Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

العديد من التجارب قد أجريت على العديد من المصابين لتثبت وجود اختلافات بين فصي المخ
العديد من التجارب قد أجريت على العديد من المصابين لتثبت وجود اختلافات بين فصي المخ

ابتهال الخطيب/

إذا كانت إجابة سؤال العنوان بنعم، فسيهمك هذا المقال، وأتمنى أن يهمك في كل الأحوال.

"أنا محمد قاسم وأهلا وسهلا بكم في السايوير بودكاست"، كلما سمعت هذه الجملة تنطلق من تلفوني، أجدني تحولت إلى طفلة صغيرة تقف على حافة مغارة عميقة مليئة باللعب الشيقة والمغامرات والمباهج الرائعة. الأكاديمي الكويتي محمد قاسم، هو أحد أهم العلماء الإعلاميين العرب الذين لهم أثرا واضحا في نشر العلوم على مستوى واسع بين الناس عن طريق أكثر من تطبيق وبرنامج إعلامي أهمها، لربما أقول أهمها لأنه الأقرب إليّ، هو برنامج بودكاست أطلق عليه الدكتور قاسم اسم السايوير.

يبث الدكتور من خلال هذا التطبيق وبشكل شبه منتظم حلقات علمية قصيرة مبسطة محبوكة بالدلائل والأوراق والأبحاث العلمية ومقولبة في قوالب حكايات قصيرة شيقة تجعل من النصف ساعة، مدة الحلقة، مغامرة شيقة.

إنه العلم، أداتنا الوحيدة لكشف أسرار الكون الضخم اللامتناهي

​​واحدة من أجمل المغامرات السمعية التي عشتها مؤخرا على "السايوير" كانت من خلال حلقة عنونها قاسم "وقصص أخرى عن المخ" أتت كمتابعة لحلقة سابقة يحكي من خلالهما عن حالات سلوكية وفكرية غريبة نتجت عن إصابات عارضة للمخ أو عن عمليات طبية أجريت على المخ علاجا لأمراض معينة.

من حالات السلوكيات الغريبة مثلا التي ذكرها قاسم في الحلقة والناتجة عن مثل هذه الإصابات هي أن يظن صاحب الإصابة المخية أن جمادا ما، خزان مياه على سبيل المثال، هو طفل صغير، أو هي متمثلة في حالة ذاك الرجل الذي اشتهرت قصته طبيا والذي كان يظن أن زوجته قبعة، حيث كانت قصته عنوان كتاب لعالم الأعصاب أوليفر ساكس The Man Who Mistook His Wife for a Hat and Other Clinical Tales.

في حلقة "قصص أخرى عن المخ" المذكورة أعلاه، تكلم قاسم (كل ما سيرد هنا من معلومات هي نقلا عن الدكتور قاسم وكما وردت في الحلقة) عن الدماغ البشري الطبيعي شارحا أنه يتكون من فصين: أيمن وأيسر، وأنه بين الفصين توجد مادة تسمى "الجسم النفذي أو كورباس كولوسوم" وهي المادة التي تربط الفصين وتمكنهما من التخاطب معا. بعض الناس، يقول قاسم، يمرون بعمليات جراحية يُفصل من خلالها جانبي المخ عن بعضهما، حيث يطلق على العملية "قطع الجسم النفذي أو كورباس كولوسوتومي" ويجرى بعضها لمرضى الصرع للتخفيف من حدته كحل أخير لمن لا يستجيب لأنواع أخرى من العلاجات.

يقول قاسم إن حوادث غريبة تحدث لبعض ممن يمرون بمثل هذه العمليات، مثال على ذلك، يذهب أحدهم لخزانة الملابس، لينتقي لبسا بيده اليمنى فيم يعيد ذات الملبس إلى الخزانة بيده اليسرى، "يد تريد وأخرى ترفض"، يقول الدكتور قاسم "لا ننسى أن اليد اليمنى مرتبطة بالفص الأيسر من المخ واليد اليسرى مرتبطة بالفص الأيمن، كل فص يريد شيء مختلف، ولا يوجد بينهما رابط يوصل المعلومات حتى يتفق الفصان في الاختيار".

هذا فيما يتعلق بالتصرفات، إلا أن قاسم يتساءل، هل تؤثر هذه الحالة على الشخصية كذلك؟ "هل شخصية الفص الأيمن تختلف عن شخصية الفص الأيسر؟" هل يصبح للشخص شخصيتان مختلفتان مثلا يفكران بطريقة مختلفة؟ الموضوع هنا يتعدى الأفعال إذن إلى الأفكار والآراء والاعتقادات.

يؤكد الدكتور قاسم أن العديد من التجارب قد أجريت على العديد من المصابين لتثبت وجود اختلافات بين فصي المخ، حيث يذهب الدكتور لشرح الكيفية التي تمت بها التجارب، والتي هي خارقة الذكاء وعجيبة النتائج، وللمزيد من المعلومات عنها يفضل العودة للحلقة المذكورة، إلا أن النتائج، لا التجارب، هي ما أود الحديث عنه هنا.

ينقل قاسم عن البروفسور فاليانور راماجاندران قوله إن الفص الأيسر من الدماغ مسؤول عن الخطاب، "اللغة مركزة في هذا الفص فيم الفص الأيمن يعبر عن رغباته باليد اليسرى". في العادة يفترض أن الفصين مترابطين، يؤكد قاسم، فتصل الرسائل واضحة وكاملة للشخص، إلا أن انفصالهما، لأي من الأسباب المذكورة سابقا، يجعل للإنسان ردتي فعل مختلفين وأحيانا فكرتين متضادتين كذلك حول ذات الموضوع.

الدكتور راماجاندران، يقول الدكتور قاسم، هو أحد أشهر من أجروا التجارب على المرضى الذين يعانون من انفصال الفصين، حيث في عارض هذه التجارب كان راماجاندران يسأل المريض ذات السؤال مرة لأدوات الفص الأيمن ومرة لأدوات الفص الأيسر، فكانت تصله إجابتين منفصلتين (للمزيد حول كيفية إتمام هذه التجارب بالإمكان العودة للحلقة المذكورة).

في إحدى تجارب الدكتور راماجاندران، وجه سؤال "هل تؤمن بالله؟" لمريضه، ليأتيه جواب المريض متناقضا، حيث أجاب المريض بفصه الأيمن "نعم" وبالفص الأيسر "لا" مما يؤكد أن لكل فص منهما اعتقاده الخاص. يتساءل الدكتور قاسم من خلال حلقته بدوره "هل سيدخل نصف فص هذا الشخص الجنة والنصف الآخر النار؟".

يقول الدكتور قاسم إنه من المهم جدا طرح هذه الأسئلة والمواضيع الحديثة والتفكير فيها بعمق، حيث "لم يعد العالم كما كان يفهمه الناس بالقدم، أصبحنا نعرف كيف تتكون الأفكار في المخ بأسلوب ليس له مثيل في تاريخ البشرية" لذا "لا بد أن ننظر لهذه النتائج بنظرة حديثة، فما كان لهذه الطريقة في التفكير وجود في التاريخ".

من كان يتصور أن في داخل كل منا، فعليا، شخصيتين، فكرين وعقلين

​​إنه العلم، هذه الأداة الساحرة الخلابة، الباردة القاسية، الرحيمة الخارقة، أداتنا الوحيدة لكشف أسرار الكون الضخم اللامتناهي وفي ذات الوقت لتمحيص وتفصيص خبايا هذه الكتلة الصغيرة من الألياف والأعصاب والسوائل التي تقبع أعلى أجسامنا نحن الكائنات البدائية الحديثة الموعودة بالزوال المحتوم.

يا لروعة ما نكتشفه من جديد كل يوم. من كان يتصور أن في داخل كل منا، فعليا، شخصيتين، فكرين وعقلين، وأن ما يوحدهما في وحدة متسقة ويثبتهما في شبكة مترابطة هي تلك المادة اللزجة القابعة بينهما، والتي إن حدث واختفت، تحول الفرد منا إلى اثنين، يرى كل منهما شيئا مختلفا، ويفهم شيئا مختلفا، ويعتقد شيئا مختلفا.

لربما يدفع بنا هذا الاكتشاف "البسيط" إلى إعادة الحسابات، وإلى مراجعة صياغة مفاهيم الحكم على الأشخاص، بخيرهم وشرهم، وما قد يترتب على هذه الأحكام من تحديد فلسفي وفكري لمصائر الأفراد الحياتية وما بعد الحياتية. فإذا كان بالإمكان للمخ أن ينقسم على صاحبه، فكيف سيتم تقييم فكر الإنسان وإلى أي مدى يمكن تحميله مسؤولية اعتقاداته؟ تساؤلات ستغير وجه العالم ومعه ستغير حتى أقوى اعتقاداتنا ومفاهيمنا تغلغلا وأشدها رسوخا.

اقرأ للكاتبة أيضا: السعادة المزمنة

ـــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

مواضيع ذات صلة

Tunisians queue outside a polling station to cast their votes during the presidential elections, in the capital Tunis, Tunisia,…
يترقب التونسيون نسبة المشاركة النهائية في الرئاسيات

أغلقت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها في الساعة السادسة مساء، اليوم الأحد، تمهيدا ببدء عملية فرز الأصوات.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في ثاني مؤتمر صحافي خلال يوم الاقتراع، كشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في الخارج بلغت 10 بالمئة، حتى الساعة الواحدة ظهرا.

وأفاد بوعسكر أن عدد المصوتين في الخارج وصل إلى 64 ألفا و315 ناخبا.

 

وكان رئيس هيئة الانتخابات أعلن، في مؤتمر صحافي قبل الأخير، أن نسبة المشاركة في الرئاسيات بلغت 14.16 في المئة إلى حدود الساعة الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي.

وأفاد بأن عدد المصوتين داخل تونس وصل إلى مليون و381 ألفا و176 ناخبا حتى حدود الواحدة زوالا.

معطيات الرئاسيات

وشرع التونسيون الأحد في انتخاب رئيسهم الجديد من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها حماس التونسيين بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9,7 ملايين، الإدلاء بأصواتهم في الساعة الثامنة صباحا (7,00 ت.غ) في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقا لهيئة الانتخابات.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية "على أقصى تقدير" الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

ويتنافس سعيّد (66 عاما) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاما)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ من العمر 47 عاما والمسجون بتهم "تزوير" تواقيع تزكيات.

ولا يزال سعيّد، الذي انتُخب بما يقرب من 73% من الأصوات (و58% من نسبة المشاركة) في العام 2019، يتمتّع بشعبية لدى التونسيين حتى بعد أن قرّر احتكار السلطات وحلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور خمس سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين ومن منظمات المجتمع المدني، لأنه كرّس الكثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، وخصوصا حزب النهضة الإسلامي المحافظ الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديموقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في العام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ"الانجراف السلطوي" في بلد مهد ما سمّي "الربيع العربي"، من خلال "تسليط الرقابة على القضاء والصحافة والتضييق على منظمات المجتمع المدني واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين"، وفقها.

ويرى الخبير في منظمة "الأزمات الدولية" مايكل العيّاري أن "نسبة المقاطعة ستكون على ما يبدو كبيرة"، على غرار ما حصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية العام 2022 وبداية 2023، والتي بلغت نسبة المشاركة خلالها 11,7% فقط.

ويشير إلى أن "المواطنين ليسوا متحمسين للغاية لهذه الانتخابات، ويخشى الكثيرون من أن ولاية جديدة لقيس سعيّد لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والانجراف الاستبدادي للنظام".

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى "موعد مع التاريخ"، قائلا "لا تتردوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات"، لأنه "سيبدأ العبور، فهبّوا جميعا إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد".

حملة هادئة

في الطرف المقابل، حذّر الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي "في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات إيّاكم والعبث بصوت التونسيين".

وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في العام 2019.

ويعتقد العيّاري أن الرئيس سعيّد "وجّه" عملية التصويت لصالحه "ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات"، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب النهضة إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت الى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قرارا قضائيا بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.  

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس الجمعة للتنديد بـ"القمع المتزايد". 

وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف.

وتشير إحصاءات منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "أكثر من 170 شخصا هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية او لممارسة الحقوق الأساسية" في تونس.

 

المصدر: وكالات