Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

تعمل في إحدى مزارع الفراولة في الريف المغربي
تعمل في إحدى مزارع الفراولة في الريف المغربي

سناء العاجي/

يتغير الواقع الاقتصادي والاجتماعي... ولا تتغير كثير من الممارسات، مهما كانت ظالمة. من ضمن تلك الممارسات، هناك تقسيم الأدوار بين الأزواج في تدبير حياتهم المشتركة.

في عهود سابقة، كان التقسيم كلاسيكيا واضحا: الرجل يشتغل خارج البيت وينفق على الأسرة، والمرأة تشتغل داخل البيت وتهتم بشؤونها.

هذا التقسيم في حد ذاته غير عادل، مهما بدا غير ذلك. الشخص الذي يشتغل خارج البيت تكون له ساعات عمل محددة خلال اليوم وأيام عمل محددة خلال الأسبوع، وهو بذلك يستفيد من عطلة أسبوعية وعطلة سنوية ومن فترة راحة خلال اليوم؛ بينما، حين تتكفل امرأة بمسؤولية البيت، فهي لا تستفيد من عطلة سنوية (لأنها "تخدم" أسرتها حتى خلال عطلة الزوج والأبناء) ولأنها تشتغل خلال ساعات طويلة من الليل والنهار.

ليس من المنطقي ولا من العدل أن يغير الرجل ملابسه ولا يهتم بتنظيفها لاحقا

​​حتى عبارة "زوجتي/أمي لا تشتغل" هي في حد ذاتها مجحفة، لأن تلك الزوجة/الأم، في أغلب الحالات، تشتغل وتشتغل كثيرا.

الآن، تغير الوضع وأصبحت كثير من النساء عاملات خارج البيت. على سبيل المثال، 24 في المئة من النساء المغربيات عاملات، علما أن هذا الرقم لا يشمل النساء اللواتي يشتغلن في القطاع غير المهيكل. بمعنى أنه، على الأقل، هناك امرأة من كل أربع نساء تشتغل وتساهم في الإنفاق على الأسرة. كما أن 18 في المئة من الأسر المغربية (مما يشكل الخمس) تنفق عليها امرأة فقط.

في ظل هذا التغير الكبير، لم يحدث إلا تغيير طفيف على مستوى تقسيم الأدوار داخل البيت. اليوم، حين يشتغل الأخوان أو الزوجان، وبعد يوم العمل، يعود الرجل إلى البيت كي "يرتاح من يوم عمل منهك"؛ بينما يكون على الزوجة أو الأخت أن تبدأ يوم عمل جديد من خلال الاعتناء بشؤون البيت والطهي والأطفال والتنظيف.

نحن هنا لا نتحدث عن الأسر الغنية والتي توجد بها عاملة نظافة، تساعد الزوجة في تدبير شؤون البيت؛ بل نتحدث عن أغلبية الأسر، حيث تتكفل الزوجة بمعظم المهام. بل وحتى حين تكون هناك عاملة نظافة تساعدها، فسيكون عليها الإشراف عليها ومتابعتها دونا عن الزوج أو الأخ.

لنتخيل إن كانت كل النساء العاملات، بعد يوم عمل مضن، يعدن إلى البيت "كي يرتحن من يوم عمل شاق!".

حتى لغويا، وحين يتكفل زوج أو أخ ببعض التفاصيل الخاصة بالبيت، فنحن نعبر عن ذلك بكونه "يساعد زوجته/أخته في أعباء البيت"، وكأن تلك من مسؤوليتها الصرفة، وهو "يساعدها" فقط.

في عدد من الحالات الواقعية، قد يكون الزوج أو الأخ عاطلا عن العمل، وتكون الزوجة هي المعيل الأساسي للأسرة، لكنه مع ذلك لا يقتسم معها مسؤوليات البيت. بل إن الإنصاف في هذه الحالة يقتضي أن يتكفل كليا بمسؤوليات البيت لأنه "جالس بالبيت"، كما تقول الأغلبية في وصفها للنساء اللواتي لا يعملن خارج البيت، وكأنهن في عطلة وحالة استرخاء دائم.

الكارثة هي حين يستمر الرجال المتعلمون، في ممارسة دور "سي السيد"

​​بل إن عددا من الباحثين يذهبون اليوم إلى الحديث عن إدماج مساهمة النساء ربات البيوت، في حساب الدخل الوطني الداخلي، باعتبار مساهمتهن غير المباشرة في الإنتاج.

الكارثة هي حين يستمر الرجال المتعلمون، الواعون بكون هذا الوضع غير منصف، في ممارسة دور "سي السيد"... الرجال الذين تهتز كرامتهم حين يتكفلون بـ "أعمال نسائية"؛ والذين يستعملون شعار "أنا لا أحسن الطهي"، "أنا لا أجيد نشر الغسيل".

الإنصاف الحقيقي والمنطق يقتضيان أن هناك عددا من الأشخاص يقتسمون العيش في بيت مشترك. مهما كانت طبيعة العلاقة بينهم (إخوة، أزواج، إلخ)، فإن تقسيم الأعمال المنزلية يجب أن يكون مشتركا. لسنا مضطرين لوضع جداول تقسم المهام بالتفصيل، لأننا ندبر علاقات إنسانية.

لكن الأكيد أنه من الظلم أن يتناول عدد من الأشخاص وجبتهم، وأن يعتبر الجميع أن الطبيعي أن يتربع الرجال بعد ذلك حول المائدة بانتظار الشاي والقهوة، وأن تقوم النساء وحدهن بغسل الأواني وتنظيف المطبخ، بينما أكلوا جميعا. ليس من المنطقي ولا من العدل أن يغير الرجل ملابسه ولا يهتم بتنظيفها لاحقا. ليس من العدل ولا من المنطقي أن لا يفكر الرجل بتاتا في إعداد الوجبات... وليس من المنطقي أن يتم هذا التقسيم بهذا الشكل، لا لكفاءات معينة لأحدهما، بل لمجرد انتماء جنسي لم يختاراه، وهو بالتالي لا يمثل تميزا لأحدهما.

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات