Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

عبارة "الأسد باع الجولان" هي امتداد ليس جديدا للغة أسسها خصوم ديكتاتور سوريا، ممن لا يثيرهم استبداده، تقوم على عدم إيمانهم بصلابته حيال إسرائيل
عبارة "الأسد باع الجولان" هي امتداد ليس جديدا للغة أسسها خصوم ديكتاتور سوريا، ممن لا يثيرهم استبداده، تقوم على عدم إيمانهم بصلابته حيال إسرائيل

حازم الأمين/

إلى مايا شربجي؛

"الأسد باع الجولان"! هذه العبارة العبقرية التي أطلقها ضيف أحد البرامج التلفزيونية الفنية في لبنان، تحولت محور نقاش عام عصف بمنصات الإعلام اللبنانية. والضيف هذا رد بها على المغني السوري الموالي للنظام علي الديك، الذي كان ضيف البرنامج أيضا. كان مشهد "السجال" ركيكا إلى حد يصعب تصديقه. صاحب العبارة انسحب بتهذيب مبالغ به من الحلقة إرضاء للضيف الكبير. وما أن انقضى المشهد حتى اشتغل الانقسام.

مرة أخرى يلوح الخواء في لبنان بصفته أحد ثوابت الجمهورية الثالثة. الخواء أقوى من كل شيء، ذاك أنه صورة عن عجز بلد عن أن يكون بلدا. بلد يمكن أن تملأ عبارة من نوع "الأسد باع الجولان" حياته العامة والخاصة. هو امتداد لطقس الزجل في لبنان منزوعا منه موهبة أصحابه على إطراب مستقبليه. "الأسد باع الجولان"، العبارة أطربت خصوم الأسد إلى حد التوحد مع صاحبها، واستفزت حلفاء الرئيس إلى حد فقدانهم توازنهم.

وقع "خسارة الجولان" أكبر من وقع ارتكابات النظام، في خطاب الإدانة

​​الخواء يدفعنا أحيانا إلى السعي إلى التآخي معه. وعلى من لا يحب الأسد، على ما هي حالي، أن يفكر بالعبارة، طالما أنها تصيب من لا يحب. كيف باع الأسد الجولان؟ ومن دفع ثمنها؟ يجب أن نؤسس للعبارة منطقها، بما أنها عصارة خطاب خصوم الديكتاتور. يجب أن لا تترك العبارة لوحدها، يجب أن نوثقها. عندما قال لينين "يا عمال العالم اتحدوا"، كان كتب مانيفستو للعبارة. المغني السوري الذي استفزته العبارة رد عليها بما يليق بها. لم يقبل أن يكون رئيسه قد باع الجولان. وشرح كيف أنه سيحررها. إذا علينا أن نقوم نحن بدورنا بعملنا، وأن نخدم عبارتنا بما يليق بها من أفكار وحقائق وسياقات. ولا يبدو أن ذلك يمكن له أن يستقيم من دون أن نؤسس لغة موازية ومشابهة للغة المغني، ذاك أن رجلنا، كاره الأسد مثلنا، قرر بمشاركته باسمنا في الحلقة أن خصمنا الثقافي والوطني هو علي الديك، وأن النقاش هو مع علي الديك.

وها هو صاحب العبارة يسعفنا بما لا يتسع له ذكاؤنا. فهو غرد على تويتر في اليوم الثاني أن دونالد ترامب كان سيهدى جنوب لبنان لبنيامين نتانياهو لولا وجود مقاومة في لبنان. علينا هنا نحن خصوم الأسد أن نلتقط العبارة وأن نحلق بها في خيالنا. المغني السوري لن يقوى على مواجهة هذه الفكرة. ما أجملنا نحن في لبنان، في نقاشنا وخلافنا قدر من الطرب. السياسة موسيقى أيضا في بلدنا، ومطربنا شكسبيري قبل أن يكون "أسدي".

لكن بعد بحث وتقص دؤوبين توصلنا إلى أن الأسد لم يبع الجولان! الأسد خسر الجولان! هل ثمة فارق بين الافتراضين؟ أيهما مهين أكثر للرئيس الذي لا نحبه؟ ثم أننا في ذهابنا مع صاحب عبارتنا الأثيرة "الأسد باع الجولان"، إلى تغريدته عن تحرير الجنوب، سنعثر في الوثائق على ما يُضعفها، ذاك أن من حرر جنوب لبنان يقول إن الأسد ساعده في تلك المهمة! كيف نُصرِف الآن تغريدة صاحبنا؟ هل يمكن لنا أن لا نُحِب ديكتاتورا ساعد المقاومة على تحرير الجنوب؟

والحال أن عبارة "الأسد باع الجولان" هي امتداد ليس جديدا للغة أسسها خصوم ديكتاتور سوريا، ممن لا يثيرهم استبداده، تقوم على عدم إيمانهم بصلابته حيال إسرائيل. ثمة عبارة كتبها على جدار منزلنا في جنوب لبنان بعثيون منشقون عن البعث السوري في سبعينيات القرن الفائت، وبقيت العبارة سنوات طويلة على هذا الجدار، تقول: "الأسد أسدٌ في لبنان وأرنب في الجولان". ذكرتني عبارة ضيف البرنامج الفني بتلك العبارة وأعادتني إلى ذلك الزمن، ذاك أنها لا تمت إلى خصومتي للأسد بأي صلة.

الخواء يدفعنا أحيانا إلى السعي إلى التآخي معه

​​أيهما أشد فداحة بين ممارسات الديكتاتور، خسارته الجولان وعدم سعيه لاستعادتها، أم قتله نحو نصف مليون سوري وتدميره مدننا وتهجيره ملايين من أهلها؟ يبدو أننا نطرب لواقعة الجولان أكثر، إذ أنها تلتقي مع مزاج شعبوي له امتداد في ذاكرتنا. والأهم أن وقع "خسارة الجولان" أكبر من وقع ارتكابات النظام، في خطاب الإدانة.

لكن ذروة هذا المنطق تتمثل في أن ضيف البرنامج الفني، صاحب العبارة القنبلة، كان جزءا من ديكور مفتعل مهمته رفع نسبة المشاهدة، فكان أن اختار معد الحلقة مدخلا مفتعلا نجح من خلاله في رفع الاهتمام ببرنامجه، وفي مقابل ذلك كان من حسن حظ ضحايا النظام أنهم لم يُستعملوا في هذه المهمة اللبنانية.

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات