Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

آثار الحريق على كاتدرائية نوتردام دو باريس
آثار الحريق على كاتدرائية نوتردام دو باريس

سناء العاجي/

بعد يومين فقط من احتراق كاتدرائية نوتردام دو باريس، وصلت تبرعات رجال ونساء الأعمال في فرنسا لأكثر من 600 يورو، بهدف إعادة بنائها (وصل المبلغ إلى مليار دولار بعد أيام).

بغض النظر عن الجانب المادي البحث، دعونا نقارن، بكل موضوعية، بين "واقعهم" و"واقعنا":

كم معلمة أثرية تحطمت في سوريا والعراق وأفغانستان؟ من سعى أو حتى فكر في بنائها أو ترميمها؟

بل، حتى خارج الدول التي تعيش في حالة حرب: المآثر التاريخية التي تتدمر تدريجيا في المغرب وتونس ومصر وغيرها، هل تفكر الحكومات وهل يفكر رجال ونساء الأعمال في ترميمها وإصلاحها؛ أم أنهم (وربما نحن جميعا) يعتبرون ذلك ترفا؟

البعض بيننا ذهب إلى شماتة مرضية في الحريق

كم بناية تاريخية جميلة وكم قاعة سينمائية تاريخية في المغرب تحطمت بفعل الزمن أو بفعل الأطماع الرأسمالية، لتتحول لمركبات سكنية ضخمة أو لمراكز تجارية "عصرية"، رغم أنف الفاعلين في المجتمع المدني، ممن يحرصون على حماية الإرث الحضاري للبلد؟

لذلك، وبعيدا عن الحريق نفسه، على واقعة نوتردام أن تجعلنا نفكر مليا في علاقتنا، شعوبا وحكومات، بالإرث الحضاري لبلداننا.

أتذكر زيارة لفرنسا ضمن وفد ضم عددا من الصحافيات من بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط. كانت معنا صحافية يمنية فوجِئت حينها بحجم وعظمة الإرث المعماري والتاريخي الفرنسي، لأنها كانت تتوقع بلدا عصريا حديثا.

في متخيلنا المشترك، رسخت مناهج التعليم وبعض الإعلام فكرة مفادها أن بلداننا وحدها تملك تاريخا عظيما ومآثرا تاريخية. الحقيقة أن الدول الغربية لا تتوفر فقط على إرثها التاريخي والمعماري العظيم، بل إنها تحافظ عليه بقوانين صارمة وبتنظيم للإعمار الحديث، لكن أيضا بالترميم والصيانة المستمرة (روما، باريس، برلين...).

باختصار، لأن تلك الحكومات والشعوب أدركت أن تاريخها وإرثها الحضاري جزء من تطورها السياحي والاقتصادي والثقافي.

بينما نحن نكتفي بنشر صورة لمسجد سوري عريق تم تدميره بسبب الحرب ونتساءل: "ها هو مسجد أقدم من كاتدرائية نوتردام، فمن يحزن له؟".

الحقيقة أن السؤال المشروع الحقيقي هو التالي: ما الذي جعلنا نستهين بهذا الإرث الحضاري وندمره في إطار "ثورة" يفترض أنها جاءت أساسا لبناء بلد أفضل؟

السؤال المشروع الثاني هو الآتي: هل كانت هناك مبادرات في أفغانستان وسوريا والعراق لإعادة ترميم تماثيل بوذا المدمرة أو غيرها من المساجد والمآثر التاريخية؟ هل فكرت في ذلك الحكومات أو رجال ونساء الأعمال؟ هل صدرت من أحد "الثوار" مبادرة على المواقع الاجتماعية لإنقاذ تلك المآثر؟

بعد خمس سنوات، ستعود لباريس كاتدرائيتها... وسنبقى نولول ونعتبرها مؤامرة

​​وهنا يكمن كل الفرق: شعوب وحكومات تتباكى على واقعها (حتى حين تكون مساهمة في تدميره) وشعوب وحكومات ورأسمال يفكر في الحلول وفي البناء.

بل إن البعض بيننا ذهب إلى شماتة مرضية في الحريق وإلى اختلاق نظريات عجيبة تجعل الحريق مفتعلا لدعم المسيحية عبر العالم ضدا في الإسلام والمسلمين!

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التزم بإعادة بناء الكاتدرائية خلال خمس سنوات. رجال ونساء الأعمال تبرعوا بالملايين لأجل نفس الهدف (حتى لو كانت خلف تبرعاتهم مصالح اقتصادية). هل نستطيع أن نمنح لأنفسنا، في المغرب مثلا، خمس سنوات لاستعادة قبر ابن رشد الذي مات هنا وتم ترحيل جثمانه لإسبانيا؟ هل نستطيع أن نمنح لأنفسنا خمس سنوات لإعادة ترميم قبر يوسف بن تاشفين، مؤسس الدولة المرابطية، وقبر المعتمد بن العباد وغيرها من المآثر التي تتآكل تدريجيا؟ هل نستطيع، في سوريا والعراق، أن نتخيل حتى بعد استقرار الأوضاع، خمس أو عشر سنوات لإعادة بناء الإرث الحضاري الضائع؟ هل سيلتزم رجال ونساء الأعمال السوريون والعراقيون والمغاربة التزام رجال ونساء الأعمال في فرنسا؟ هل ستلتزم الحكومة بنفس القدر من المسؤولية والجدية؟

هذه هي الأسئلة المشروعة الحقيقية. أما المزايدات الشعبوية الفارغة على المواقع الاجتماعية، فهي لا تعطي أكلا ولا تحمي إرثا حضاريا...

بعد خمس سنوات، ستعود لباريس كاتدرائيتها... وسنبقى نولول ونعتبرها مؤامرة ضد الإسلام ودعما للمسيحية "الكافرة"... وسيستمر إرثنا الحضاري في التآكل، ولا من منقذ أو مهتم!

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات