Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

خلال تظاهرة لمحامين وصحافيين جزائرين معارضين للرئيس بوتفليقة
خلال تظاهرة لمحامين وصحافيين جزائرين معارضين للرئيس بوتفليقة

حازم الأمين/

على الجزائريين أن يقبلوا بـ"عهدة" خامسة لرئيس فاقد القدرة على المشي والنطق والتفكير، وإلا واجهوا مصيرا يشبه المصير الذي يواجهه السوريون!

الأرجح أن القسوة التي تنطوي على هذا العرض لا تقل عن تلك التي واجهها السوريون، ثم أن ما تحمله هذه المعادلة من صور تدفع إلى الاعتقاد بأن انتخاب "الرئيس المريض" عبد العزيز بوتفليقة في حال حصل، فهو لن يكون إلا رغبة في تأجيل الانفجار، ذاك أن ضرورات الانتخاب ستبقى قائمة بعد موت الرئيس، في وقت سيكون فيه الرجل قد مات! وقد تدفع تلك الضرورات "الدولة العميقة" في الجزائر إلى إجبار الجزائريين على انتخاب جثمان الرئيس، وألا واجهوا ما يواجهه السوريون من كوارث.

ما تطرحه "الدولة العميقة" في الجزائر على رعاياها يفوق ما يطرحه النظام السوري على السوريين. الثاني يطرح عليهم قبولا بنظام قتل أكثر من نصف مليون سوري وهجر نحو ثماني ملايين، في حين يطرح النظام في الجزائر على رعاياه القبول برئيس لم يسمعوا صوته منذ سنوات طويلة، ولا يعرفون له صورة سوى تلك التي يُظهر فيها عجزه الكامل عن الإتيان بأي فعل.

لا بؤس يفوق بؤسنا نحن العرب، مشارقة ومغاربة. تحكمنا اليوم صور رؤساء من المحيط إلى الخليج

​​والحال أن المرء قد يفهم الضرورات التي أملت على رعاة النظام في سوريا التمسك ببشار الأسد رئيسا، على رغم فداحة الخطوة. يمكن للمرء أن يستحضر أكثر من تراجيديا مشابهة، ولكن في الحالة الجزائرية يمكن للمرء أن يستعير تعبير "فرادة التراجيديا" الجزائرية ليصف ما يجري هناك اليوم.

النظام يحتاج إلى صورة الرئيس. ثمة ما يمكن أن ينهار في حال تحللت الصورة. الحاجة إلى ما تبقى من هذه الصورة تملي القيام بخطوة لا يقبلها عاقل. رئيس على كرسي متحرك، لا ينطق ولا يفكر ولا يأكل. النظام في الجزائر يحتاج إلى هذه الصورة!

ماذا يخفي النظام وراء هذه الحاجة. فساد طبقة سياسية؟ حرب أهلية؟ فضائح جيش وحكام صغار؟ كل هذا لا يكفي لإقناع عاقل بصورة بوتفليقة. معادلة أن الجزائر دولة نفطية أهلها فقراء لا تكفي، هذه حال إيران مثلا، والسعودية بدورها لا تخلو من فقراء... إذا ما الذي دهى بعقول أهل النظام في ذلك البلد؟ الأرجح أن بوتفليقة نفسه يشعر بالأسى على نفسه جراء هذا المصير، وهو إن أتاحت له حاله أن يعبر فسيقفز عن كرسيه ويغادر القصر.

لقد مضى على "سنوات المحنة" في الجزائر أكثر من عشرين عاما، هي نفسها الأعوام التي أمضاها بوتفليقة في الرئاسة. "سنوات المحنة" كانت أيضا حربا أهلية، وما يُلوِح به النظام اليوم في حال رفض الجزائريون رئيسا فاقدا القدرة على فعل أي شيء هو حرب أهلية.

أربع عُهدٍ رئاسية تفصل بين حربين أهليتين. علينا إذا أن نختبرها، فما يقترحه النظام على الجزائريين هو حقنة تنويم وتأجيل لما يقول إنها حرب أهلية. "سنوات المحنة" كانت حربا أهلية لأن النظام أرادها أن تكون حربا أهلية. في حينها كان يفسح مجالا لمجرمي "الجيا" لكي يتقدموا ويرتكبوا مجزرة ثم يأتي بعدها لينقذ من نجا منها. هذه المعادلة لطالما رصدتها الصحافة في حينها. واليوم يبدو عرض النظام مشابها. النظام نفسه، والجيش نفسه... والجزائريون أنفسهم.

لا بؤس يفوق بؤسنا نحن العرب، مشارقة ومغاربة. تحكمنا اليوم صور رؤساء من المحيط إلى الخليج. فلنحصي الرؤساء والملوك الذين لا يحكمون. في الجزائر وفي لبنان وفي تونس وفي الكويت وفي السعودية وفي فلسطين... الحكام في كل هذه البلدان هم في العقد التاسع من أعمارهم. ويمكن أن نضم إليهم حكام أصغر عمرا لكنهم لا يحكمون من أمثال بشار الأسد وسعد الحريري وعبد ربه منصور هادي.

ما يقترحه النظام على الجزائريين هو حقنة تنويم وتأجيل لما يقول إنها حرب أهلية

​​والحال أن المسافة الزمنية التي يرسمها خط عمر الحكام العرب عن محكوميهم، وهؤلاء هم من أكثر المجتمعات شبابا في العالم، هذه المسافة تقول الكثير عما يجري في بلداننا.

فالذهول المرتسم على وجوه شبيبة التظاهرات في الجزائر يخفي وراءه جزءا من مفارقات الزمن، إلا أنه يخفي مفارقات أخرى. هؤلاء لا يتظاهرون ضد الرئيس المريض على نحو ما فعل السوريون والمصريون والتونسيون، وهم على يقين بأن لا يد لبوتفليقة بما يجري من حوله.

التظاهرة هذه المرة ضد يد تحرك الكرسي، وهذه اليد ليست تماما يد الجيش وليست يد الحزب وليست يد الحكومة. اليد التي تعيش بين حربين أهليتين والتي جعلت من أهل بلد غني، فقراء. إنها فنزويلا أفريقيا. أي حين يتحول النفط إلى طريق لإفقار أهله.

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات