يعد المؤرخ علي صدقي أزايكو، من بين أهرامات النضال الأمازيغي بالمغرب، وأحد أبرز الباحثين الأوائل الذين سخروا كتاباتهم للدفاع عن المسألة الأمازيغية متحديا بذلك "خطوطا حمراء" كانت إلى وقت قريب تحيط بالمسكوت عنه في تاريخ المغرب.
ولد أزايكو عام 1942 بقرية إكران ن تاوينخت الواقعة بإقليم تارودانت، (جنوب)، ثم انتقل إلى مراكش حيث أكمل دراسته الابتدائية والثانوية، ثم التحق بمدرسة تكوين المعلمين بالمدينة نفسها حيت تخرج أستاذا عام 1962.
عمل أزايكو لسنوات قليلة كمعلم للتعليم الابتدائي نواحي مراكش، لكن شغفه بالعلم وبالبحث العلمي دفعه إلى شد الرحال إلى العاصمة الرباط، حيث تابع دراسته بكلية الآداب والعلوم الإنسانية إلى أن نال الإجازة في التاريخ عام 1968.
أربع سنوات بعد ذلك، عين أزايكو أستاذا لمادة التاريخ بالجامعة نفسها، وانطلقت رحلته في البحث العلمي في مجال تاريخ المغرب وثقافته، بل امتدت كتاباته لتشمل تاريخ المنطقة المغاربية قبل دخول الإسلام إليها.
موازاة مع حرصه على إتمام دراسته الجامعية، كان أزايكو أحد المؤسسيين الأوائل لجمعية البحث والتبادل الثقافي (أمريك) سنة 1967، وهي أولى الجمعيات المغربية التي اهتمت بالثقافة الأمازيغية وبالتعدد الثقافي بالمغرب.
اهتم أزايكو في كتاباته الأولى بتاريخ المغرب وبتعدد ثقافته، وكان من بين نشطاء الجمعية الذين زاوجوا بين العمل الجمعوي وبين التأليف، كما كان وراء إصدار دورية "أراتن" (الكتابات) التي تعد وفق عدد من الباحثين، أول دورية أمازيغية بالمغرب.
سؤال الهوية يقوده إلى السجن
حماس أزايكو من أجل مغرب متعدد يتصالح مع تاريخه، سبب له الكثير من المتاعب مع السلطة، ففي عام 1981 تعرض للاعتقال بعد مقال عنونه: "في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية"، نُشر في العدد الأول من مجلة أمازيغ.
سُحبت المجلة ومنعت من الأسواق، وأمضى أزايكو إلى جانب نشطاء آخرين فترة اعتقال ثم محاكمة وسجن لمدة عام بتهمة "المس بأمن الدولة"، ليصنف كأول معتقل سياسي أمازيغي في تاريخ البلاد.
شكل مقال أزايكو، الذي وقعه باسم مستعار "ع. أوزوليط"، حول الثقافة الوطنية معطفا في تاريخ الحركة الأمازيغية بالمغرب، إذا كان المقال جريئا في تناول المسألة ودون تحفظ، وفق عدد من الباحثين.
ففي المقال، كتب أزايكو "لا نعتبر اللغة العربية وحدها اللغة الوطنية الوحيدة في وطننا، لأن في ذلك اجحافا كبيرا، وتضليلا سافرا وبعدا عن الحقيقة الاجتماعية التي نعيشها، فبحانب العربية، توجد اللغة الأمازيغية التي ما تزال تستعملها نسبة كبيرة من مواطنينا وفي مختلف أنحاء المغرب وهذه الحقيقة المرة التي يخفيها أو يتجاهلها المسؤولون في هذه البلاد".
وبالإضافة إلى انتقاد تعامل أجهزة الدولة والأحزاب السياسية مع القضية في المغرب، تطرق أزايكو لما وصفه بـ"التدخلات الأجنبية في منطقة شمال أفريقيا"، في إشارة إلى الفتوحات الإسلامية وإلى الاستعمار.
وعنها كتب "كل هذه التدخلات تشترك جميعها في كونها أجنبية لغة وحضارة وفي كونها تخطت إلينا الحدود بقوة السلاح، وفي كونها حاولت أن تفرض لغتها وحضارتها على الأمازيغيين وفي كونها كانت تستغل البلاد والسكان استغلالا ماديا".
مؤلفات وأبحاث
أمضى أزايكو فترة السجن في التأليف والكتابة عن القضية الأمازيغية بالمغرب، ما زاد من متاعبه مع السلطة، إذ تم توقيف راتبه لعامين وحذف سنتين من أقدميته الإدارية، وجمدت ترقيته لمدة خمس سنوت، لكنه أعيد إلى عمله عام 1984.
سنوات بعد ذلك، زادت الانتاجات الفكرية للباحث، ومنها، "الإسلام والأمازيغ، البدايات الأولى لدخول بلاد الأمازيغ في المجال الإسلام"، (2002)، "تاريخ المغرب أو التأويلات الممكنة" (2003)، رواية "تاسافت" (1989)، ديوان "تيميتار (العلامات)، بالإضافة إلى مشاركات في مجلات علمية وأبحاث، بينها مواد في معلمة المغرب.
أنهى أزايكو السنوات الأخيرة في حياته باحثا بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إلى أن توفي يوم 10 سبتبمر عام 2004.
المصدر: أصوات مغاربية