يُعرف شهر مارس في تاريخ الثورة الجزائرية (1954-1962) بتسمية "شهر العقداء"، ويعود سبب هذه التسمية إلى كثرة عدد قادة الثورة العقداء الذين سقطوا في هذا الشهر برصاص المستعمر الفرنسي، وأشهرهم العقيدان سي الحوّاس وسي عميروش.
قضى العقيدان القائدان - رفقة 70 من المقاومين - في معركة كبيرة ضد الجيش الفرنسي تدعى "معركة جبل ثامر" بمنطقة بوسعادة وسط الجزائر، في 28 من هذا الشهر من العام 1959.
مهمّة سرّية
كانت تلك المعركة كمينا نُصب لهما بينما كانا في طريقهما إلى تونس في مهمة سرّيّة كلفتهما بها قيادة الثورة، وتمثلت المهمة في الاتصال بالقيادة السياسية للثورة.
متحف العقيد سي الحواس في بلدية مشونش ولاية بسكرة كان يشغل المتحف منزل الشهيد السي الحواس ومكان ترعرعه ويقصده السياح بإعتباره مزار تاريخي بولاية بسكرة.#الجزائر #اكتشف_الجزائر #تاريخ_الجزائر pic.twitter.com/KXfV0JEZAr
— discover algeria 🇩🇿🥀 (@XilHad) September 22, 2020
كان عدد العقداء في الثورة الجزائرية قليلا جدا، ورتبة عقيد هي الأعلى في جيش التحرير الوطني آنذاك، لذلك كان الاستعمار يستهدفهم لضرب الثورة في رأسها حتى يسهل عليه القضاء عليها نهائيا.
قبل الثورة انضم العقيدان إلى "حزب الشعب الجزائري" لزعيمه مصالي الحاج، ومن هذا الحزب خاضا نضالا سياسيا ضد المستعمر وفيه أيضا رضعا مفهوم الحرية والاستقلال.
باندلاع الثورة في الفاتح نوفمبر 1954 تقدّم الرجلان الصفوف، فعيّن العقيد سي عمروش آيت حمودة (الاسم الكامل لسي عميروش) قائدا للولاية الثالثة (منطقة القبائل)، وعُيّن العقيد أحمد بن عبد الرزاق حمودة (الاسم الحقيقي لسي الحواس) قائدا للولاية السادسة (الصحراء).
نهاية "حامي الصحراء" و"جزار أكفادو"
كان الاستعمار الفرنسي يطلق على العقيد سي عميروش، المولود العام 1926 بمنطقة القبائل، لقب "جزّار أكفادو" (أكفادو اسم غابة) للتخويف منه، فلقد فتك سي عميروش رفقة رجاله بالعديد من جنود فرنسا وضباطها، كما كان يلقّب بـ"أسد الجبال".
ولم يكن العقيد سي الحوّاس أقلّ شأنا أيضا فعُرف ثوريا بلقب "حامي الصحراء"، باعتباره أبرز من وقفوا ضد خطة فرنسا لفصل الصحراء عن الجزائر.
لم يتمكّن العقيدان من بلوغ تونس، ففي "معركة جبل ثامر" اشتبكا مع قوات الجيش الفرنسي بعدما تقفّى جواسيس أثرهما، فـقُتل القائدان وأخفت فرنسا قبريهما ولم يتم العثور عليهما إلا بعد الاستقلال بسنوات.
وقد نشر الأرشيف التلفزيوني الفرنسي تسجيلا، تبدو فيه جثة العقيد سي عميروش معروضة في مسقط رأسه حتى يتعرّف عليه والده وليتأكّد الجميع من مقتله بعدما كان يرعب الاستعمار ويشجع الجزائريين على الثورة، كما كتبت صحف فرنسية تؤكّد مقتله، فعنونت صحيفة "باريس": إنه بالفعل عميروش، يؤكّد سكان القبائل".
وقبل ثلاثة أشهر انطلق بالجزائر تمثيل فيلم "حامي الصحراء" بتمويل حكومي، يتناول حياة سي الحواس، كما حوّلت منزله في قرية مشونش (جنوب)، التي ولد فيها العام 1923، إلى متحف.
المصدر: أصوات مغاربية