الدراعة الموريتانية (أرشيف)
مؤرخ موريتاني: بدايات ظهور "الدراعة" في البلاد تعود إلى منتصف القرن 18

يعتبر الموريتانيون من الشعوب الأفريقية المحافظة على ارتباطها الوثيق بملابسها التقليدية، وعلى رأسها "الدراعية" التي يلبسها الرجال في هذا البلد المغاربي في جميع المناسبات الرسمية والاجتماعية. 

ورغم بعض المحاولات الرسمية والشعبية لتحويل الدراعة إلى ثوب للمناسبات والتحول نحو ملابس أكثر ملاءمة للعمل والإنتاج، بقي ذلك اللباس التقليدي حاضرا وبقوة في مختلف الميادين والساحات.

وجاء في الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة الموريتانية أن الأزياء التقليدية في البلاد ظلت تحافظ على مكانتها في المجتمع رغم الانفتاح و"التغيرات على سلوك الكثير من الشباب من حيث العادات والتقاليد".

موائمة للظروف والمناخ

وفي تفسيره لارتباط الموريتانيين بـ"الدراعة" يقول الكاتب الصحفي محمد عالي، إن من أهم الأسباب هو "مواءمة هذا الثوب للظروف الحياتية ولطبيعة المناخ الصحراوي الحار لهذه الجغرافيا".

ويتميز هذا الزي التقليدي بأنه مريح ويوافق الصحراء فأغلب القماش "فضفاض ومن أثواب خفيفة وصيفية ذات ألوان زاهية تناسب مناخ البلاد" بحسب موقع وزارة الثقافة.

ويرجع الباحث في التاريخ الموريتاني، محمد عالي، تمسك الموريتانيين بملابسهم التقليدية إلى اعتبارها "جزءا من مكوناتهم الثقافية"، كما أنها  في الوقت نفسه "انعكاس لتاريخهم وتراثهم وجزء مهم من عاداتهم".

رجل يلبس الدراعة بمدينة شنقيط الأثرية (أرشيف)

واعتبر المتحدث نفسه، في حديث مع "أصوات مغاربية"، أن كل تلك الأسباب، جعلت "إقناع المجتمع الموريتاني بالتخلي عن الملابس التقليدية ضربا من الخيال".

ودليلا على ذلك ساق عالي دعوة وزارة التعليم هذا العام للمدرسين والأساتذة للتخلي عن "الدراعة" داخل المؤسسات التعليمية، وهو قرار "لم يطبق إلا في الأيام الأولى من إصداره ثم عاد الجميع عنه".

وبداية العام الدراسي الحالي، أصدرت وزارة التهذيب الوطني (التعليم) في البلاد، قرارا يقضي بمنع ارتداء "الدراعة" أثناء التدريس في المدارس العمومية، مشددة على ضرورة التقيد بهذا الإجراء.

تاريخ قديم

من جانبه، أرجع الباحث في التاريخ الموريتاني عبد الله ولد محمد الأمين بدايات ظهور "الدراعة" في المجتمع الموريتاني إلى منتصف القرن 18، وكانت آنذاك "تخاط دون تطريز ودون جيوب".

وأضاف في اتصال مع "أصوات مغاربية" أنه تم تطويرها بعد ذلك لتصل إلى شكلها الحالي "ذات جيب كبير على الصدر وبفتحات جانبية كبيرة وفتحة من الأسفل لإدخال أكبر قدر من الهواء للجسم".

وأضاف محمد الأمين أن "الدراعة" كانت قديما "خيمة متنقلة" ويمكن لصاحبها أن "يعلقها على أقرب شجرة وجدها في الصحراء لتقيه من حرارة الشمس".

ويتم تصميم وخياطة الدراعة الموريتانية وتطريزها محليا و بطرق خاصة كثيفة وغالية الثمن أحيانا، إذ تعتبر خياطة التطاريز في حد ذاتها فنا ومهنة للكثير من الخياطين وتزدهر في زمن الأعياد.

خياط في سوق العاصمة يقوم بتطريز "الدراعة"

ويختلف سعر الدراعة حسب نوعية الثوب وجودة التطريز ويتراوح ما بين 40 دولارا و200 دولار، وتتنوع هذه الملابس بين ذوات ثوب خفيف وصيفي هي الأكثر رواجا بسبب ارتفاع درجة الحرارة، وانخفاض سعرها مقارنة مع الأنواع الأخرى، التي تعتبر أكثر سماكة واستخداما في المناسبات الخاصة.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

الثلوج تكسو واحات نخيل بزاكورة، جنوب شرق المغرب (أرشيفية)
الثلوج تكسو واحات نخيل بزاكورة، جنوب شرق المغرب (أرشيفية)

لا يحجب تهاطل كميات كبيرة من الأمطار وتسببها في سقوط العديد من الضحايا وتدمير جزء من البنى التحتية "استبشار" العديد من سكان المناطق والقرى المغاربية المعروفة بمناخها الجاف بتلك التساقطات خاصة أنها تأتي بعد سنوات طويلة من الجفاف.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت مقاطع فيديو وصور توثق لـ"عودة الحياة" إلى العديد من المناطق الجافة، ما جعلها قبلة يحرص جزء من سكان المدن على زيارتها.

ففي موريتانيا التي يؤثر التصحر على ما يقرب من 84 بالمئة من إجمالي مساحتها، وفق أرقام وزارة البيئة، نشر نشطاء صورا تُظهر نمو الغطاء النباتي في العديد من المناطق الصحراوية الجافة بفعل تهاطل كميات كبيرة من الأمطار في الفترة الأخيرة.

🔴🔴| حمولة لا باس بها فهاد الأثناء ولله الحمد لواد زاوية سيدي بلال القادم من بوزار في اتجاه واد أحميدي الكبير . الحمد لله...

Posted by ‎زاوية سيدي بلال بعيون أبنائها‎ on Saturday, September 7, 2024

وفي المغرب، الذي يعاني شح المياه بعد ستة أعوام من الجفاف وانخفاض مخزون السدود إلى أقل من 28 بالمئة نهاية أغسطس، لقي أشخاص عدة مصرعهم إثر أمطار غزيرة شهدتها المنطقة.

ورغم الخسائر البشرية والمادية الفادحة لهذه الفيضانات، فإن ذلك لم يمنع سكان هذه المناطق من التعبير عن فرحتهم بعد سنوات طويلة من الجفاف.

وقال أحد سكان مدينة ورزازات لفرانس برس "لم نعرف مثل هذه الأمطار منذ نحو عشر سنوات. لقد جاءت في ظرف مهم لأن المنطقة تعاني الجفاف منذ عقد".

ويعد الجفاف مشكلة كبيرة في المغرب نظرا لتأثيره المباشر على القطاع الزراعي الذي يشغّل نحو ثلث السكان في سن العمل، ويمثل نحو 14 في المئة من الصادرات.

🔴👈 منظر مذهل 😍 حيث تحولت صحاري جنوب #الجزائر 🇩🇿 إلى #مروج خضراء بسبب #العواصف المدارية المتتالية في الآونة الأخيرة (أقوى وأكثر استمرارية من أي وقت مضى) ⛈️ #تمنراست .

Posted by ‎الجلفة تاريخ وحضارة‎ on Monday, September 9, 2024

وامتدت الظروف المناخية إلى غرب الجزائر أيضا، حيث هطلت أمطار غزيرة سببت سيولا جارفة اضطُرت مصالح الوقاية المدنية للتدخل مرات عدة ليل السبت الأحد، وفق ما أفادت في بيان.

وانُتشل جثمان فتاة جرفتها السيول في ولاية إليزي، فيما يتواصل البحث عن شخص آخر كان عالقا داخل سيارة داهمتها سيول في ولاية تمنراست، بحسب المصدر نفسه، علما أن كلا الولايتين في أقصى جنوب البلاد ومعروفتين بجفافهما.

تغيير استثنائي أم دائم؟

ويرجح الخبير المغربي في المناخ، محمد بنعبو، أن "تستمر التغيرات المناخية في التزايد خلال السنوات المقبلة، لتصبح أكثر عنفا وتطرفا"، معبرا عن مخاوفه من "آثارها السلبية على البنى التحتية وحياة السكان".

وقال بنعبو في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن "بعض المناطق في المملكة المغربية استقبلت خلال 48 ساعة فحسب أزيد من ضعف معدلات التساقطات المطرية السنوية".

 

وأوضح بن عبو أن "بعض الأدوية لم تشهد سيلانا للمياه منذ 7 عقود"، مشيرا إلى أن "صحاري قاحلة شهدت موجات أمطار طوفانية أعادت الحيوية لهذه المناطق وأحيت مجموعات بيولوجية وطبيعية كادت أن تنقرض".

وتابع أن "هذه الأمطار تعيد الحياة للعديد من المنظومات البيولوجية، لكن ذلك لا ينفي المخاطر الكبيرة للتغيرات المناخية التي باتت تتسم بالتطرف".

 

المصدر: أصوات مغاربية