Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

جانب من احتجاجات "الجمعة السابعة" في الجزائر العاصمة
جانب من احتجاجات "الجمعة السابعة" في الجزائر العاصمة

عريب الرنتاوي/

ما إن اندلعت الأزمة الخليجية بين قطر من جهة وكل من دول الرباعي العربي (مصر، السعودية، الإمارات والبحرين) من جهة ثانية، حتى تحولت دول الأزمات المفتوحة في العالم العربي إلى ساحات جديدة لحروب وكالة من نوع جديد، تدور رحاها هذه المرة بين حلفاء الغرب والولايات المتحدة، بعد أن ظل هذا النوع من الصراعات مرتبطا بتلك الدول والمجتمعات التي تحظى فيها إيران بنوع خاص من النفوذ كسوريا والعراق واليمن.

ونبدأ باليمن، حيث نشطت قطر في إطار التحالف العربي بقيادة السعودية في بدايات تشكيله، وأرسلت ما يقرب من الألف جندي للمرابطة على الحدود السعودية اليمنية، قبل أن تسارع إلى سحب قواتها والانسحاب من التحالف، بل والبدء بتلقي الاتهامات عن دعمها "السرّي" لجماعة الحوثي، حتى وهي تدعي القتال ضدهم في إطار التحالف.

اليوم، ثمة ما يكفي من المعطيات الدالة على تموضع قطري جديد، أقرب إلى موقع سلطنة عمان، إن في علاقتها مع الحوثيين، أو في دعمها لبعض قبائل المهرة المناهضة للوجودين السعودي والإماراتي في المحافظة الحدودية مع عمان، وانتهاء بالعلاقة النشطة مع التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين)، ومحاولاتها إبعاده عن التحالف (وربما تقريبه من الحوثي)، مع كل ما ترتب أو يمكن أن يترتب على ذلك من تداعيات ميدانية على حرب السنوات الخمس في هذا البلد المنكوب وعليه.

صراع الأخوة الأعداء، يحتدم في السودان اليوم وعليه، ويهدد بتحويل الانتقال إلى أزمة، وينذر بإطالة أمدها

​​ليبيا تنهض شاهدا على حرب الوكالة بين الغرب ودوله وحلفائه. هنا بخلاف اليمن، لا دور لإيران وحلفائها على الإطلاق. هنا تحضر تركيا، عضو الناتو وحليفة قطر، بوصفها لاعبا له تأثير. هنا يتحرك الرباعي العربي الذي يحاصر قطر، دعما للجنرال خليفة حفتر، فيما تكثّف الدوحة وأنقرة من دعمهما لحكومة الوفاق وطرابلس والغرب الليبي. هنا تُخترق القرارات الأممية دون ضجيج، فيستمر إرسال السلاح والمرتزقة و"المجاهدين" إلى هذه البلاد، بأقل قدر من "التغطية الإعلامية". هنا، يجد الموفد الأممي غسان سلامة نفسه في ذات المكان الذي وجد ستيفان ديمستورا نفسه فيه من قبل، وفي نفس الموقع الذي يجد مارتن غريفيث نفسه فيه اليوم، مع فارق رئيس واحد: في سوريا واليمن، كان من السهل إلقاء اللائمة والتبعية على إيران وحلفائها. هنا جُرْح الغرب في كفّه، فالمتقاتلون هم بيادق بيد دول حليفة للغرب، والصراع الفرنسي الإيطالي في ليبيا وعليها، يجعل الدبلوماسية والإعلام الدوليين، معطلين عن الحركة والحراك. هنا سيتعين على الشعب الليبي أن يدفع الأثمان الباهظة للصراع على بلده بموقعه وثرواته، من دون أن يأمل بحل سريع لأزماته، أو بمرحلة انتقال أكثر يسرا وسلاسة، أو بعدالة انتقالية لا يفلت منها مقترفو جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، أياً كان الفريق الذي ينتمون إليه.

ومن ليبيا إلى السودان، الذي يشهد واحدة من أكثر ثوراته الشعبية السلمية ندرة في تاريخه. "الأخوة الأعداء" لا يطيقون صبرا ولا ينتظرون طويلا. صراع على "مرحلة الانتقال" بأهدافها و"رموزها".. بعد أشهر من المماطلة والتسويف، عملت فيها أطراف عديدة على "تعويم" عمر حسن البشير، الرجل الذي نجح في الرقص على مختلف حبال المحاور الإقليمية المشدودة، فأعطى هذه المحاور بعض أو كثير مما تريده.

أعطى السعودية والإمارات جيشا في اليمن لقتال أذرع إيران في "عاصفة الحزم".. وأعطى تركيا، غريمة الدولتين الخليجيتين الحليفتين جزيرة "سواكن" لتسكن إليها.. انفتح على قطر، وأدار علاقة طبيعية نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتطوع لقيادة وساطة بين دول الرباعي العربي ودمشق.. كل هذه الحركة "البهلوانية" لم تنفع البشير، ولم تغفر له، عندما خرج شعبه عن بكرة أبيه مطالبا بالحرية والكرامة والعيش الكريم.. لن يمضي وقت طويل قبل أن يبدأ حلفاء البشير بالتخلي عنه، والبحث عن بدائل له تحفظ لكل محور مصالحه وما يحتاجه.

بتنا نعرف اليوم، أن الصراع بدأ منذ اللحظة الأولى التي نصّب بها الجنرال ابن عوف نفسه رئيسا للمجلس الانتقالي، الرجل متهم بجرائم حرب في دارفور، والعلاقة معه عبء إضافي على حلفائه وأصدقائه.. إلى أن جاء الجنرال عبد الفتاح البرهان، الرجل مقرب من السعودية والإمارات، وهو قائد سابق للقوات السودانية العاملة في اليمن، ومن خلال موقعه، نسج جملة علاقات مع الرياض وأبوظبي، وهو ما يؤهله لأن يكون رجل هذا المحور في الخرطوم، فاستحق قرارات الدعم الفورية والمساعدات السخية، واستدعى وجوده على رأس الهرم القيادي العسكري في الخرطوم، حجيجا من الوفود العسكرية والأمنية والسياسية، كل واحد منها يريد ضمانات وتعهدات ببقاء السودان على علاقة طيبة مع هذه العاصمة أو ذاك المحور، وتحولت التغطيات الإعلامية للحدث السوداني، إلى ساحة صراع، بين قنوات ومحطات ووسائط إعلامية محسوبة على كل من الدوحة والرياض وأبو ظبي والقاهرة وأنقرة..

صراع الأخوة الأعداء، يحتدم في السودان اليوم وعليه، ويهدد بتحويل الانتقال إلى أزمة، وينذر بإطالة أمدها، ويشف عن محاولة مصرية ـ خليجية لتفريغ الانتقال نحو الديمقراطية من أي مضمون، بالالتفاف على مطالب المحتجين وشعارات الحراك الشعبي غير المسبوق، وإبقاء السلطة بين يدي "الدولة العميقة"، تماما مثلما كانت وظيفة "المبادرة الخليجية" لحل الأزمة اليمنية في بدايتها.

بعد عامين من اندلاع الأزمة الخليجية، وبعد فشل المبادرات لحلها واحتوائها، يبدو أن هذه الأزمة أخذت بالتمدد والتفشي

​​وفي الجزائر، تدور الصراعات ذاتها، وربما بالأطراف ذاتها، ولكن بقدر أقل من التأثير.. فالأطراف الجزائرية الخارجة من مأساة "العشرية السوداء" تبدو أكثر حذرا في مقارباتها، والجزائريون الفخورون بتضحياتهم في حرب الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، يبدون أكثر حساسية حيال التدخلات الخارجية في شؤونهم الداخلية، حتى وإن جاءت من أطراف عربية أو إسلامية شقيقة.. و"الدولة العميقة" في البلاد، تبدو أكثر "عمقا" من غيرها من دول الأزمات المفتوحة.. ولقد أدت هذه العوامل مجتمعة، إلى تقليص أثر "العامل الخارجي" في الأحداث الجزائرية قياسا بما هو عليه الحال في دول الأزمات المفتوحة الأخرى في المنطقة.

لكن هذا الحال قد لا يستمر طويلا، إن عجز الجزائريون عن التوافق على "خريطة انتقال سياسي"، من نظام بوتفليقة و"شرعيته الثورية" كما توصف، إلى نظام جديد، مدني ديموقراطي، يستمد شرعيته من صناديق الاقتراع والتداول السلمي للسلطة.

والخلاصة أنه بعد عامين من اندلاع الأزمة الخليجية، وبعد فشل المبادرات لحلها واحتوائها، يبدو أن هذه الأزمة أخذت بالتمدد والتفشي، لتطاول مختلف ساحات الصراع والأزمات المفتوحة في المنطقة برمتها، وتتهدد بتفاقمها وارتفاع تكاليفها، وسط انخراط مباشر متزايد من قبل دول غربية في بعضها، إن لم نقل جميعها، وتحديدا تلك التي تندلع على الضفة الجنوبية للمتوسط.

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات