا، وألفين من اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر.

والنازيون في ألمانيا، لم يستفيقوا صبيحة يوم ليقرروا دون سابق إنذار جمع اليهود وترحيلهم وإبادتهم، بل أعدّوا واستعدوا لجريمتهم من خلال تأصيل صورة اليهود في الثقافة العامة على أنهم المرابين والفاسدين المفسدين والساعين إلى استعباد العباد والاستيلاء على البلاد.

المسألة هي أن توجيه اللوم لإسرائيل غالبا ما يكون كلام حق يراد به باطل

​​واليوم، عندما يجري تداول هذه الفُكَيْرات إلى حد الإغراق في السرّ، ثم تأخذ في الظهور في العلن، كأن يصدح الشباب الحامل للمشاعل في شارلوتسفيل في صيف العام 2017 "اليهود لن يحلّوا مكاننا"، وكأن تتوالى التعليقات في محافل التواصل الاجتماعي، والتي تأسف لأن هتلر لم "يكمل المهمة"، معذورون هم اليهود وغيرهم إذا أصرّوا أن يكونوا بالمرصاد لأية فُكيرة من شأنها الحط من تصوير اليهود بما يسقطهم، وإحدى أخطر هذه الفكيرات، بالأمس كما اليوم، هي أن "اليهود" يتحكمون بالعالم بواسطة المال.

يلحظ دستور الولايات المتحدة حرية التعبير السياسي المطلقة، فيما شرّعت القوانين الأميركية لاعتراض التمييز العنصري. ازدواجية المعايير في صرامة الحكم على إسرائيل وقليل الالتفات إلى غيرها من جانب من يدعو إلى مقاطعتها، ومشاركة العديد من الجهات ذات الطروحات المؤامراتية والعنصرية في العداء لإسرائيل، دفع من يؤيدها إلى اعتبار كل اعتراض عليها من صنف التمييز العنصري، لا التعبير السياسي. قد يكون في الأمر إفراط، ولكنه أولا من خشية التفريط.

حسنا فعلت إلهان عمر في اعتذارها حين أقرّت بأن كلامها بشأن دور المال في تأييد إسرائيل يستدعي فُكيرات تندرج في إطار الإسقاط الجماعي لليهود، وحسنا فعلت كذلك حين التزمت التعبير عن مواقفها السياسية مع تجنّب هذه الاستعمالات.

المسألة هي أن توجيه اللوم لإسرائيل غالبا ما يكون كلام حق يراد به باطل، إذ في العديد من المواقف، نقد إسرائيل ليس نصرة للحق الفلسطيني بل سعي إلى إثبات خبث "اليهود" ومكرهم في إطار تأصيل الصورة الطاعنة بهم. جدية إلهان، وكل من أراد بالفعل مناصرة الحقوق الفلسطينية، تتبين من خلال وعي السياق التاريخي لأي نقد وعدم المساهمة بالطعن الجماعي بأي طرف.

المطلوب ليس تذليل التصويرات المسيئة لليهود وللمسلمين وغيرهم وحسب، بل العمل على تعزيز الثقة المتبادلة والتي تسمح بالنقض والاعتراض حول أية سياسة على أساس الرغبة بالخير للجميع. وإلهان عمر هي ضمن طليعة من النواب الشباب الذين من شأنهم بالفعل التوصل إلى ذلك.

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات