Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

تظاهرات في الجزائر ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة
تظاهرات في الجزائر ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة

عمران سلمان/

عندما كنت شابا، مثل كثيرين غيري من الشباب، كنت أرى الثورات وتغيير الأنظمة أمرا جوهريا وملحا يستحق عناء المواجهة. بل ونظرت إلى الذين لا يشاطرونني نفس الرأي بأنهم جبناء ولا يتحملون أية مسؤولية.

مع الوقت ومع تقدم السن وتزايد الخبرات ومعاصرة الكثير من الأحداث، أصبحت أقرب إلى المحافظة السياسية. بعض الثورات ولا سيما "القهرية" منها تستحق المناصرة بالفعل، لكن كثيرا من الثورات، ليست أكثر من محاولة لنقل السلطة والثروة من يد إلى أخرى، قد تكون أفضل أو أسوء منها.

فشل الثورات في التغيير

لست في وضع يسمح لي بأن أحكم على أي بلد أو ظروف لا أعرفها، ولست أدعي أن ما أقوله هو الصواب دائما، لكن بإمكاني أن أري أن الثورات لا تحقق بالضرورة حلم مطلقيها أو الساعين إليها. وأنها في كثير من الأحيان تلتهم أبناءها كما يقال. بل أني أذهب أبعد من ذلك لأقول إن بعض الثورات لم تفشل فقط في دفع مجتمعاتها نحو التقدم ولكنها أخفقت في تحقيق حلم مطلقيها وربما أعادت الأمور في بلدانها خطوات بعيدة إلى الوراء.

إذا أردنا أن نغير في بيئتنا العربية فيجب أن نبدأ بالعمل على تغيير الإنسان العربي

​​الأمر المحير بالنسبة لي دائما هو أن الشعارات التي تطلق عند كل ثورة أو انتفاضة تبدو هي نفسها صالحة لكل زمان ومكان! مثلا لو أخذنا تاريخ أي بلد عربي خلال المئة عام الماضية وشاهدنا ما جرى فيها من ثورات أو تحركات مطلبية، سوف نجد أن الشعارات التي رفعت في بداية ذلك القرن أو منتصفه أو الآن هي نفسها: محاربة الفساد والمحسوبية والقمع السياسي والارتهان للأجنبي وما إلى ذلك. الغريب أن الأنظمة تتغير وتبقى هذه الشعارات.

طبيعة السلطة ومتطلباتها

لا أريد أن يفهم من كلامي أني أحابي أي نظام أو حكومة، معاذ الله، ولكني هنا فقط أبدي ملاحظات موضوعية.

اقول إن تلك الشعارات هي نفسها التي ترفع مع كل ثورة أو تحرك جماهيري، ولكن الأنظمة والحكومات التي تأتي في أعقابها، تفعل الشيء نفسه تقريبا وتؤول إلى نفس المصير: تحركات تتهمها بالفساد والقمع وتكميم الأفواه.. إلخ. وقد أضيف إلى القائمة في العصر الحديث مسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة. وسوف تضاف إليها بعد قليل مسألة حقوق المثليين وحقوق المهاجرين وما إلى ذلك.

الأمر الملفت هنا هو كيف يمكن لأنظمة أو حكومات أتت إلى السلطة في أعقاب ثورات أو تحركات جماهيرية، أن تقوم بنفس ممارسات الحكومات التي سبقتها.

هل هو فقدان للذاكرة أم طبيعة عضوية مرتبطة بالسلطة ومن يمسك بها؟ لا أريد أن أتكهن هنا أو اترك انطباعات خاطئة. لكن الحقيقة التي أوقن بها هي أن السلطة، أي سلطة، لها سطوتها وربما أيضا لها طبيعتها التي تفرض على الممسكين بها أن يتصرفوا على نحو معين. هذه الطبيعة ربما ترضي الجمهور بعض الوقت لكنها تغضبهم مع استمرار الوقت لأنها تباعد بينهم وبين ما كانوا يطمحون إليه.

الحل يبدأ مع الفرد

الحل برأيي هو أن التغيير في الأنظمة كما في البلدان لا يجب أن يتركز فقط على السلطة السياسية. فكما رأينا أن تغيير الأنظمة لا ينتج بالضرورة حكاما أفضل. التغيير يجب أن يرافقه أيضا تغيير على المستوى الشخصي. بمعنى أنه يجب أن يتم أيضا على مستوى الأفراد وليس فقط الحكومة أو الدولة.

الشعارات التي تطلق عند كل ثورة أو انتفاضة تبدو هي نفسها صالحة لكل زمان ومكان

​​أدرك صعوبة تقبل هذا الأمر، خاصة مع انتشار ثقافة رمي كل المشاكل والأخطاء على عاتق الجهات الخارجية، لكن الحقيقة، التي ليست بعدها حقيقة ـ في نظري ـ هي أن التغيير في أي بلد لا يبدأ من الحكومة فقط ولكن من الأفراد أيضا. الأفراد هم من يصنعون حكوماتهم وليس العكس. إذا أردنا أن نغير في بيئتنا العربية فيجب أن نبدأ بالعمل على تغيير الإنسان العربي. ماذا يعني ذلك؟

إنه يعني أن نصنع إنسانا أفضل في بيئته المحلية. إنسانا أفضل في أسرته وفي محيطه الصغير، ثم في مجتمعه ودولته. إنسانا ينظر إلى عيوبه قبل عيوب الآخرين. في الواقع إذا بدأ الإنسان بإصلاح عيوبه لن يكون لديه الوقت أو الجهد أو الرغبة في النظر إلى عيب أي أحد آخر.

قد تحدث بعض الكبوات هنا وهناك، لكن ذلك جزء من التجربة البشرية، الهدف منها أن يتعلم الإنسان أنه ليس كاملا وأن الحاجة مستمرة للعمل على إصلاح نفسه.

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات