Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

مسلمون يمارسون شعيرة الحج
مسلمون يمارسون شعيرة الحج

سناء العاجي/

هي بعض من حكاية رفضنا المزمن للاعتراف بتقدم الكون والممارسات والعلاقات.

هي حكاية انفصام مزمن في علاقتنا بالعالم وتطوراته.

هي وجع إصرارنا على العديد من أشكال التخلف، التي (ربما) كانت مفهومة ومقبولة في زمن ما وفي إطار مجتمعي ما... والتي ما عاد يقبلها عقل أو منطق ونحن نعيش تطورات العالم في ألفيته الثالثة.

هي حكاية شابة مغربية غير متزوجة. ناجحة في حياتها المهنية، ملتزمة ونشيطة في المجتمع المدني، تعيش مع والدتها وأخيها بعد وفاة الوالد.

من غير المقبول اليوم أن نمنع نساء مستقلات ماديا، يرغبن في ممارسة شعيرة دينية خاصة بهن، من تحقيق ذلك

​​قررت هذه الشابة، ولنسمها زينب، أن تسافر مع والدتها لقضاء العمرة هذ السنة. دبرت كل التفاصيل والمبلغ اللازم... وبقي تفصيل "مهم": بما أن زينب شابة في مقتبل العمر، فهي لا تستطيع أن تسافر لقضاء العمرة رفقة والدتها فقط. السيدتان تحتاجان لمحرم.

قررت الشابة أن تدفع مقابل عمرة أخيها أيضا، حتى يتسنى له أن يرافقما كـ "محرم".

حكاية تتكرر بالمئات، لنساء يتوفرن على الإمكانيات المادية لقضاء الحج أو العمرة، ويجدن أنفسهن مضطرات لدفع مقابل عمرة أو حج شخص آخر، حتى يستطعن استيفاء الشروط الإدارية للسلطات السعودية، التي تستلهم هذه الشروط من قراءة معينة للدين.

طبعا، في المطلق، يمكن لأي امرأة أن تدفع عن أخيها أو والدها أو زوجها مصاريف العمرة... قد يكون الأمر هدية مثلا. المشكلة في حالة زينب والحالات المشابهة لها، وهي كثيرة، أنها تصبح نوعا من الضريبة الإجبارية؛ باسم الدين!

هل يمكننا اليوم، في زمن تسافر فيه المرأة وتقود الطائرة والقطار وتدير مؤسسات اقتصادية، وتشتغل في الطب والهندسة، وتنفق كليا أو جزئيا على الأسرة... هل يمكننا والحال هذه، أن نستمر في التعامل بثقافة الولاية والوصاية عليها، من طرف رجل/ذكر، لعلها تنفق عليه ولعلها أَفْقَه منه في أمور الدين والدنيا؟

لعل إجبارية وجود المحرم كانت مقبولة في زمن معين، كان فيه الرجل المحرم يتكفل ماديا بزوجته وأمه وأخته وابنته... يدفع عنهن الحج أو العمرة ويرافقهن كـ "محرم"، وصي، ولي. رغم أن هذا الأمر في حد ذاته فيه نقاش؛ حيث يزعم كتبة التاريخ الإسلامي أن المرأة سابقا كانت دائما تحت الوصاية الاقتصادية للرجل، رغم أن الرسول نفسه كان يشتغل عند امرأة غنية متمكنة اقتصاديا، هي خديجة، قبل أن يتزوجها... بمعنى أن النساء، حتى قبل الإسلام وفي بدايات هذا الأخير، لم يكنّ دائما تحت وصاية الرجل، بل كانت كثيرات منهن تشتغلن وتدرن التجارة وتمتهنّ الطب وغيره من المهن.

من غير المقبول اليوم أن نرهن عمرتهن وحجهن بإجبارية مرافقة رجل لهن

​​ومع ذلك، وعلى فرض الوصاية الاقتصادية للرجل على المرأة في زمن معين، وإجبارية الإنفاق التي تلزمه بها أغلب المدارس الإسلامية، فإنه من واجبنا اليوم أن نراجع بعض تصوراتنا التي لم تعد تتماشى مع العصر الحالي، حيث تشتغل النساء وتساهمن في الإنفاق. بل أنهن، في أحيان كثيرة، يكن معيلات وحيدات للأسرة، كما هي حالة زينب في المقال أعلاه... وكما هي حالة خمس الأسر المغربية (18 في المئة) ونسبة مهمة من الأسر المصرية على سبيل المثال لا الحصر.

ثم، كيف يعقل أن تسافر المرأة المسلمة الماليزية أو المغربية أو السينغالية أو التركية وغيرها من الجنسيات التي لا تمنع سفر المرأة بمفردها، إلى كل دول العالم بكل حرية... وأن تكون مجبرة على البحث عن رفيق رجل/ذكر للعمرة أو الحج، هي التي يفترض أنها تزور هناك أقدس الأماكن الإسلامية؟

من غير المقبول اليوم أن نمنع نساء مستقلات ماديا، يرغبن في ممارسة شعيرة دينية خاصة بهن، من تحقيق ذلك؛ وأن نرهن عمرتهن وحجهن بإجبارية مرافقة رجل لهن، رغم أنهن قد يكن أكثر كفاءة ومسؤولية وجدية وإيمانا ومعرفة دينية من ذلك الرجل...

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات