تمثل مدينة وادان الأثرية جزء امهما من الثقافة الموريتانية، كما تحظى بمكانة خاصة لارتباطها بتاريخ البلاد واقتصاده، وتعتبر أيضا من بين أبرز الوجهات السياحية في هذا البلد المغاربي.
وصنفت منظمة اليونسكو، منتصف تسعينيات القرن الماضي، مدينة وادان، إلى جانب شنقيط وتيشيت وولاتة الموريتانية، كمواقع أثرية وجزءا من التراث الإنساني العالمي.
كما احتضنت هذه المدينة التاريخية، التي تأسست في القرن ١١ ميلادية، "مهرجان مدائن التراث" (حكومي) لعام ٢٠٢١، الذي استمر أسبوعا بهدف تسليط الضوء على المكانة الأثرية لهذه المدينة ذات الصيت السياحي والثقافي.
مكانة تاريخية واقتصادية
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، يقول الباحث في المركز العالي للدراسات بموريتانيا، عبد الله ولد جدين، إن مدينة وادان "اشتهرت بالعلم والرفاه الاقتصادي".
وأضاف ولد جدين أن أحد شوارع المدينة القديمة لوادان، والذي ما زال قائما حتى اليوم، سمي "شارع الأربعين مفتي"، لأنه كانت "تمتد على طوله منازل في كل منها عالم بلغ درجة الإفتاء".
وأشار إلى أنه على الجانب الاقتصادي، شهدت المدينة أوج ازدهارها في بدايات القرن الـ٦ الهجري بسبب "موقعها الجغرافي الواقع في طريق القوافل التجارية ونسبة الاستقرار والأمان فيها آنذاك".
وأضاف المتحدث نفسه أن الواد الثاني الذي يكمل تسمية المدينة هو "سلسلة واحات النخيل التي تنطلق من السور القديم وتمتد لكيلومترات عديدة"، وتلك "كانت جزءا مهما من ثراء المدينة اقتصاديا وعامل جذب للزوار".
وأردف أن تلك المكانة أكسبت مدينة وادان سمعة كبيرة في المنطقة المغاربية، إذ ينتشر في ليبيا المثل الشعبي "التمر فزاني (نسبة إلى مدينة فزان في ليبيا) والعلم واداني" نسبة إلى مدينة وادان الموريتانية.
"وادي علم ووادي تمر"
وفي السياق نفسه، يقول المؤرخ الموريتاني، الطالب أحمد ولد أطوير الجنة، في كتابه "تاريخ ولد أطوير الجنة"، إن اسم مدينة وادان هو واديان "وادي علم، ووادي تمر".
ورغم تلك هي الرواية السائدة إلا أن التأويلات حول اسم المدينة ومدلولاته تنوعت وظلت دائما محل جدل بين المؤرخين.
ومن جانبه، يقول سيدي محمد ولد الشيخ سيد المختار الكنتي، في كتابه "الرسالة الغلاوية"، إن كلمة وادان هي تحريف لكلمة "لنوالان" البربرية، التي تعني "الملاذ الآمن للحيوانات البرية".
لكن الكاتب الموريتاني محمد الأمين ولد الكتّاب، يرى أنه لا جدال في أن كلمة وادان هي "تبسيط لكلمة واديان التي هي مثنى كلمة وادٍ العربية".
ويتحدث في كتابه "وادان إحدى أقدم حواضر بلاد شنقيط" أن الراجح هو "رجوع تلك التسمية إلى كثرة العلماء وانتشار أشجار النخيل في هذه المدينة التاريخية".
وحاليا، تتكون هذه المدينة التاريخية من طرفين أحدهما غير مأهول ويعرف بالمدينة القديمة التي تعتبر وجهة سياحية لكثير من السياح الأجانب، أما الطرف الثاني فهو المدينة الحديثة التي باتت بلدية من أهم بلديات الشمال الموريتاني.
المصدر: أصوات مغاربية