ترى الباحثة الجزائرية، أسماء مشاكرة، المتخصصة في الطب الحيوي، أن عدم ثقة المواطنين في اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا سببه فشل الحملة التي قامت بها الحكومة من أجل تعميم حملة التطعيم على المستوى الوطني.
ولا تستبعد في حوار مع "أصوات مغاربية"، أن تشهد الجزائر موجة جديدة لوباء كورونا.
نص الحوار
عادت الإصابات بفيروس كورونا بالجزائر للارتفاع مجددا، هل الأمر طبيعي من الناحية الوبائية؟
الجزائر تشهد أكبر عدد من الحالات منذ شهر سبتمبر بمعدل حوالي 380 حالة جديدة يوميا، مع أن هناك انخفاض في الأرقام فيما يخص تطابق عدد الحالات الحقيقية مع الحالات المعلنة بشكل رسمي.
مع ذلك أقول أننا مازلنا بعيدين عن ذروة الموجة الثالثة التي تسببت في كارثة حقيقية ووضعت المنظومة الصحية تحت ضغط كبير بسبب نذرة الأوكسجين.
إذا ما حاولنا الاستئناس بالإحصائيات على المستوى العالمي، فإننا نلاحظ ارتفاعا كبيرا لحالات الإصابة في أميركا وأوروبا وكل التوقعات تشير إلى أن الجزائر ستشهد موجة جديدة، لكن السؤال المطروح هو : هل سنعيد نفس أخطاء الماضي؟
الموجات السابقة كشفت تبعيتنا للخارج كما هو حال كل دول الجنوب الكبير. التفكير في طريقة جديدة لممارسة الصحة العامة و العمل على بناء سيادة صحية أضحيا أمرين أساسين لمحاربة هذا الوباء و الأمراض الأخرى التي باتت تهدد الإنسان أكثر فأكثر.
تخوف كبير يبديه مسؤولون بالجزائر بخصوص المتحور الجديد "أوميكرون"، هل هذه السلالة الجديدة لكورونا خطيرة لهذه الدرجة؟
هذا المتحور الجديد أقلق المجتمع العلمي وصناع القرار منذ اكتشافه في جنوب أفريقيا في نوفمبر الماضي والسبب في ذلك يعود إلى الخاصية التي تميز المتحور "أوميكرون" عن باقي السلالات الأخرى فيما يتعلق بارتفاع مؤشر انتقال العدوى (التكاثر الأساسي)، بالإضافة لاحتوائه على بروتين سبايك (المسؤول عن الدخول إلى الخلايا الحية) على أكثر من ثلاثين طفرة ما يعني إمكانية عدم فعالية اللقاحات وتملص المناعة المكتسبة بعد عدوى سابقة.
بعد حوالي شهرين على اكتشاف أول حالة لهذا المتحور، تشير الأبحاث الأولية إلى انخفاض فعالية كل اللقاحات، في حين تؤكد دراسات أن أعراضه أقل حدة من المتحور دلتا.
أمام ذلك، أقول إن الحذر والوقاية هي أفضل طرق لتفادي كارثة أخرى.
هل الإجراءات الجديدة المتخذة في الجزائر كافية لمواجهة هذا المتحور أو الموجة الرابعة للوباء؟
تعلمنا من الموجات السابقة أن هذا الوباء ليس عبارة عن منحنيات أسية جامدة فهي قبل كل شيء تعكس مدى فعالية القرارات السياسية واستجابة الحكومات للتفاعل مع التحديات التي يفرضها الوضع.
ارتداء الكمامة و استحداث جواز صحي للتلقيح تدابير غير كافية لاحتواء الوباء فالاختبارات واسعة النطاق، الحجر الصحي للحالات المؤكدة وتتبع أثر المخالطين لمرضى كورونا برهنت فعاليتها أكثر، علاوة على ذلك، ليس هناك أدلة علمية كافية تثبت فعالية الجواز بل بالعكس.
فرض الجوازات في البلدان الاوربية أدى إلى استقطاب المجتمع بين مؤيد للتلقيح ومعارض مع إمكانية ارتفاع عدد المترددين على أخذ اللقاح.
في رأيك، لماذا رفض غالبية الجزائريين تلقي اللقاح ضد كورونا، ومن يتحمل المسؤولية في ذلك؟
في اعتقادي هناك عدة أسباب محتملة أدت إلى ذلك الموقف، من بينها عدم ثقة المواطنين في اللقاحات، فشل حملة التلقيح التي كان من الأجدر أن تستهدف في البداية الفئات المعرضة للخطر، فشل آلية كوفاكس التي أسست لضمان الإمداد العادل للقاحات كورونا في العالم لكن عدم المساواة في توزيع اللقاح لاتزال قائمة.
باختصار المسؤولية تعود إلى غياب التضامن الصحي خارجيا وإدارة الأزمة داخليا.
المصدر: أصوات مغاربية