Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

من احتجاجات الجزائريين في باريس
من احتجاجات الجزائريين في باريس

جويس كرم/

لن يكون الحراك الشعبي المدني الواسع الذي تشهده الجزائر عابرا، ولن ينحصر بشخص الحاكم الغائب عبد العزيز بو تفليقة، ولو أن إعادة ترشيحه لولاية خامسة وهو على كرسيه المتحرك، هو الاندفاعة وراء التظاهرات والاحتجاجات الطلابية والنقابية ضد نظام مرهق وعاجز عن جس وفهم نبض الشارع.

تناقضات المشهد الجزائري تبدأ بالساحات الشابة التي غصها الآلاف وسيعودون إليها يوم الجمعة، وتعبر عن شجاعة ومدنية هؤلاء؛ يقابلها تخبط أهل الحكم واختفاء الرئيس الذي لم يخاطب الشعب الجزائري مرة واحدة منذ 2013.

بغض النظر عن موعد الانتخابات، وما سينتظر بوتفليقة في 18 نيسان/أبريل المقبل، وما إذا كان النظام سينجح بإعادة تنصيبه بـ 80 أو 90 أو 75 في المئة، فإنها لنهاية بائسة لزعيم جزائري بدأ مشروعه السياسي بالمقاومة الوطنية ضد الاستعمار وسينتهي وهو يقاوم شعبه ويتمسك بالسلطة.

أزمة النظام الجزائري هي في عدم لحاقه بالحداثة وبتطلعات شعبه

​​اختار عبد العزيز بوتفليقة ـ أو نظامه اختار له ـ أن يكون إرثه السياسي إرث فساد ودولة بوليسية وانتخابات زائفة. ها هو في عقده الثامن غير قادر على مواجهة شعبه، وبياناته السياسية لا يكتبها ولا يقرأها ومليئة بالتناقضات مع ممارسات النظام. فالوعود بدستور جديد، واستفتاء وديمقراطية وإصلاح سمعها الجزائريون منذ انتخاب بوتفليقة للولاية الأولى في العام 1999... ولم تتحقق. المرة الأخيرة التي تحدث فيها بوتفليقة في 2013 قال لشعبه إن "جيلي انتهى"، وحض الشباب على تولي مسؤولية أكبر في إدارة البلاد والسعي للعمل السياسي.

أين هو بوتفليقة اليوم؟ هل هو في مشفى في العاصمة السويسرية؟ هل أخفاه النظام؟ لم تعد تهم الإجابة، إذ أن ما يحدث في الجزائر هو أكبر من مكان وجود بوتفليقة، وعما إذا كان على سرير أو كرسي متحرك. الأزمة التي يواجهها النظام لا تنحصر بشخص بوتفليقة أو سلطته الرمزية، بل هي حول أداء النظام عموما والأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد، وقد ساعد التضخم والتراجع في أسعار النفط في تظهيرها.

صحيح أن الشعب الجزائري لم يعد يهوى الانخراط السياسي أو الغوص بتفاصيل الحياة السياسية، إنما صحيح أيضا أن تفاقم الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة إضافة إلى فرض ترشيح بوتفليقة أوصلت إلى الأزمة الحالية.

تعكس الأرقام ذلك: ثلثا الجزائريين (يصل عدد سكان الجزائر إلى نحو 41 مليون) هم من فئة الشباب (ما دون سن الـ30)، ومن ضمن هذه الفئة فإن 30 في المئة يعانون من البطالة. وفاقم هبوط أسعار النفط من أزمة النظام الذي أهدر مبالغ كبيرة من المال العام على الفساد ولصالح الطبقة الحاكمة بدلا من تعزيز النمو وإيجاد بدائل وتنويع الاقتصاد الذي يعتمد على النفط بشكل رئيسي. وما من مؤشر قريب أن أسعار النفط ستعود للارتفاع لنسب 2013 مع دخول أميركا في عام انتخابي قريبا، واستمرار منح الاستثناءات في العقوبات المفروضة على إيران.

ماذا يعني كل ذلك للسلطة في الجزائر؟ أولا أن لا نهاية قريبة للاحتجاجات، ووعود النظام على ورقة لم يقرأها بوتفليقة هي حبر على ورق، لا يصدقها ولم يعد ينتظرها المتظاهرون.

إصرار النظام على ترشيح بوتفليقة يعني أزمة أطول للبلاد

​​أزمة النظام الجزائري هي في عدم لحاقه بالحداثة وبتطلعات شعبه في أدنى المعايير السياسية والاقتصادية. فليس هناك نظام في العالم اليوم يرشح رئيسا مختفيا عن الأنظار في ظل أزمة اقتصادية وسياسية في البلاد. حتى آل كاسترو في كوبا استدركوا أزمتهم وأجروا تعديلا على وجه النظام؛ وحتى إيران التي عاشت النقمة الشعبية في عام 2009 أتت بوجه "معتدل" للرئاسة في 2013.

هناك من يستحضر الربيع العربي عند الحديث عن الجزائر، لكن ليس بالضرورة أن تكون التظاهرات هناك مرتبطة بأي من أحداث 2011 وموجة التحركات في العالم العربي حينها. فللجزائر استثنائية خاصة في ديناميكيتها السياسية والثقافية والاقتصادية تختلف عن نماذج سوريا ومصر وليبيا. والجيش الجزائري أثبت هذه الاختلافات بالبقاء على الحياد حتى الساعة وضمان سلمية التحركات.

أسابيع حاسمة وامتحان تاريخي ينتظر الجزائر شعبا ونظاما قبل الانتخابات الشهر المقبل. إصرار النظام على ترشيح بوتفليقة يعني أزمة أطول للبلاد، ومؤشرات اقتصادية قاتمة لن يكون بوسعها أن تحتوي الاحتجاجات أو موجة التغيير التي بدأت منذ أعوام ولم يستدركها النظام.

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات