Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

هاربون من جحيم داعش
هاربون من جحيم داعش

جويس كرم/

دخلت المعارك الميدانية ضد تنظيم داعش أيامها الأخيرة، ويلفظ مقاتلو "الدولة" أنفاسهم الأخيرة في الباغوز شرقي سوريا، إنما المعركة الحقيقية أعمق وأصعب من المحيط الجغرافي لداعش وستستمر عقودا إلى حين كسر الاضمحلال الفكري والسياسي الذي أوصل إلى التنظيم.

بعد أقل من خمس سنوات على إعلانها، خلافة داعش في طريقها إلى مزبلة التاريخ، وصفحاتها ملطخة بدماء المسلمين من معاذ الكساسبة إلى آلاف المدنيين، من تدمر إلى سنجار، وجريمتهم أنهم تحدوا ظلاميتها، أو رفضوا الخضوع لها.

هزيمة هذا النهج، يتطلب استراتيجية إقليمية ومحلية تنظر إلى المرآة لرؤية تاريخ التطرف والحقد الذي تأصّل في مجتمعاتنا

​​اليوم، تنازع الخلافة المزعومة، التي كانت تحتل ثلث مساحة العراق وسوريا، في جحورها الأخيرة في دير الزور، وهزيمتها الجغرافية متوقعة خلال أيام ببيان للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

سيذكر التاريخ أن الخلافة، التي أعلنها أبو بكر البغدادي من الموصل في العام 2014 كحقبة سوداوية، استبدت وفظعت بالمسلمين قبل غيرهم؛ لكن هذا لا يلغي واقع أنها حقبة قد تتكرر إذا لم يتم التعاطي مع جذورها الفكرية والعقائدية والفراغ السياسي والاقتصادي الذي وفّر لها بيئة حاضنة.

لا يمكن موازاة انهيار الخلافة الجغرافي بهزيمة كاملة داعش لأسباب تتعلق بشكل التنظيم ومموليه، وبتوسعه الإقليمي، وبأيديولوجيته الفكرية وقدرته على التأقلم والتحول إلى حركة تمرد.

فرغم القضاء على وجوه بارزة في قيادتها، وحصول انقسام عميق في الصفوف بين المقاتلين الأجانب والمحليين، ما زالت داعش، كحركة تنظيمية، موجودة على الأرض. فالشائعات عن اعتقال أو مقتل أبو بكر البغدادي لم تصدق، ورئيس القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل يرجح وجود على الأقل عشرة آلاف مقاتل لداعش اليوم في العراق وسوريا رغم خسارة السلطة والنفوذ في هذه المناطق.

يمكن القول أيضا، إنه مقابل انكماش التنظيم في سوريا والعراق فهو توسع في اليمن وزاد حضوره في أفعانستان وليبيا وفي سيناء عبر استغلاله لبؤر الفوضى السياسية والأمنية في تلك المناطق.

إنما الخطر الأكبر في الحديث عن داعش والذي يستوجب التريث قبل الإعلان عن هزيمته هو استمرار أيديولوجيته الفكرية والبيئة الحاضنة له. فالفكر الجهادي السلطوي الذي يستعير أسوأ رواسب حزب البعث وأحلك أوجه التطرف الديني ما زال بيننا، ولم تهزمه القنابل الأميركية أو الأعلام المرفوعة في الموصل والرقة.

بدأت مشكلة الفكر الجهادي، من لحظة نشره إلى تمويله وتحويله حركة ارهابية، قبل خلافة داعش الجغرافية وستستمر بعدها. فلطالما هناك مناهج جهادية انتهازية تتحدى الحداثة والتعددية، ولطالما هناك تمويل مفضوح لها من جهات خارج العراق وسوريا، سيكون هناك داعش ولو اختلف الاسم والمبرر.

طبعا، يوفر الفراغ السياسي والصعوبات الاقتصادية المناخ المثالي لتطويع جنود داعش، وهي ظروف مرشحة للاستمرار في العراق وسوريا، خصوصا مع استمرار وجود وتوسع ميليشيات تابعة لإيران تؤجج التطرف والمذهبية وتساعد داعش في تبرير تطرفها وإيجاد بيئة حاضنة.

لطالما هناك مناهج جهادية انتهازية تتحدى الحداثة والتعددية، سيكون هناك داعش ولو اختلف الاسم والمبرر

​​إذا لا يحمل ترامب عصا سحرية للتخلص من السم الميليشياوي وليس هناك خطة بحجم استراتيجية جورج مارشال للنهوض بمناطق التنظيم سابقا. أما الحكومات في دمشق وبغداد، فليس لديها لا القدرة ولا النية حاليا لمعالجة جذور المشاكل المذهبية والطبقية والسياسية التي أوصلت إلى داعش. فغياب توازن وتمثيل وتوزيع سياسي واقتصادي عادل في العراق بين جميع فئاته بعد سقوط نظام صدام حسين، مرجح في الاستمرار، ولا حل قريب للوجود الإيراني والتفتت في سوريا الذي تحول إلى مغنطيس للتطرف.

اليوم، تأقلم داعش مع فكرة التخلي عن الدولة والرقعة الحدودية والتحول إلى حركة تمرد تنزوي وتتراجع عن الأضواء إنما لا تنكفئ عن التحضير لاعتداءات إرهابية وتستمر بنشر تطرفها الأيديولوجي وتطويع أطفال وتعبئتهم فكريا.

هزيمة هذا النهج، يتطلب استراتيجية إقليمية ومحلية قبل أن تكون أميركية، تنظر إلى المرآة لرؤية تاريخ التطرف والحقد الذي تأصّل في مجتمعاتنا أو تم استخدامه لتصفية الحسابات وزعزعة استقرار دول الجوار قبل أن ينقلب السحر على الساحر!

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات