Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

ورود تكريما لضحايا الهجمات الانتحارية في سريلانكا
ورود تكريما لضحايا الهجمات الانتحارية في سريلانكا

سناء العاجي/

منذ بضعة أسابيع، ارتكب مجرم متطرف جريمة في حق عشرات المصلين بأحد المساجد في نيوزيلندا، وذلك خلال صلاة الجمعة.

حينها، انبهر العالم بالموقف الإنساني للحكومة والشعب النيوزيلنديين، وبشكل خاص برئيسة حكومته التي عبرت عن موقف إنساني رائع ومبهر.

خلال أسبوع، تم رفع الآذان في الجامعات والكنائس النيوزيلندية، وحمى مئات المواطنين النيوزيلنديين مواطنيهم المسلمين خلال أداء الصلاة ليوم الجمعة الموالي.

حينها، اعتبرت بعض الأصوات المهووسة بالذات بأن ذلك كان يعبر عن انبهار بالإسلام. الحقيقة أن ذلك الموقف الإنساني كان تعبيرا عن قيم كونية أخلاقية إنسانية سامية، أكثر منه تقديرا أو انبهارا بدين بعينه. لقد ترجم النيوزيلنديون حينها إيمانهم الحقيقي والفعلي بقيم الحق في الاختلاف والمساواة، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو العرق.

نحن نعيش على بعد سنوات ضوئية عنهم، لأننا، حين يقتل متطرفون مسلمون ضحايا مسيحيين أو يهود، سنجد دائما بيننا من يبرر القتل

​​بالمقابل، على سبيل المثال، فإن الشرطة البلجيكية، حين حاولت السنة الماضية إلقاء القبض على بعض المتهمين في عمليات إرهابية حدثت في فرنسا، فوجئت بحماية عدد من المغاربيين المسلمين المقيمين في ذلك الحي للمتهمين وبمنع الشرطة من إلقاء القبض عليهم؛ باسم الانتماء الديني والقومي المشترك!

وحتى حين لا يسعى البعض لمنع الشرطة من إلقاء القبض على المتهم في قضايا مشابهة، فإنهم يجدون له المبررات!

لدينا من جهة مجتمع يدين المتهم (الذي يشبهه دينيا وعرقيا) ويتضامن مع الضحية، رغم اختلافها عنه ثقافيا ودينيا وعرقيا... ومجتمع يتضامن مع المجرم، لمجرد أنه يشبهه في دينه... أو في تطرفه! ومع ذلك، فنحن لا نخجل حين يعتبر البعض منا أننا "خير أمة أخرجت للناس".

نحن نعيش على بعد سنوات ضوئية عنهم، لأننا، حين يقتل متطرفون مسلمون ضحايا مسيحيين أو يهود، سنجد دائما بيننا من يبرر القتل؛ وسنجد من يردد بأن "الإرهابي لا يمثل الإسلام"... علما أنه يقتل باسم فهمه للإسلام!

هل نعي مثلا أن النيوزيلنديين حينها كانوا يستطيعون أن يقولوا إن ذلك المتطرف المجرم لا يمثل نيوزيلندا وقيمها... وسينتهي الأمر؟

كانوا حينها سيشبهوننا في جبننا وتبريرنا المجرم للتطرف... لكنهم ما كانوا حينها سيشبهون قيمهم الإنسانية الجميلة!

اليوم، ها نحن نعيش مأساة إنسانية جديدة، بسبب الجريمة الإرهابية التي ارتكبها مسلمون هذه المرة، في سريلانكا.

فهل سنمتلك جرأة الإنسانية؟ هل سندين هذه الجريمة أم أننا سنكتفي بالاستنكار وبأن نقول مجددا إن المجرمين لا يمثلون الإسلام وبأن هذه الجريمة الإرهابية هي مؤامرة مخطط لها من الغرب الكافر لتشويه صورة الإسلام والمسلمين؟

لقد ذهبت نرجسية البعض حد اعتبار حريق كاتدرائية نوتردام في باريس مؤامرة غربية تم التخطيط لها بعد التعاطف العالمي الكبير مع المسلمين جراء الحادث الإرهابي في نيوزيلندا، بحيث "أراد الغرب إعادة الاهتمام للمسيحيين، فخطط لحريق الكاتدارئية".

إن لم يكن الأمر تعبيرا عن نرجسية مرضية، فسيتعذر علينا تصنيفه. ولعل كثيرين بيننا يحتاجون لعلاج نفسي مكثف حتى نتخلص من إحساسنا العميق بأن الكون كله يجتمع ليتآمر ضدنا، علما أننا لسنا أفضل الشعوب تكنولوجيا ولا ثقافيا ولا حقوقيا ولا إنسانيا... فلماذا يا ترى سيتآمر العالم ضدنا؟

اليوم بعد الحادث الإرهابي في سريلانكا، هل سنسمح للمسيحيين بالصلاة في مساجدنا؟ هل سنرتدي الصلبان تضامنا معهم؟ هل سنحمي صلواتهم المقبلة؟ هل سندين، على الأقل، القتلة؛ بدل تبرير فعلتهم أو الاكتفاء بترديد كونهم لا يمثلون الإسلام؟

إلى متى سنعتبر بأننا "نستحق" تعاطف الكون معنا في مصائبنا، ونرفض التعاطف مع مصائب الآخرين

​​إلى متى سنعتبر بأننا "نستحق" تعاطف الكون معنا في مصائبنا، ونرفض التعاطف مع مصائب الآخرين؛ وخصوصا حين يكون الفاعل فيها منا (بل إن البعض قد يفرح خفية بذلك)؟ متى سندين الإرهاب بصوت واحد وبدون أي من لغات التبرير؟ متى سنعترف بحق الآخر في الاختلاف (وهي القناعة التي بنت وأسست لسلوك النيوزيلنديين مع مسلمي بلدهم)؟

متى سنعتبر بأن جنة تبني طريقك إليها بدماء الأبرياء (أو تبرر لهم ذلك)... ليست في الحقيقة إلا جحيما تزجنا فيه جميعا؟

ما دمنا، بعد حادث سريلانكا، غير قادرين على سلوك النيوزيلنديين... فلنمتلك على الأقل جرأة الاعتراف بأن شيئا من إنسانيتنا ليس على ما يرام. 

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات