Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

الكسكس من الأطباق الحاضرة أيضا في المائدة الرمضانية
الكسكس من الأطباق الحاضرة أيضا في المائدة الرمضانية

من "سيوة" المصرية إلى "تمنراست" الجزائرية ثم "سوس" المغربية، يحتفل أمازيغ المنطقة المغاربية بحلول شهر رمضان وفق تقاليد وعادات قديمة تتوارثها الأجيال. 

ورغم الاختلافات الثقافية التي عمّقها البعد الجغرافي - حتى داخل البلد الوحد - إلا أن هناك عناصر تشابه بين أكلات وتقاليد وطقوس أمازيغ المغرب الكبير.

وفي ما يلي بعض عناصر التشابه والاختلاف:

"الوزيعة" بـ"سوس" و"القبائل"

يحتفل بعض أمازيغ منطقة سوس بجنوب المغرب في أولى أيام رمضان بموروث ثقافي قديم، يجسد قيّم التكافل داخل دائرة المجتمع القصير للقرية.

ويُسمى هذا التقليد "الوزيعة"، إذ تقوم القبيلة بجمع مبلغ من المال لشراء عجل أو بقرة سمينة ونحرها بقصد توزيع اللحوم على جميع الأسر.

الوزيعة في الجزائر

وبينما ينتظر البعض الأيام الأولى لشهر رمضان من أجل جمع المال ومشاركة الوزيعة، تبدأ هذه العملية مبكراً في مناطق أمازيغية أخرى بالجزائر، مثل تيزي وزو، وبجاية، و سطيف، وبرج بوعريريج.

وتسمى هذه العادة التكافلية في منطقة "القبايل" بـ "تيمشراط".

وما يميز الوزيعة كمظهر للتآلف والتكافل القبلي هو توزيع اللحوم بطريقة غير متساوية، إذ يحصل الفقراء على نصيب أكبر من أعيان وكبار القبيلة. 

أطفال "سيوة" و"تمنراست"

يُعد الأمازيغ في واحة "سيوة" من أبرز الأقليات في مصر.

وما يزال نحو 15 ألف شخص يعيشون في الواحة، أي تقريبا نصف السكان، ويتحدثون "السيوي"، كما أنهم يتمسكون بتقاليد رمضانية ضاربة في القدم. 

ففي هذه المنطقة المعروفة بتديّنها، تحتفي العائلات بصيام الأطفال لأول مرة على طريقة خاصة، إذ يتحول الصغار إلى أبطال داخل القرية يتسارع الجيران إلى استقبالهم بحفاوة على وجبة الفطور احتفاء ببلوغهم سن الصوم. 

حرفيون أمازيغ في واحة سيوة الصحراوية الغربية في مصر

وفي أقصى الجنوب الجزائري، وتحديدا بـ"تمنراست" و"إليزي"، تحرص العائلات الأمازيغية الطارقية على استغلال فرصة رمضان من أجل تنظيم عملية ختان جماعي للأطفال الذكور.

 وتشترك العائلات في تنظيم احتفالية بهذه المناسبة من خلال ختان العائلة الواحدة أطفالها جماعيا والاحتفاء بهم.

تنوعات مطبخية

حتى داخل البلد الواحد، توجد تنوعات مطبخية وثقافية مختلفة في البيوت الأمازيغية.

ويعتقد بعض الأمازيغ أن أكلات محددة تمنح مقاومة شديدة للجوع لدى الصائم بفعل العناصر الغدائية التي تتمتع بها. 

وعلى سبيل المثال، فإن أمازيغ غرب ليبيا، خاصة مدينة زوارة، يشتهرون بالإقبال على أكلة "الظمنت"، وهي مكونة من القمح والعدس والحمص وقشور البرتقال، وزيت الزيتون. 

وفي المغرب والجزائر وتونس أيضا، تظل الشربة الوجبة الرئيسة التي لا يكاد يخلو منها بيت أمازيغي طيلة شهر الصيام. 

وتختلف طرق إعداد الشربة بين العائلات الأمازيغية حسب كل منطقة. ففي تونس، يتم إعدادها من محاصيل الشعير، أما في منطقة "الريف" شمال المغرب فيتم إعداد حساء "إوزان" أو "العصيدة" بالقمح أو الذرة.   

واعتادت بعض القبائل بمنطقة "سوس" على إعداد "أزكيف نتومزين"، وهو حساء من الشعير، يتم تناوله إما في وجبة الإفطار أو السحور.

وعلاوة على ذلك، تظل أطباق أخرى لازمة للأمازيغ مثل "الكسكس"، وأنواع مختلفة من الرغيف المحشو، بالإضافة إلى الطاجين الفخاري بلحم الدجاج "البلدي" الأصيل في ليلة الـ27 من رمضان.

طلاء البيوت وتبادل الزيارات 

يقوم أمازيغ "الشاوية" بالشرق الجزائري في جبال الأوراس بطلاء البيوت خلال الأيام الأولى من رمضان أو قبل ذلك، كما يعملون أيضا على تجديد الروتين بتغيير بعض الأشياء المألوفة لإضفاء طابع خاص على المناسبة.

وعلى سبيل المثال، تقوم السيدات بتجديد أواني الطهي وتزيين البيت استعداد لاستقبال العائلة والضيوف.

يحتفظ الأمازيغ في بعض المناطق الليبية بتنظيم أول إفطار في بيت الجد

ففي كثير من المناطق في الجزائر وليبيا، يحرص الأمازيغ على عادة تبادل الزيارات والمآدب بين الأصدقاء والعائلة.

وفي جنوب غرب الجزائر، تسمى هذه العادة "تانشتا"، إذ تتناوب العائلات على استقبال الضيوف بعد صلاة التراويح والسهر أحيانا إلى حدود الرابعة صباحا لتناول وجبة السحور.  

وفي الجبل الغربي في ليبيا، تحرص العائلات على زيارة بيت الجد في أول إفطار رمضاني من أجل مشاركة المناسبة مع جميع أفراد العائلة حيث يجتمع الكبير والصغير في لمّة عائلية واحدة.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

مكناس
جانب من السور التاريخي لمدينة مكناس

نالت أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إعجاب الآلاف وربما الملايين من المستمعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها بعد أن أداها عدد من كبار الفنانين في المنطقة.

ورغم ترديد الجمهور لها إلا أن الكثيرين قد لا يعلمون أن تاريخ كلمات هذه الأغنية يعود لأزيد من 700 سنة.

أصل الأغنية

تنتمي أغنية "شويّخ من أرض مكناس" إلى الزجل الأندلسي، وهي من تأليف الشاعر أبو الحسن الششتري المولود في كنف أسرة ميسورة بغرناطة عام 1212 م.

درس الششتري علوم الفقه والدين وأحب الفلسفة، وذكرت مصادر تاريخية أن قربه من البلاط في الأندلس لم يمنعه من الاستمرار في البحث عن معنى الحياة.

وفي أحد الأيام قرر الششتري الهروب من رغد عيشه إلى حياة الزهد، وساعده في ذلك تعرفه على المتصوف عبد الحق ابن سبعين (1219-1270) الذي نصحه بالانتقال إلى المغرب إن أراد الدخول في الصوفية.

انتقل الأندلسي إلى فاس ومنها إلى مكناس، ويقال إن ابن سبعين نصح الوافد الجديد بنزع ملابسه الفاخرة وارتداء أخرى بالية مرقعة وأن يحمل بنديرا (آلة إيقاعية) في يده ثم يجوب الأسواق مرددا الصلاة على النبي محمد.

نفذ الششتري وصية ابن سبعين وصار يمشي في حواري وأسواق مكناس بملابسه البالية وعبر لاحقا عن هذه التجربة الفريدة في قصيدة "شويّخ من أرض مكناس" التي دعا فيها الناس إلى الزهد وحسن الأخلاق واعتزال مغريات الدنيا.

وتقول الأغنية:

شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس

وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن النَّاس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب

مِن جمِيع الخَلايقْ

إِفْعَل الخيرَ تنْجُو

واتبعْ أهلَ الحقائق

لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ

إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق

خُذ كلاَمِي في قُرْطاس

واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ثم قول مبين

ولا يحتاج عبارة

أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ

إِفْهَمُوا ذِي الإشاره

وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي

والعصي والغَزَارَه

هكذا عِشْتُ في فاسْ

وكَذاكْ هُونْ هُونِي

أشْ عَلَيَّا مِن الناس

وأشْ على النَّاسِ منِّي

ويلاحظ أن من بين كلمات الأغنية، تعابير من الدارجة المغربية (اللغة العامية)، كما أنها كُتبت وفق نفس صوفي ينقل المستمع إلى أسواق مكناس القديمة.

حياة جديدة بعد مئات السنين

وبعد حوالي سبعة قرون تقريبا من كتابة القصيدة، وتحديدا عام 1982، أعاد الملحن البحريني خالد الشيخ الروح إلى "شويخ من أرض مكناس"، بعد أن عثر عليها صدفة ضمن دراسة حول الزجل الأندلسي نشرت في مجلة مصرية في خمسينيات القرن الماضي.

أُعجب الشيخ بالقصيدة وقرر غناءها رغم احتوائها على كلمات وتعابير من الدارجة المغربية، ثم أداها لاحقا مواطنه الفنان أحمد الجمبري.

انتشرت الأغنية في الخليج العربي وكانت من بين الأغاني التي يطلبها الجمهور ويتفاعل معها سواء في اللقاءات والبرامج التلفزيونية أو في الملتقيات والمهرجانات الفنية.

وبعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق انستغرام وتيك توك، تعرف الجيل الصاعد على "شويخ من أرض مكناس" وأحبها، بل تحولت عام 2023 إلى واحدة من أكثر الأغاني شهرة (تراندينغ) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي السياق نفسه، انضم فنانون جدد إلى لائحة المؤدين لأغنية "شويخ من أرض مكناس"، على غرار الفنانة المغربية أسماء المنور  والإماراتية أحلام والعراقي كاظم الساهر، إلى جانب الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله الذي غناها في حفل بالبحرين عام 2022 حضره 15 ألف متفرج.

عاما بعد ذلك، طرح عبد المجيد عبد الله فيديو الحفل على قناته الرسمية على يوتيوب وحقق 30 مليون مشاهدة، كما تناقله العديد من النشطاء في الشبكات الاجتماعية.

وظهر مدى اتقان الجمهور عبر منطقة الشرق والأوسط وشمال إفريقيا لـ"شويخ من أرض مكناس" في حفلات الموسيقار المغربي أمين بودشار، وهو فنان اشتهر في السنوات الأخيرة بأسلوب فريد يقوم على اقتصار فرقته الموسيقية على عزف ألحان الأغاني وإسناد وظيفة الغناء للجمهور.

وأظهرت مقاطع فيديو خلال إحياء بودشار لحفلات بعدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيف تفاعل الجمهور بالأغنية وكيف يتراقص على نغماتها.

المصدر: أصوات مغاربية