Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

طفل في موكب يضم مقاتلين من "داعش" وعائلاتهم سلموا أنفسهم لمقاتلي قوات سوريا الديمقراطية
طفل في موكب يضم مقاتلين من "داعش" وعائلاتهم سلموا أنفسهم لمقاتلي قوات سوريا الديمقراطية

حازم الأمين/

قرار المحكمة البريطانية القاضي بسحب الجنسية البريطانية من شميمة بيغوم هو امتداد لمزاج تنصلي عن المسؤولية الغربية حيال ولادة تنظيم "داعش". فبيغوم عضو بريطاني في تنظيم الدولة الإسلامية. هويتها البريطانية هي في صلب عملية تحولها نحو التطرف.

هذا الكلام ليس جديدا، ولطالما رصدنا في سياق تجربة حكم "داعش" لمناطق في العراق وفي سوريا وفي ليبيا، مؤشرات تؤكد أن للغرب مسؤولية عن ولادة التنظيم وعن تدفقه. وهي مسؤولية ثقافية واجتماعية، ولكن أيضا أمنية، ذاك أن من توجه من مطارات المدن الأوروبية إلى إسطنبول للالتحاق بـ"داعش" في حينها، فعل ذلك تحت أنظار أجهزة أمن غربية رغبت بالتخفف من أعباء راديكالييها، وتوهمت مرة أخرى أن من يغادر لـ"الجهاد" لن يعود.

حان الوقت للتفكير بأنفسنا وبمسؤوليتنا شرقيين وغربيين عن ولادة ذلك المسخ

​​والحال أن آلافا من المقاتلين "الغربيين" في التنظيم قررت دولهم ومجتمعاتهم التنصل من المسؤولية عن وصولهم إلى "دولة الخلافة" في حينها، وعن البحث في مصائرهم اليوم بعد أن فقد التنظيم سيطرته على آخر معاقله في سوريا. مئات العائلات وعشرات الأطفال من ذوي السحنات الشقراء يقيمون اليوم في مخيمات معزولة في شمال سوريا وفي شمال وغرب العراق. سفارات بلدانهم لم تستجب لطلبات السلطات العراقية ولمناشدات الأكراد في سوريا بضرورة البحث في مصائرهم.

التقيت في هذه المخيمات بنساء ألمانيات وفرنسيات وبريطانيات راغبات في العودة إلى بلدانهن ويتوقعن محاكمات وسنوات يمضينها في السجون، لكنهن يواجهن بتنكر حكومات بلدانهن إلى حقيقة وجودهن الثقيل والمرعب في هذه المخيمات.

"داعش" ابن العالم. المسؤولية عن ولادته يتقاسمها كل أهل الأرض. مصفاة أمراضنا، بدءا من الرياض وجدة ووصولا إلى لندن وواشنطن. في "أرض الخلافة" عثرنا على كتب التعليم الرسمي السعودي وعلى سير فِرَق الراب البريطانية. وفي الموصل لم تستثن فضيحة السقوط، حليف إيران نوري المالكي وحليف تركيا أثيل النجيفي.

السجال في الشرق حول "داعش" انتظم في سياق الانقسام المذهبي. الرياض تقول إن التنظيم مؤامرة فارسية، وطهران تقول إنه امتداد للثقافة الوهابية. هذا الانتظام قد يكون مفهوما في ظل أنظمة الردة والحروب الأهلية، أما أن يمارس الغرب نكرانا موازيا، فهذا يعني أن خللا مخيفا أصاب وعيه لنفسه وإدراكه اختلالاته الخاصة.

"هؤلاء ليسوا أبناءنا" عبارة مخيفة لمن يقترب من وجه المرأة البلجيكية المقيمة في مخيم عين عيس في شمال سوريا، ومثلها البريطانية التي سُحبت الجنسية منها. وهذه يقولها من يدرك أنهم أبناؤه وأن إشاحة النظر عن وجوههم لن يساعد على معالجة الشروط التي أنتجتهم. هذا فعلا من المفترض أن يدفع الوعي الغربي إلى الخوف على نفسه من نفسه.

لقد حان الوقت للتفكير بأنفسنا وبمسؤوليتنا شرقيين وغربيين عن ولادة ذلك المسخ. اليوم وضعت المعركة أوزارها، وتوارى التنظيم خلف كثبان الصحراء، وهو الآن يراهن على أن شروط الولادة ما زالت قائمة، وأن أمراض العالم بطن ولادة لمزيد من الشقاء.

اليوم هو يوم المراجعة. داعش اندحر إلى الصحراء، وها هم أبناؤنا في انتظارنا

​​وفي مقابل ذلك، يرفض العالم أن يقف أمام المرآة خوفا من أن تظهر له شميمة بيغوم مبتسمة ومذكرة بأنها غادرت إلى أرض الخلافة هربا من نفسها، وحملت معها جنوحا ولد في لندن، وترعرع في كنف ثقافة غربية، وتزود بمعارف أتاحها تعليم حديث وغضب نشأ على وقع موسيقى أحياء المهمشين.

لا يسعى هذا الكلام إلى إعفاء أحد من مسؤوليته. كتب التعليم في مدارس "داعش" في الرقة منسوخة عن كتب التعليم الرسمي السعودي، والتنظيم تمدد برعاية إيرانية وبتسهيل من نظامي دمشق وبغداد. سنة الإقليم صفقوا لـ"انتصاراته" على عدوهم المذهبي، والشيعة غبطوا أنفسهم على اختراع عدو مسخ ووحشي.

في هذا الكلام قدر كبير من الصحة على رغم أنه تعميمي، لكن ولكي نجيب الغرب على تنصله من أبنائه علينا أن نسبقه إلى الكشف عن مسؤوليتنا. اليوم هو يوم المراجعة. التنظيم اندحر إلى الصحراء، وها هم أبناؤنا في انتظارنا. تونس تقول إنها لا تريد مواطنيها ممن هاجروا تحت أنظار حكومتها إلى "أرض الخلافة". السعودية لم تُسمِع يوما صوتها حيال ظاهرة "الجزراويين" في التنظيم. تركيا تنكر وجود مواطنين لها في التنظيم!

لكن الجديد على هذا الصعيد أن يمارس الغرب هذا النكران، والأكثر غرابة هو أن يرفد الموقف الرسمي الغربي باحتضان وقبول اجتماعي له. فعبارة "هؤلاء ليسوا أبناءنا" يمكن سماع أصداء لها في أوساط ثقافية غربية يُنتظر منها أن تُصوب هذا التنكر الذي تمارسه الحكومات. أما قرار سحب الجنسية من شميمة فيمكن سماع أصداء له في دولنا ومجتمعاتنا، وبهذا يكون الغرب قد أكمل دورة تماهيه معنا.

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات