Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

جمعةمتظاهر جزائري يواجه قوات الشرطة بعد محاولة تفريق المتظاهرين بالقوة يوم ال
جمعةمتظاهر جزائري يواجه قوات الشرطة بعد محاولة تفريق المتظاهرين بالقوة يوم ال

عريب الرنتاوي/

ليس التزامن في التوقيت، هو القاسم المشترك الأوحد بين الثورتين الجزائرية والسودانية... فالبلدان العربيان اللذان قُدّر لها أن يستأنفا مسيرة "الربيع العربي" وأن يعيدا الاعتبار لحراكات الشوارع والميادين المليونية، سيتعين عليها أن يشهدا "السيناريو" ذاته تقريبا، مع فوارق طفيفة تمليها "السياقات المحلية" للحدثين الذين استقطبا اهتمام الرأي العام والأوساط السياسية والإعلامية في المنطقة والعالم.

في الجزائر، وبعد أن أيقنت المؤسسة العسكرية أن فرص تجديد الولاية للرئيس الجزائري المتهالك صحيا، عبد العزيز بوتفليقة، تبدو مستحيلة، سعى جنرالاتها إلى تجريب محاولة "تمديد" ولايته الرابعة لسنة أخرى على الأقل بحجة "تدبير الانتقال" و"تفادي الفراغ"، ودائما لحفظ الأمن والاستقرار. لكن، وبعد أن أيقن الجنرالات أن أحدا "لم يشتر" بضاعتهم، وأن "واجهتهم المدنية المتهالكة" لم تعد تجدي نفعا، نظموا ما يشبه الانقلاب في القصر وعليه، وأرغموا بوتفليقة، ومن أسموهم بـ"العصابة الفاسدة" على تبكير التنحي ببضعة أسابيع، وإعلان "الشغور" الرئاسي، وتنصيب رئيس انتقالي مؤقت، من نفس البطانة الحاكمة والمسؤولة عن الخراب المقيم في البلاد منذ عقدين من الزمان على أقل تقدير.

تغيير رأس النظام والإطاحة بثلة قليلة من مريديه و"حوارييه" لا يضمن الانتقال الديمقراطي

​​ستستفيد المؤسسة العسكرية الجزائرية، من توق الجماهير الجزائرية التي خرجت بالملايين إلى شوارع العاصمة ومختلف المدن الجزائرية مطالبة بتغيير جذري للنظام، والشروع في مرحلة انتقال جذرية نحو الحرية والديمقراطية، أقول ستستفيد المؤسسة من رهان الشعب على "حيادها"، فتنتزع زمام المبادرة، وتخرج بخطاب لفظي حاد وعنيف ضد عصابات الفساد والإفساد، وتشرع في حملة اعتقالات وتوقيفات ومنع من السفر، تطال حفنة من الفاسدين، وتتعهد بالدفاع عن الناس وحفظ حيواتهم وأرواحهم، وتلبية مطالبهم، قبل أن يتضح للشعب الجزائري أن جُل ما يفعله الجنرالات، ليس سوى نوع من "التدوير" و"إعادة الإنتاج" للطبقة الحاكمة ذاتها، ومن داخلها، وأن نهاية مطاف حراكها "الثوري" هو استبدال "جلد" النظام القديم المتهالك والمتشقق، بجلد جديد، أو ترجيح كفّة أحد أجنحة السلطة على حساب أجنحة أخرى، لا أكثر ولا أقل.

في السودان، تكرر هذا السيناريو بحذافيره تقريبا، وأتيح لملايين السودانيين الذين كسروا حواجز الرتابة والخوف ونزعوا عن أنفسهم ثياب الكسل واللامبالاة، أن يشاهدوا فصول هذه المسرحية السوداء... عمر حسن البشير، كان ماضيا في مشروع تعديل الدستور للترشح لولاية جديدة في 2020، لكأن ثلاثون عاما في السلطة لا تكفي لإشباع نهمه للحكم. وظل يناور ويراوغ كدأبه دوما؛ تارة يدعو لحوار وطني وأخرى يقترح تغييرا حكوميا. أعلن الطوارئ وحظر التجوال، وزج بمئات المعارضين والمعارضات في السجون. كل ذلك لم يقنع السودانيين ولم يردعهم، تصاعدت الاحتجاجات متسلحة بطاقة جديدة من النجاحات الجزائرية. هنا، وهنا بالذات، تحركت المؤسسة العسكرية السودانية، وسلكت طريق نظيرتها الجزائرية بكل تفاصيله تقريبا.

خرج الرجل الثاني لينقلب على الرجل الأول، معلنا اقتلاع النظام واعتقال رأسه، لتتوسع حملة الاعتقال لتطال أجنحة في السلطة، سبق وأن أطيح بها من قبل، مثل نائب الرئيس السابق ووزير دفاع السابق وعدد من قيادات الحزب الحاكم. ثم إعلان الطوارئ وفرض حظر التجوال، واقتراح مرحلة انتقال تحت "حكم العسكر" ولمدة عامين كاملين.

بخلاف الجنرال أحمد قايد صالح المستمسك بالدستور كإطار ومرجعية لتنظيم الانتقال من النظام إلى النظام ذاته وإن بأسماء جديدة، لم يجد الجنرال عوض بن عوف في دستور البشير ما يساعده على امتصاص غضب الشارع، فرض حكما عسكريا مباشرا ومن دون أقنعة، عطل الدستور وحل البرلمان ونصّب الجنرالات حكاما للولايات. انقلاب كامل الأوصاف، يذكر بمسلسل الانقلابات العسكرية التي طبعت تاريخ السودان الحديث وميزت مرحلة ما بعد الاستقلال.

لا يبدو أن الأوضاع في الجزائر والسودان، قد استتبت للجنرالات

​​في الجزائر كما في السودان، الجنرالات يراهنون على مطلب الشعب بتحييد المؤسسة، فيعرضون أنفسهم بديلا لرموز النظام المتهالكة، على نحو فج ومباشر كما في السودان، أو بصورة تتخفى خلف دستور النظام السابق ومؤسساته كما في الجزائر. اختلفت التفاصيل، لكن السيناريو ذاته، بأهدافه ومآلاته.

في الجزائر، كما في السودان، تخرج الملايين للشوارع على نحو عفوي، وتغيب القيادات الشعبية المنظمة، وتتوزع المعارضات على مراكز متنافسة ومتصارعة، وتتكثف مساعي العواصم الإقليمية والدولية المتنافسة والمتصارعة لدعم هذا الفريق أو ذاك... فتظهر المؤسسة العسكرية بوصفها القوة الإنقاذية الوحيدة الجاهزة لانتزاع زمام المبادرة، فيثير تدخلها ارتياحا نسبيا مؤقتا لجهة تبديد المخاوف من الانزلاق للفوضى وانعدام الاستقرار، بيد أنه ارتياح "مفخخ" بالخشية المشروعة، من عودة الدكتاتورية والاستبداد، والانتقال من حكم العسكر إلى حكم العسكر.

حتى الآن، لا يبدو أن الأوضاع في الجزائر والسودان، قد استتبت للجنرالات، فالجماهير التي تعلمت من دورس تجاربها التاريخية المتراكمة، ودروس ثورات الربيع العربي الحيّة الطازجة، أظهرت وعيا متقدا لألاعيب المؤسسة العسكرية ومكر الجنرالات وخداعهم. خريطتا طرق الانتقال التي تقدم بها الجنرالات، رُفضت في كلا البلدين، وعلى نحو فوري ومن دون تردد أو انتظار، والجماهير ما زالت في الشوارع والميادين، تعلن رفضها إعادة "تدوير" النخب القديمة" وإعادة انتاج النظم القديم بحلل جديدة، مع أنها تدرك أن معارك الإصلاح والتغيير تبدو اليوم أشد صعوبة، وربما أكثر كلفة، إذ أن المواجهة تدور الآن بين الجموع الشعبية الغاضبة والمؤسسة العسكرية الحاكمة. لم يعد شعار "تحييد" الجيش صالحا، فالجيش هو من يحكم، مباشرة (السودان) أو من خلف أقنعة (الجزائر).

سيجد كل شعب عربي طريقه للانتقال نحو الديمقراطية

​​لكنها معركة غير يائسة على صعوبتها كذلك، فالجماهير التي غادرت مربع الخوف وتعرفت بنفسها على مكامن قوتها، أدركت منذ اللحظة الأولى لدخولها مرحلة "ما بعد بوتفليقة" و"ما بعد البشير"، أن المعركة ما زالت في بدايتها، وأن تغيير رأس النظام والإطاحة بثلة قليلة من مريديه و"حوارييه" لا يضمن الانتقال الديمقراطي، رفضت الجماهير من فورها خطط الانتقال ولم تأخذ على محمل الثقة والطمأنينة، وعود الجنرالات وتعهداتهم، فقد خبرتهم من قبل، واكتوت بنيرانهم ودفعت بنتيجتها، أفدح الأثمان طوال سنوات وعقود.

لقد اختبرت شعوب هذه الدول النتائج المريرة لتجربة الانقلابات العسكرية التي حملت زورا اسم "ثورات"، والمؤكد أنها لن تسمح بتمرير انقلابات جديدة، تمتطي هذه المرة، صهوات ثورات شعبية مجيدة، وسلمية ومتحضرة، لن تسمح بتحويلها ثوراتها الشعبية إلى انقلابات أو مشاريع انقلابات، وسيجد كل شعب عربي طريقه للانتقال نحو الديمقراطية في مواجهة نظام الاستبداد والفساد من جهة أو محاولات الجنرالات اختطاف ثوراتهم من جهة ثانية، أو سعي جهات رجعية وظلامية قيادة هذه الثورات نحو ضفاف نظم شمولية استبدادية "قروسطية" من جهة ثالثة. إنه مخاض عسير ومرير، وتجربة انتقال صعبة وطويلة الأمد.

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات